رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

حادث قتل في الشارع الفرنسي يثير الجدل حول إجراءات إنفاذ القانون بالبلاد

نشر
الأمصار

في صباح يوم الثلاثاء الماضي صدحت في الارجاء جريمة مقتل شاب اهتزت لها فرنسا، وثارت على أثرها موجة من الغضب والاحتجاجات في الشارع الفرنسي. حيث قامت عناصر الشرطة الفرنسية بقتل الطفل نائل المرزوقي البالغ من العمر 17 عاما أثناء فحص مروري الثلاثاء في ضاحية نانتير بباريس.

 أثارت وفاة نائل قلقا على مستوى البلاد ورسائل سخط وتعازي واسعة النطاق. وكشفت الصحف الفرنسية تفاصيل تلك الواقعة الشائكة ..

تفاصيل يوم الواقعة

في الساعة 7:45 صباحا، لاحظ عناصر الشرطة قيادة "متهورة" لسيارة مرسيدس صفراء، كما لاحظت ملامح وجه السائق التي دلت على صغر سنه، فقررت ملاحقته.

وفقا لصحيفة "لا ديبيش" الفرنسية، كان نائل يقود بسرعة مرتفعة في مسار مخصص للحافلات.

بعدها قام "بتعريض حياة أحد المارة، وآخر على دراجة، للخطر"، وفقا للصحيفة.

قررت الشرطة إيقافه، مستغلة توقف السيارات بسبب زحام مروري. وفي هذه اللحظة، وقف ضابطا الشرطة على الجانب الأيسر من السيارة، "أحدهما عند مستوى باب السائق والآخر بالقرب من الجناح الأمامي الأيسر"، وفقا لـ"لا ديبيش".

قرر الاثنان إخراج سلاح وتوجيهه إلى راكب السيارة "لردعه عن إعادة تشغيل السيارة المتوقفة"، بينما كان يرافقه راكبان، أحدهما في مقعد الراكب والآخر في المقعد الخلفي الأيمن.

نائل قام بتشغيل السيارة مرة أخرى، ليقوم رجل الشرطة القريب بإطلاق رصاصة من مسافة قريبة. مرت على ذراع الشاب الأيسر واخترقتها ثم دخلت صدره. واستمرت السيارة في التحرك لبضع أمتار قبل أن تصطدم.

قال النائب العام إنه تم القبض على الراكب الخلفي للسيارة، فيما فر الثاني وما زال مطلوبا من قبل الشرطة.

على الرغم من تدخل الطوارئ، أعلن عن وفاة نائل في الساعة 9:15 صباحا.

وفقا لتقرير الشرطة السيارة كان قد استأجرها، دون أن يملك رخصة قيادة. وهي كانت مسجلة في بولندا، ولم يعرف حتى الآن كيف استطاع استئجارها دون رخصة قيادة.

من هو نائل؟

نائل المرزوقي هو شاب من أصول جزائرية، يبلغ من العمر 17 عاما، ويعمل في وظيفة توصيل وجبات "البيتزا".

وفقا لموقع "لا فو دو نورد"، أكد محامي الشاب أنه كان محبوبا في الحي الذي يقطنه مع والدته.
وأضاف أنه لا يحمل سجلا إجراميا، لكنه معروف في المحاكم الفرنسية، بسبب "خلافاته مع الشرطة ورفضه الامتثال لقوانينهم مرات عدة".


قالت والدته في فيديو: "أعطاني قبلة، وقال لي إنني أحبك، ثم خرج".
وأضافت: "بعد ساعة من خروجه، وصلني خبر أنه قتل على يد الشرطة".
أما مدربه في فريق الرغبي الذي يلعب به نائل، فأكد أنه شخص ناجح اجتماعيا، وكان عازما على تغيير مسار حياته والخروج من الفقر. وأكد أنه لم يتاجر بالمخدرات ولم يقم بالسرقات، مثل الكثيرين من ضاحيته.
 

