رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

زينب الكناني تكتب: الطوفان والخلود

نشر
الأمصار

ذكرت قصة الطوفان في اغلب الاديان والاساطير في انحاء متفرقة من العالم لكن تبقى قصة الطوفان البابلية المستمدة من أسلافهم السومرية أقدم أساطير الطوفان المدونه في الأدب وكان الناجي الوحيد من هذا الطوفان هو (نوح) البابلي او( اوتنابشتم )وفي مكان اخر يسمى (اترخاسيس ) ويقال بأن التسمية الأخيرة هو الاسم البابلي الاصلي قد خصته الالهة بالخلود هو وزوجته اما سبب حصولة عليه قد اجابنا عليه جلجامش :
جلجامش واوتنابشتم 
فقد جلجامش بطل الملحمة الشهيرة بأسمة صديقة انكيدو ومن بعدها انطلقت رحلة بحثة عن الخلود وعن جده (أوتنابشتم) الذي يسكن في مكان بعيد متمتعآ بنعمه الخلود وكانت رحلته مليئة بالمخاطر والمغامرات الى ان وجد جده (أوتنابشتم) وطرح عليه سؤاله عن كيفية حصول الانسان على الخلود كانت اجابته على النحو التالي: 
في مدينة شروباك القديمة التي تقع على شاطئ الفرات ارسلت كبار الالهة طوفانا الى الأرض وقد كان و أنو ، أبا الآلهة ،وانليل، مستشارهم الحربي .. نينيب ، رسولهم . ، و(انوجي،) اميرهم ، كما كان يجلس معهم رب الحكمة ( ايا ) الذى ردد نداءهم  قائلا :
يا رجل ، شوريباك ، ، ابن ، أو بارا توتو .. اهدم بيتك وابتن سفينة واهجر ممتلكاتك، واستمع لندائى انقاذا .. فقد استقر رأى الآلهة على أن تنقذ حياتك ، فانج بنفسك وخذ معك في السفينة كل نوع من أنواع الحبوب . أما عن السفينة التي ستبنيها، فينبغى أن تبنى بدقة محكمة ، بحيث يكون طولها وعرضها متناسقين، لأنك ستبحر بها في عرض المحيط واطاع أوتنابشتم أوامر الالهة واخذ يجمع الاخشاب وكلما يحتاج الية لبناء السفينةوبعد  أن أكملها  وجهزها بكل شيء ملاها بكل ما لديه من ذهب وفضة .
وكل ما لديه ، من حبوب ، ثم أدخل فيها أفراد أسرته وخدمه وكل ما معه
من الطعام و الماشية والوحوش وأصحاب الحرف واخذ ينتظر (اوتنابشتم) الوقت المحدد الذي عينه إله الشمس (شمش ) 
عندما  قال لاوتنابشتيم  : . ان اله الظلام سيرسل الى الأرض مطرا غزيرا ، فاذا حان هذا الوقت فادخل سفينتك وأوصد بابها . واخذ الوقت المحدد يقترب وفي المساء أرسل اله الظلام المطر الغزير . ولما هبت العاصفة عرفت أن البداية قد حانت ، ولكننى كنت خائفا من أن أنظر إلى العاصفة وعند ذلك دخلت إلى السفينة وأوصدت بابها ....
وظلت العاصفة تهب نهارآ كاملآ وارتفعت المياه حتى وصلت قمم الجبال ولم يعد الرجل يبصر اخاه وانتاب الفزع الالهة وصرخت (عشتار ) صراخ المراة التي جاءها المغاض واخذت تعول بصوتها الجميل وتقول( اللعنة على ذلك اليوم الذي امرت فيه في مجمع الآلهة ان يحل الشر بالشر ولكنني امرت ان يتم دمارهم عن طريق القتال فاين هذا الذي امرت به!؟ انهم يملؤن البحر كبيض السمك )
واخذت الريح تهب ستة أيام وست ليال وفي اليوم السابع هدأت الرياح والزوبعة والطوفان وتحول الانسان الى كتل من طين واطلق سراح بعض الطيور لكنها لم تعد واطلق سراحها مرة اخرى وعادت وارجلها ملوثة بالطين عند ذلك عرف ان الماء قد انحسر عن الأرض وبعد ذلك قدم الضحية للالهة بعد أن استقر على قمة جبل ثم اتجهت الية الالهة (اوتنابشتم) 
الذي كان يعد أنسانآ واصبح هو وزوجته شبيهين بالالهة وسكنوا بعيدآ عند منبع الانهار وترك يعيش هناك ..
هذه هي قصة الطوفان التي تدخل في نسيج ملحمه جلجامش ومن هنا نلتمس بأن الخلود ليس مقدرآ للانسان أن يناله وان يصل له لان الانسان الحكيم ( أوتنابشتم ) كان انسانا  فانيا وثم اصبح خالدآ فيما بعد والخلود هو خلود الافعال والمواقف الخيره والسيرة الحسنة
بالرغم من تقسيم الخلود الى أنواع 
بايلوجي : اي أننا نبقى بعد موتنا في أشخاص أبنائنا وأبناء أحفادنا، خلال الأجيال المختلفة.
والاجتماعي: هو استمرار وجودنا بعد الموت في ذكريات أسرتنا وأصدقائنا 
واخيرآ الخلود الاخلاقي : وهو السعي في سبيل تحقيق الخير الاجتماعي والسيرة والذكر الحسن 
ومهما تعددت انواعه يبقى مرتبط بالروح والقيم لا بالجسد ويبقى متوقفآ على مانؤمن به ونقدمه.