رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الحركة النسائية المغربية تستعجل إدخال تعديلات على مقتضيات مدونة الأسرة

نشر
الأمصار

طالبت الحركة النسائية المغربية بضرورة التعجيل بتعديل مقتضيات مدونة الأسرة الحالية المعمول بها منذ سنة 2004، وخصوصا ما يتعلق بالولاية الشرعية أو النيابة القانونية على الأطفال، باعتباره أحد مرابط الفرس في ما تعتبره النسائيات المغربيات “ظلما نسقيا يتم باسم القانون”؛ ولهذا، يبدو أن موضوع تعديل المدونة لا يزال يثير جدلا واسعا بعد أن “شدد عزيز أخنوش على أن تعديل المدونة يجب أن يتم في إطار المبادئ الوسطية للدين الإسلامي”.

قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، إن “تعديل مدونة الأسرة، وخصوصا مبدأ الولاية الشرعية، يجب ألا ننظر إليه كعداء ضد الزوج أو رغبة في إيذاء مصالحه”، مشيرة إلى أنه “ليس سوى تعبير عن قصور أبانت عنه المدونة المعمول بها منذ ما يقرب العشرين سنة، أدى إلى الإجهاز على العديد من حقوق المرأة وحقوق الطفل أيضا. ولذلك، نحن طالبنا في كل هذه الفترة بأن تكون الولاية مشتركة بين الأبوين، دفاعا عن المساواة بين الجنسين وعن الإنصاف باعتباره قيمة أسرية”.

وأضافت موحيا، في تصريحها لجريدة هسبريس، أن “المطالبة بتعديلها يحتاج قرارات جريئة وآراء مستنيرة؛ لأن الدين الإسلامي لا يمكن أن يقبل مثل هذا الظلم، وإنما الفقه الإسلامي كيّف الإسلام مع هذه المعايير، التي هي في الأصل قديمة ولا تصلح لواقعنا الإنساني الذي عاش مخاضات كثيرة على كافة الأصعدة”، موضحة أن “مبدأ الولاية الشرعية لا يحتاج إلى رأي ديني، بل فقط إلى تأمل، فليس منطقيا أن تتطلق المرأة من زوج ما وتبقى كل تفاصيل حياتها في حاجة إلى تأشيرة منه، كتغيير السكن مثلا سيحتاج إلى موافقة الأب على تغيير ابنه للمدرسة”.

وشددت المتحدثة على أن “الحضانة تعطى للمرأة؛ لكن ليس لها أي حق في التصرف في شؤون الأطفال المالية والإدارية والقضائية إلا بموافقة الزواج، وهذه الموافقة تشكل عراقيل كثيرة بالنسبة للنساء في معيشهم اليومي”، مفيدة أن “متابعة تفاصيل الحياة اليومية للطفل تكون للأم الحاضنة؛ ولكن في أحيان كثيرة تكون هناك حزازات بين الزوجين بعد الطلاق، فيبدأ الشد والجذب بين الرجل والمرأة، ويكون الضحية هو الطفل، وهذا يشكل حيفا حقيقيا، لا يراعي المصلحة الفضلى للطفل”.

من جانبها، اعتبرت أمينة التوبالي، عضوة ائتلاف “المناصفة دابا”، أن “الملفات الاجتماعية، التي تم تداولها وسمعنا عنها واطلعنا عليها، تؤكد جميعا أن الولاية الشرعية عبء على مدونة الأسرة المغربية. ومن ثم، يجب ألا نبحث عن مبررات كيفما كان نوعها للاستمرار هذه الأوضاع، التي تتضمن ظلما بالغا”، مشيرة إلى أن “مشكلة المادة 236 أنها حددت الولاية الشرعية للأب فقط؛ والمرأة تعاني من ذلك حتى أثناء الزواج، وليس بعد الطلاق فقط؛ لأن الزوج حين يكون مسافرا، فلا تستطيع الزوجة أن تقوم بأي إجراء بلا توكيل من الأب، كاستخراج سجل الحالة المدنية أو جواز السفر”.

وأضافت الباحثة في قضايا المرأة، ضمن حديثها لجريدة هسبريس، أن “القانون يجعلنا نتساءل حول دور الأم إذا كنا سنمنح لها فقط حضانة مُصادرة ومنقوصة، ستنتظر تأشيرة الأب في كل صغيرة وكبيرة وكأنها قاصر”، موضحة أن “حتى في بعض الحالات تقوم الأم بفتح حساب بنكي خاص بطفلها أو طفلتها، وتضخ فيه أموالا من أجرتها؛ ولكن سحب تلك الأموال بشكل قانوني يفرض حضور الأب باعتباره الولي الشرعي، وهذا يجعل الأطفال ضحايا لهذا القانون بشكل واضح”.

وأجملت التوبالي أن “الملفات تكشف عن العنف المادي والرمزي الممارس ضد المرأة وطفلها، بسبب الولاية الشرعية”، خاتمة بأن “التفكير في تعديل مدونة الأسرة يجب ألا يصطدم مع تصورات بعينها، نظرا لكونه ليس سوى تعديلا عاديا يروم أن يكون للزوجة حقوقها وواجباتها كما للزوج أيضا، بدون تمييز أي طرف على الآخر أو اعتبار طرفا قاصرا عن أداء المهام المتعلقة بالأسرة أو بشؤون الطفل.. وهذه المدونة صارت، الآن، مليئة بالعديد من الثغرات التي تم تشخيصها طيلة عقدين من تنزيل مقتضياتها في محاكم المغرب”.