الخارجية الجزائرية تعلق

 

وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا حول حادثة مقتل الشاب نائل قرب العاصمة الفرنسية باريس برصاص أحد عناصر الشرطة،
وعبرت الجزائر ,في البيان, عن "صدمتها" للقتل "الوحشي" الذي تعرض له الفتى نائل، مشيرة إلى أنه أحد مواطنيها.


وجاء في البيان "علمت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بصدمة واستياء بوفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأسوي والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة".

وأضافت البيان أن "وزارة الشؤون الخارجية على ثقة بأن الحكومة الفرنسية ستضطلع بواجبها في الحماية بشكل كامل من منطلق حرصها على الهدوء والأمن اللذين يجب أن يتمتع بهما مواطنونا في بلد الاستقبال الذي يقيمون به".
وختم البيان أن "الحكومة الجزائرية لا زالت تتابع باهتمام بالغ تطورات هذه القضية المأسوية، مع الحرص الدائم على الوقوف إلى جانب أفراد جاليتها الوطنية في أوقات الشدائد والمحن".
ولم يسبق أن تمت الإشارة حتى الآن إلى أن القتيل البالغ 17 عاما جزائري أو من أصول جزائرية.

نتائج واقعة القتل

تسبب مقتل الشاب الجزائري بأزمة في فرنسا، حيث أظهرت مقاطع مصورة من أنحاء مختلفة في البلاد حرائق مشتعلة، فيما أطلق متظاهرون ألعابا نارية على الشرطة وأحرقوا سيارات وممتلكات عامة.

وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء عن "تأثره"  بمقتل الفتى،  و دعا مجلس الوزراء للانعقاد فيما دعت الحكومة إلى "الهدوء" بعد ليلة من التوتر في ضواحي باريس استمرت الى الخميس.

ومن ناحية أخرى، قدم الشرطي الفرنسي الاعتذار لعائلة الفتى. والخميس وجهت النيابة تهمة "القتل العمد" للشرطي مطلق النار مع وضعه قيد التوقيف الاحتياطي، معتبرة أن "الشروط القانونية لاستخدام السلاح لم تتحقق".

أثارت القضية الجدل من جديد بشأن إجراءات إنفاذ القانون في فرنسا، حيث تم تسجيل 13 حالة وفاة في عام 2022 بعد رفض الامتثال لأوامر الشرطة.

أحتجاجات واعتقالات

أعلنت الداخلية الفرنسية اعتقال 719 شخصا ليلة السبت،  علاوة على 1300 شخص تم إيقافهم في الأيام الماضية على خلفية الأحداث التي تشهدها البلاد منذ خمسة أيام.


قالت وزارة الداخلية في حصيلة لا تزال مؤقتة، إن "79 شرطيا ودركيا أصيبوا خلال أعمال الشغب التي تراجعت حدتها".
وأضافت أن النيران أضرمت في حوالى 1350 سيارة، فيما تعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب، وأحصي 2560 حريقا على الطرقات العامة.

فيما نشرت فرنسا 45 ألف شرطي ودركي مدعومين بآليات مدرعة لضبط أعمال الشغب، التي اندلعت إثر مقتل المراهق نائل.


جنازة مهيبة 


وسار مئات المشيعين في فرنسا، وهم بحالة صمت وقلق، في جنازة مهيبة انطلقت السبت لدفن المراهق نائل.

وشارك المئات في تشييع جثمان نائل في ضاحية نانتير بباريس حيث قتل، بينما حمل مشيعون نعشه الأبيض من أحد المساجد إلى المقبرة.

وقالت وسائل إعلام إن السلطات منعت الصحفيين من حضور الجنازة، وطردت بعضهم.

وفي خطوة سلطت الضوء على خطورة الأزمة، ألغى الرئيس إيمانويل ماكرون زيارة رسمية إلى ألمانيا بعد ليال من الاضطرابات التي شهدتها مناطق عدة في أنحاء فرنسا.

ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي في جميع أنحاء البلاد لتجنب العنف.