رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د.عمرو عبد المنعم يكتب: تهافت المتشددين.. مدرسة جديدة للتفكير لكمال حبيب

نشر
د.عمرو عبدالمنعم
د.عمرو عبدالمنعم

لعلها المرة الأولي التي يُبذل فيها جهد تأسيسي فى مراجعات للكتب المؤسسة لحالة العنف الديني فى العالم العربي والإسلامي فى العصر الحديث، تلك الكتب التي تؤسس لحالة العنف الديني المبني علي سياقات تاريخية منبتة الصلة بالواقع و بعلم الاجتماع المعرفى الحديث والتي لم تحاول أي من جماعات الإسلام السياسي فى عصرنا مراجعة تلك المقولات على ضوء المستجدات العصرية. 
استطع المفكر الإسلامي د كمال حبيب أن يحطم أسطورة عدم قدرة المؤسسات الدينية أو المفكرين  المستقلين في كتابه المنتظر طباعته بالهيئة العامة للكتاب  بعنوان " تهافت مقالات الإسلاميين المتشددين  تفكيك الكتب العشرة المؤسسة للغلو الديني المعاصر " وفى إلقاء الضوء وتفكيك المقولات السائدة فى الحركات عوالم الإسلام السياسي المعاصرة، وخلال دراسته الجديدة “الكتب العشرة المؤسسة للعنف” انطلق يفند ويحلل خطابها المعاصر و التي اعتبرها  الكثيرون من أبناء الحركات الإسلامية رؤية دينية تعبر عن الوحي والإسلام ولا تعبر عن اجتهاد شخصي يصيب و يخطئ، فانحرفوا إلى سياقات فكرية ومعرفية متطرفة  . 
الأيديولوجيا الفاتنة
وهنا استخدم د كمال حبيب تعبير "الأيديولوجيا الفاتنة" في جملة استعراضه لأدبيات الحركات المتطرفة، هو مصطلح صكه للتعبير عن الكتابات التي تغازل أوتار الوجدان في الشباب فتأخذهم إلي مناطق لم يكونوا يريدونها لأنفسهم وحين يذهبون إلي حيث تقودهم تلك الأيديولوجيا الفاتنة فإنهم يكتشفون بعد حين أنهم قد أخطأوا ودفعوا أثمانا غالية من عمرهم في السجون  والمعتقلات وربما حياتهم  علي اعود المشانق في مواجهات بلا معني فيندمون .
ما كتبه أبو الأعلى المودودي في المصطلحات الأربعة وما ناقشه في هذه الجهد الكبير التأصيلي في كتاب  تهافت مقالات الإسلاميين المتشددين  تفصيلا وفي جملة  الكتب الأخرى المؤسِسة للعنف ككتاب "معالم في الطريق"  لسيد قطب والفريضة الغائبة "لمحمد عبد السلام فرج"  ورسالة الإيمان "لصالح سرية" وإدارة التوحش "لأبي بكر ناجي" وفقه الجهاد "لأبي عبد الله المهاجر"  والجامع في طلب العلم  الشريف" لسيد إمام الشريف"  هي أيديولوجيا لمن كتبها ولأصحابها وهم من وضعوا خرائطها في أذهانهم أولًا فكلهم بلا استثناء كتب لتنظيمه ولجماعة محددة انتشرت واسست لمفاهيم الغلو في الدين والتطرف وهو ما اعتبره  "حبيب " دليل