رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

لماذا يصعب انضمام أوكرانيا للناتو؟

نشر
الأمصار

تتسارع أوكرانيا  للانضمام  إلى حلف الناتو ويقابلها رفض روسي وتمّهل غربي، تنذر بتعقيد الأزمة وتفاقهما.

وعلى الرغم من الدعم الذي تقدمه الدول الأوروبية لأوكرانيا إلا أن دخولها للحلف قد يصعد النزاع، خاصة فيما تتضمنه المادة 5 من ميثاق الناتو، والذي قد يضع الناتو في مواجهة مباشرة مع روسيا.

 المادة 5

وعلى الرغم من بعض الدعم الذي تظهره دول الأطلسي من حيث المبدأ بشأن الطلب الأوكراني المتكرر، يظل الجدول الزمني غامضا، إذ أن دخول كييف إلى الحلف قد يسبّب تصعيدا في النزاع لأن روسيا تعتبر مثل هذا التوسع خطا أحمر، خاصة مع ما تضمنه المادة الـ5 من مواجهة مباشرة للحلف حال تعرض أي دولة لنزاع مُسلّح.

وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف "الناتو"، على أن "أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرفٍ منهم (الناتو)، يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، ومِن حقّهم الردّ باتخاذ الإجراءات التي يراها الحلف بقيادة واشنطن ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافُق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي".

وسبق أن قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، إن "مستقبل أوكرانيا سيكون في الانضمام إلى الناتو"، لكنه لم يذكر تاريخا محددا لموعد حدوث ذلك.

بيد أن الخارجية الروسية حذرت من كون التفكير في ضم كييف إلى الحلف "سيؤدي إلى تصعيد الصراع وليس المفاوضات".

ماذا تريد كييف؟

وفق وزير الخارجية الأوكراني فإن كييف تتوقع أن تتلقى دعوة صريحة للانضمام للحلف بتسهيلات خلال قمته في ليتوانيا، واصفا أي محاولات أخرى بـ"دبابة بدون مدفع".

ويشير تقرير لمجلة "التايم" البريطانية أن أعضاء الناتو يدعمون منح أوكرانيا المسار السريع للانضمام، وأن المملكة المتحدة تدعم بشدة هذا التوجه على غرار ما حدث مع فنلندا.

لكن تقارير غربية أخرى، أكدت تحفظ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حتى الآن، على منح أوكرانيا "المسار السريع"، لأن ذلك يعني على الأرجح تحول الحرب في أوكرانيا إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا، وهو ما سعت واشنطن إلى تجنبه منذ فبراير 2022 حتى الآن رغم تقديم دعم عسكري غير مسبوق لأوكرانيا.

رد فعل روسيا

• تعتبر روسيا منذ التسعينات أن انضمام أوكرانيا للناتو بمثابة "خط أحمر" لايمكن للغرب تجاوزه.

• في 2 ديسمبر 2021 أعلن رئيسها فلاديمير بوتين أنه يسعى للحصول على وعد بأن حلف الناتو لن يتوسع شرقاً ليضم أوكرانيا، التي تعتبر الباحة الخلفية لروسيا وتتشاركان معاً في حدود برية تزيد عن 1570 كليومترا.

• من وجهة نظر بوتين، فانضمام أوكرانيا يمثل تهديداً وجودياً للاتحاد الفيدرالي الروسي.

• وزارة الخارجية الروسية: ضم أوكرانيا سيؤدي لإشعال صراع كبير وسيغلق الباب أمام المفاوضات.

• الكرملين: ميل كييف نحو الناتو أحد أسباب الحرب

أما الخبير الروسي فلاديمير إيغور، فاعتبر أن "الخطوة الأوكرانية تؤدي في نهاية المطاف إلى إدخال أوروبا والناتو في مواجهة مباشرة مع روسيا"، كما "تنذر باندلاع حرب عالمية ثالثة".

لماذا لم تنضم أوكرانيا إلى الناتو؟

قال الناتو في عام 2008 إنه يمكن لأوكرانيا أن تنضم إلى الحلف في وقت ما في المستقبل، لكنه رفض طلبها الأخير للحصول على عضوية عبر "المسار السريع"، وذلك لأن المادة الخامسة من ميثاق الناتو تنص على أنه إذا تعرض أحد الأعضاء للهجوم، فيجب على جميع الأعضاء الدفاع عنه.

وإذا أصبحت أوكرانيا عضوا، فسيتعين على دول الناتو، من حيث المبدأ، الدخول في حرب مع روسيا.

ما هو حلف الناتو؟

يناقش المؤتمر السنوي لحلف شمال الأطلسي، الناتو، المقرر عقده يومي 11 و12 يوليو/ تموز، خطة مفصلة وشاملة للدفاع ضد أي هجوم روسي محتمل.

ويُعتقد أن هذه الخطة المفصلة هي الأكثر عمقا للتحالف العسكري في مواجهة روسيا، منذ نهاية الحرب الباردة.

الناتو هو تحالف عسكري أسسته 12 دولة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا، عام 1949. وقد أصبح اليوم يضم 31 دولة.

وهناك اتفاق بين الدول الأعضاء على مساعدة بعضهم بعضا في حالة وقوع أي هجوم مسلح.

وكان الهدف الأصلي للحلف هو مواجهة التوسع السوفيتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

و بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، مُنح العديد من دول أوروبا الشرقية التي كانت حليفة له في حلف وارسو عضوية الناتو.

وكثيرا ما أبدت روسيا (التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفيتي) قلقها حيال قبول الناتو لدول أوروبا الشرقية، إذ رأت في الأمر تهديدا لأمنها. وقد عارضت بشدة طلب أوكرانيا الانضمام إلى التحالف، خشية أن يقترب الحلف كثيرا من أراضيها.

لكن بطبيعة الحال تمكن الناتو من الاقتراب من الأراضي الروسية في أبريل/ نيسان الماضي، عندما أصبحت فنلندا عضوة فيه.

خطة الناتو للدفاع ضد روسيا

لدى قادة الناتو خطة جديدة لمواجهة روسيا إذا ما هاجمت أيا من الدول الأعضاء.

هناك أوامر محددة حول المكان الذي يجب أن تذهب إليه القوات - وما يجب أن تفعله - في حالة قيام روسيا بالهجوم في أي من المناطق الثلاث: القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي، ووسط أوروبا، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

لدى الناتو حاليا 40 ألف جندي يمكن حشدهم في وقت قصير. وستتم مناقشة خطط إرسال 300 ألف جندي للعمل في غضون 30 يوما في المؤتمر الذي سيعقد في ليتوانيا.

ويريد قادة الناتو من الدول الأعضاء تحديث معداتها العسكرية وتخزين المزيد من الذخيرة.

يقول مالكولم تشالمرز، نائب مدير مركز الأبحاث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إنها خطة الناتو الأكثر شمولا منذ نهاية الحرب الباردة في عام 1991.

يقول: "عندما انهار الاتحاد السوفيتي، اختفى خطر نشوب حرب كبرى بالكامل تقريبا".

ويضيف: "لكن ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وحرب أوكرانيا الحالية، يعنيان أن التهديد أصبح حقيقيا مرة أخرى - خاصة بالنسبة لدول مثل جمهوريات البلطيق".

وتقول تريسي جيرمان، أستاذة الدراسات الدفاعية في جامعة كينغز كوليدج بلندن: "كل هذا مرتبط بضرورة الردع والدفاع، فضلا عن طمأنة الحلفاء على الجانب الشرقي".