رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

في ذكرى اتفاق "إبراهيم".. ماذا قدمت الإمارات إلى فلسطين؟

نشر
الأمصار

تعد العلاقة بين الإمارات وفلسطين قائمة وبزخم منذ قبل قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويشكل البلدين جزءً من منطقة الشرق الأوسط كما أنهما يتشاركان معا روابط ثقافية قوية ومتشابهة.

ذكرى اتفاق "إبراهيم"

بدعمٌ ثابتٌ للقضية الفلسطينية يجسد وعودا لطالما قطعتها قيادة دولة الإمارات بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومطالبه المشروعة.

واليوم، وبعد مرور 3 سنوات على الاتفاق الإبراهيمي، الذي وٌقع في البيت الأبيض ومع تغير الحكومة الإسرائيلية 3 مرات، أزيل قرار ضم الضفة الغربية بالكامل من جدول أعمال تل أبيب.

وبذهاب إدارة أمريكية وقدوم أخرى جديدة فإن ثمة شيء ثابت أرسته دولة الإمارات العربية المتحدة، بأن العرب وإن كانوا يعقدون اتفاقات السلام مع إسرائيل فإنهم لم ولن يتخلوا عن الفلسطينيين.


وقال دبلوماسي غربي كبير، "كان الشرط الإماراتي للسلام مع إسرائيل واضحا، وهو وقف ضم إسرائيل أراضي الضفة الغربية، وهو ما تم وما زال قائما رغم تغير الحكومات الإسرائيلية".

وأضاف الدبلوماسي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "كي نكون واضحين لقد شكّل الموقف الإماراتي منذ ذلك الحين نموذجا للدول التي تبحث إقامة علاقات مع إسرائيل، فهي، مثل دولة الإمارات، تريد المقابل لصالح فلسطين في أي اتفاق تبرمه مع إسرائيل".

ولم يكن منع الضم هو الوحيد الذي نجحت دولة الإمارات بتحقيقه من خلال اتفاقها مع إسرائيل، فهي كانت مع الفلسطينيين في اللحظات الحاسمة، وهو ما تم التعبير عنه من خلال المواقف السياسية لها وأيضا خلال ترؤسها مجلس الأمن الدولي.

صوت قوي وأيادٍ بيضاء
وتردد صوت دولة الإمارات بشكل واضح وقوي في إسرائيل، بإدانتها محاولات تل أبيب تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم للمسجد الأقصى واقتحامات المتطرف إيتمار بن غفير للمسجد، وإدانتها الشديدة للاستيطان وعنف المستوطنين.

وكانت دولة الإمارات السباقة في تقديم يد العون للفلسطينيين في حوارة، جنوب نابلس، بعد هجمات المستوطنين، تماما كما كانت السباقة في تقديم الدعم لمخيم جنين بشمال الضفة الغربية بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ضد المخيم.

وامتدت أيادي دولة الإمارات البيضاء للفلسطينيين من رفح في الجنوب وحتى جنين في الشمال.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلنت دولة الإمارات عن مساهمتها بمبلغ وقدره 20 مليون دولار أمريكي (73.6 مليون درهم)، لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا".

وتحرص الوكالة الأممية على توفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين.

وإن كانت الاتفاقيات أكدت أن العرب لم ولن يتخلوا عن الفلسطينيين، فإن ثمار السلام عمت أيضا شعوب الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات.

ولعل آخر هذه المواقف هي الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول من اعترف بهذه السيادة.

كما بشّرت اتفاقيات إبراهيم بعصر جديد للتجارة العالمية امتدت آثارها حتى لشعوب الدول التي لم تنضم للموقعين على الاتفاقات، فنمت التجارة بين هذه الدول وتم توقيع عشرات الاتفاقيات المالية والاقتصادية الثنائية التي تسهل التجارة والاستثمار ما انعكس بشكل إيجابي على المواطنين.

وفي هذا الإطار وقعت دولة الإمارات اتفاقية تجارة حرة مع إسرائيل ستكون نموذجا لاتفاق مشابه يجري بحثه بين إسرائيل والبحرين، دون استبعاد المزيد من الاتفاقيات.