عمل أيديولوجي وحركي لمن يتأثرون  بها ، وفي تلك الأيديولوجيا يتحلي كاتبوها بأعلى درجة من التزيين لها وإضافة فتنة وسحر الأسلوب عليها وهو ما يجعل قارؤها من الشباب يدخلون في أسرها ، ويحاولوا تحويلها إلي جزء من واقعهم المعقد والمركب فيحدث ذلك الاستعصاء بين ما هو نظري وبين ما هو واقع معاش لا تملكه وحدك وإنما هو واقع  العالمين من حولك . 
بعد عملية القراءة والاستيعاب لهذه الكتابات يعجز الشباب عن تطبيق تلك الأيديولوجيا علي الواقع العملي فيحدث الاستعلاء عليه ويحسبون أن المشكلة في الواقع وفي الناس وفي أمة المسلمين فيتجهون نحوهم بأحكام الاستعداء والتكفير والتبديع والجاهلية ويعتبرون أن ما عليه الناس ضلال مبين ويذهبون هم يؤسسون لمجتمعات موازية ويعتزلون الناس شعوريا وعمليا،، 
الاستعلاء يجعلهم يشعرون تجاه الآخرين بأنهم دونك فيصيبك الغرور وهذه أول الطريق نحو ما أطلق عليه كمال حبيب في كتابه تهافت الإسلامين مدرج الغلو والتشدد او الايدلوجيا الفاتنة،  وهي أن تشعر بأن الناس ليسوا علي ا لصواب وأنهم بحاجة إلي تصحيح دينهم وعقائدهم وبناء الطليعة المسلمة الصافية الخالصة كما كان الأمر في مكة حين بُعث النبي الأعظم صلي الله عليه وسلم .
من هنا يبدأ فكر هؤلاء من جديد من نقطة الصفر وكأن الأمة المسلمة التي كانت ولا تزال وهي باقية وحاملة لهذا الدين قد انقطع وجودها ولم تعد تستحق أن نسبغ عليها صفة الإسلام وكأن صك الإسلام أو الإيمان هو خاتم حصري لدي أصحاب تلك الأيديولوجيا الفاتنة المستعلية وحدهم يمنحونه ويمنعونه لمن يرغبون ويشاءون. 
الحاكمية وأفكار الغلو 
فالحاكمية التي وضعها المودودي أولا ثم أخذها منه سيد قطب وصاغها بطريقته الفاتنة في كتاب المعالم وفي ظلال القرآن وخاصة في طبعته الأخيرة هي التي أسست لمواجهة الحالة الإسلامية مع أمتها وأسست للخروج المسلح وبالقوة في داخل المجتمعات الإسلامية المعاصرة ـ  وإذا كان الاجتماع العربي القديم لم يعرف إلا لخروج العضوي بالقوة المسلحة في مواجهة الحكام الظلمة في بعض الفترات فإن العالم المعاصر يتيح لنا ما أطلق عليه حبيب المعارضة السلمية  أي تعبير عن احتجاجك بعيدا عن القوة المسلحة التي ستقود إلي فتنة لمن يقومون بها أولًا ،، وقد استشهد في كتابه  ( الحركة الإسلامية من المواجهة إلي المراجعة ) بمقولة الاستراتيجي  الألماني ( كلاوز فيتز ) أن الحرب هي السياسة بوسائل أخري ، فإن السياسة هي الحرب أيضًا بوسائل أخري أي إنك تستطيع أن تحقق بالسياسة ما يمكنك تحقيقه بالقوة من حيث النتائج .

