رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. عبد الحفيظ محبوب يكتب: هل ينجرف السودان إلى أتون حرب أهلية؟

نشر
الأمصار

هناك صحف عالمية ومنها أمريكية مثل فورين بوليسي تؤكد أن السياسات الأمريكية مهدت الطريق للحرب في السودان بسبب تركيزها هي وبقية الدول الغربية على المصالح الضيقة منذ أن انفجر الموقف المتوتر في 15 أبريل 2023 يأتي ذلك بعد غياب للنفوذ الأمريكي بعد 4 سنوات بعد أشهر من الاحتجاجات في أوائل عام 2019، لكن كان هناك دور للولايات المتحدة بالتعاون مع السعودية ومصر في تشكيل ضغط على المحتجين والجيش لتشكيل حكومة انتقالية مع صياغة دستور انتقالي تقرر بموجبه إجراء الانتخابات في 2022، لكن أطيح برئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك الذي لم يكن يمتلك أي سلطات، وما عجل الصراع كان هناك اتفاق مصالحة وخطة إصلاح للقطاع الأمني دعمتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة في السودان، لكن قوات الدعم السريع ترفض التخلي عن النفوذ والسلطة الذي حققته، كانت جهود صنع السلام مجرد نسخا مكررة للاتفاقيات المبرمة في جنوب السودان في عامي 2013 و 2016 التي قادت إلى حروب أهلية.

الأولى من نوعها واشنطن تفرض عقوبات على شقيق حميدتي الذي ارتكب جرائم حرب، ومن جهة أخرى يزور رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الفترة من 20-25 من سبتمبر 2023 ويرافق البرهان في رحلته وزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير عام جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل، ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم محمد، وعدد من الفنيين من الجهات ذات الصلة، وتعتبر هذه الزيارة الثالثة منذ بدء الحرب بعد زيارة مصر وجنوب السودان وهي لها دلالات على أن الولايات المتحدة حصلت على تموضوعات في السودان على حساب روسيا التي تود الحضور إلى السودان وفق اتفاقيات موقعة سابقا مع الطرفين البرهان وحميدتي وهو ما أغضب الولايات المتحدة وهذه الحرب مكنتها من تحقيق مصالحها واستبعاد روسيا، خصوصا وأن البرهان أصدر قرار رئاسي بحل قوات الدعم السريع ومؤكد ان هذا القرار أتى بدعم الولايات المتحدة والدول الإقليمية وعلى رأسها السعودية ومصر رغم أن قوات التدخل السريع لا زالت مسيطرة على مساحات شاسعة من الخرطوم.

تتولى الولايات المتحدة والسعودية التوسط بين الجانبين عبر عدد من اللقاءات في جدة، لكن يبدو أنها لم تؤتي الثمار المطلوبة، وكذلك عقد الرئيس المصري لقاء جمع جيران السودان لمناقشة عدد من الحلول لوقف هذه الحرب بين الجانبين حتى لا تتحول إلى حرب أهلية، لكن خروج البرهان من الخرطوم إلى بورتسودان دلالة على أن الجيش يمكن أن يسيطر على الوضع في السودان رغم القوة التي لا تزال تمتلكها قوات التدخل السريع التي يقودها حميدتي بل راج أن هناك توافق بين الجانبين عند تحرر البرهان من الحصار في الخرطوم، وهو ليس صحيحا بل أكد البرهان عند مخاطبته لجنود البحرية انه لن يصافح أي خائن، ما فسر على أنه قد تلقى دعم امريكي سعودي مصري لمواصلة القضاء على الدعم السريع خصوصا بعدما وضح أثناء زيارته لمصر بأن الجيش لن يطمح في الاستمرار في السلطة وهي رسالة تطمين للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي وأنه على استعداد لوقف الحرب، وأن الشرطة السودانية جاهزة لتأمين المرحلة المقبلة تأكيد على أن الأوضاع داخل السودان مسيطر عليها من قبل الجيش ولن يدخل السودان في حرب أهلية لأن البرهان أكد في خطابه لجنود البحرية على وحدة السودان بعد هروبه من الحصار في قيادة الجيش في الخرطوم، وقد سبقه نائبه مالك عقار ووزير المالية جبريل إبراهيم الهروب إلى بورتسودان التي تبعد ألف كيلو متر عن العاصمة الخرطوم.

 ما يعني ذلك أن أغلب مناطق الخرطوم تقع تحت سيطرة الدعم السريع الذي سيطر أيضا على أغلب الجسور البالغ عددها 9 تربط بين المدن الثلاث وسيطر على بنك السودان المركزي، وأيضا سيطرعلى مطار الخرطوم وأجزاء كبيرة من منطقة القيادة العسكرية التي تحولت إلى مدينة مدمرة وبشكل خاص المناطق التاريخية بسبب صراع جنرالين صديقين تنافسا على السلطة فتقاتلا وسحقت تحت أسلحتهما المدينة الأجمل والأعرق الخرطوم التي قد لا تستعيد فتوتها لعقود من الزمان.

وأكد البرهان لجنود البحرية في بورتسودان أنه لن يتفاوض مع قوات الدعم السريع، وكل الحكومة هجرت الخرطوم إلى بورتسودان وحتى البعثات الدبلوماسية، يذكرنا بهروب الرئيس هادي إلى عدن بعد احتلال الحوثيين صنعاء، وما يحدث في السودان نفس السيناريو لكن الفارق أن الخرطوم أصبحت مدينة مهجورة بعدما هجر أهلها قدر عددهم بأكثر من 8 ملايين.