قفزة بالأرقام
وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها، فقد بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، 1.291 مليار دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 41.59% عن الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

فيما بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل والبحرين 5.2 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 23.81٪ عن الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

وبلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل والمغرب 33.4 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 110.06٪ مقارنة بالأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

وخلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل ومصر 135 مليون دولار، مما يمثل زيادة بنسبة 4.57% عن الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

الأكثر من ذلك، فتحت اتفاقيات السلام، الآفاق أمام بحث مشاريع ربط ضخمة تفتح الحواجز ما بين الدول ويشعر بفوائدها كل المواطنين.

إذ تم تدشين خطوط الطيران المباشرة ما بين دول اتفاقيات إبراهيم، الأمر الذي مكّن أعدادا كبيرة من مواطني هذه الدول من تبادل الزيارات للمرة الأولى.

وفتحت اتفاقيات إبراهيم الطريق أمام المزيد وعلى ذات المبادئ، وهو ما حدا بالولايات المتحدة الأمريكية إلى تعيين مبعوث خاص لتوسيع هذه الاتفاقيات وهو دانيال شابيرو.

العلاقات بين الإمارات وفلسطين.

يشكل البلدين جزءً من منطقة الشرق الأوسط كما أنهما يتشاركان معا روابط ثقافية قوية ومتشابهة.

كما أن الإمارات كغيرها من البلدان الإسلامية تدعم استقلال فلسطين. يُقيم مئات الفلسطينيين في الإمارات العربية المتحدة بغرض العيش والعمل فيها.

بدأت العلاقات الفلسطينية الإماراتية الرسمية في عام 1968 عندما افتتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في أبو ظبي وكان أول مدير له جميل إسماعيل حسن الرمحي، وفي 5 فبراير 1989 وضع الشيخ زايد وياسر عرفات حجر الأساس لسفارة دولة فلسطين وافتتحت في 2 مايو 2010. تُعد الإمارات أول دولة عربية تعترف بدولة فلسطين بعد إعلان استقلالها في عام 1988.

وبرز الشيخ زايد مؤسس الإمارات العربية المتحدة في فترة حكمه بتقديم الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني. يُطلق اسمه على عدة منشآت أبرزها مدينة الشيخ زايد السكنية في شمال قطاع غزة، وجناح الشيخ زايد للطوارئ في مجمع فلسطين الطبي، ومسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

توتر العلاقات
في مايو 2019، شنت السلطات الإماراتية على الفلسطينيين المقيمين على أراضيها سلسلة من الملاحقات والاعتقالات تعرض لها العشرات من أنصار حركة حماس ومؤيدوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس من حركة فتح.

وفي 21 مايو 2020، ذكر رئيس وزراء دولة فلسطين محمد اشتية أن الإمارات أرسلت مساعدات صحيّة بواسطة طائرة إلى مطار بن جوريون في إطار مواجهة جائحة فيروس كورونا، وأنها نسقت مع الطرف الإسرائيلي بدلًا من الطرف الفلسطيني أو السفير الفلسطيني عصام مصالحة لدى الإمارات.

وفي 11 يونيو 2020 رفضت السلطة الفلسطينية استلام شحنة مساعدات طبية للمرة الثانية قادمة من الإمارات عبر مطار إسرائيلي ولنفس الأسباب.

عودة العلاقات
في 15 مايو 2022، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس دولة الإمارات العربية المتحدة لتقديم التعازي بوفاة الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد وتقديم التهنئة للرئيس الجديد محمد بن زايد. تُعد هذه الزيارة التي استمرت ليوم الأولى منذ عام 2011.

في 30 مارس 2023، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان بالتعيينات القيادية الجديدة.

في 6 يوليو 2023، أعلنت الإمارات عن تمويلها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى بمبلغ 15 مليون دولار لدعم عمليات الوكالة وخدماتها وإعادة تأهيل الخسائر في مدينة جنين ومخيمها.

وفي 11 مارس 2021، تسلمت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة نحو 40 ألف جرعة من لقاح سبوتنيك في مُقدمة من الإمارات. كما قدمت لها في 26 يناير 2022 نحو مليون جرعة من لقاح سبوتنيك في.