 

 


اكتسبت مراجعة كمال حبيب هذه المرة اعتبارين، الاعتبار الأول: أنه عاصر وشاهد تجارب عديدة من داخل الحركات الإسلامية المتطرفة وعاني من ويلاتها ، والاعتبار الثاني: أنه أكاديمي له تنظيرات معتبرة ومرموقة فى مجال الفكر الإسلامي، ولا أذيع سرًا أن حبيب  يكتب تفسيرًا للقرآن الكريم، يلمس فيه جوانب أصولية وعقدية و فقهية و حركية ينير من خلالها مناطق جديدة للتأمل والتفكير والنظر التجديدي  وباستخدامه لنظريات ومفاهيم علم اجتماع الدين والأنثروبولوجيا  بفروعها المختلفة  .
لقد تمتَّع  دعاة الإسلام السياسي لمدة أربعة عقود بحق الكلام  باعتبارهم موقعين  عن رب العالمين، دون أن يقدر أحد على نقدهم من داخل السياق الديني ، إذ كانوا شبه محتكرين لحق النقد الحاد والسخرية من خصومهم ومنافسيهم  ، وكان نقدهم  دائما موجها إلى الأنظمة والتيارات الأيديولوجية المختلفة معهم، ولم يكن بمقدور أحد أن ينتقد المنطلقات الفكرية للإسلاميين ويأمَن على نتائج فعلته تلك من داخل الرؤية الإسلامية .لم يقدم الإسلاميون عبر تاريخهم نقدًا أو مراجعة لخطابهم الكلي  ، ولم يتقدم  أحد قط من الإسلاميين  ليقول ماذا تبقى من الصحوة الإسلامية؟ وماذا تبقي لنا من مشهد الانتصار والهزيمة وماذا تبقي من المقولات السائدة لدي الحركة الإسلامية؟
ادبيات افتقدتها حركات الإسلام السياسي 
لم تتعرف حركات الإسلام السياسي علي نماذج فكرية غير العشرة اليت أسست فكرها والتي اشارإليها حبيب في كتابه  تحت الطبع   لم تتعرف مثلا علي عالم مثل علال الفاسي  ، وعبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي  ولم تسمع عنهم ، ولا مالك بن نبي فيلسوف الحضارة والمجتمع وفيلسوف الظاهرة القرآنية وشبكة العلاقات الاجتماعية ووجهة العالم الإسلامي ومشكلات الحضارة لم تعرفه تيارات الإسلام السياسي في مصر رغم أن الذي استفاد منه بشكل كبير وتعلم منه هو " علي شريعتي "،  و"محمد باقر الصدر" استفاد من مالك بن نبي وله كتاب اقتصادنا وفلسفتنا لم يستفد بهما احد أيضًا  ، حتي النهضويين من المفكرين المصريين كرفاعه رافع الطهطاوي وله كتب في السيرة ا لنبويه والمرشد  الأمين في تعليم البنات  والبنين وخير الدين التونسي في كتابه (أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك ) ، وهو مقارب لمنهج بن خلدون في فهم المجتمعات وتحولاته وأطوارها والولايات وطبيعتها وتقلباتها لم يعرفه أحد ، وعلي مبارك لم يهتم به أحد والشيخ المرصفي صاحب الكلم الثمان لم يهتم به أحد ، وجمال الدين الأفغاني تم وصمه  عند حركات الإسلام السياسي جميعا بالماسونية ، وكذلك  محمد عبده تم وصمه بالتخاذل ومهادنة المحتل ومحمد رشيد رضا رغم سلفيته ذات الطابع الإصلاحي لم يهتم به أحد كما يجب ، وحين ظهر كتاب ( معالم في الطريق ) المقاطع مع الأمة وتاريخها واعتبارها أمة جاهلية ومن قبله كتاب " المصطلحات الأربعة " للمودودي لم يشر أحد لنقد أبي الحسن الندوي للكتاب  وتامر علي هذه الكتاب الإخوان بجميع دور النشر التابعة لهم الذي رد عليه بكتاب آخر مهم بعنوان ( التفسير السياسي للإسلام ) في نهاية السبعينيات ،  ولم يشر أحد لنقد وحيد الدين خان للكتاب المعالم ايضًا وقد عارضه بكتاب آخر بعنوان (خطأ في التفسير ) والذي تُرجم إلي العربية بعنوان( التفسير السياسي للدين ) في مطلع التسعينيات وحين بدأ عبد الله أبو عزه نقد المعالم في مطلع السبعينيات لم يستمر في نشره  وتامري عليه الإخوان وقمعوا فكره ، وحين حرر عبد الله النفيسي كتاب ( أوراق في النقد الذاتي ،، رؤية مستقبليه للحركة الإسلامية ) وغالب الأوراق التي كتبت فيه كتبت في نهاية الثمانينيات كتب في مقدمة الكتاب (إن الحركة التي لا تريد أن تُراجع أو تُدرك أخطاء ماضيها من الممكن أن يتحول حاضرها إلي كومة من الأخطاء  ومستقبلها إلي كارثه ، الحل يكمن في نقد الماضي ومراجعته وتحديد أخطائه من أجل تلافيها في الحاضر وتوظيف ذلك معرفيا وموضوعيا في المستقبل ) .
الكثيرين يطالبون حركات وجماعات الإسلام السيسي بعمل مراجعات و لم ينظر هؤلاء إلي الكتابات المؤسسة للعنف الديني داخل هذه الحركات الإسلامية ويبني  عليها أسسا موضوعية لتناول الخطاب الديني السائد بالنقد والتحليل والتمحيص. 
استطاع كمال حبيب أن يقول فى دراسته عن الكتب العشرة أنه يمكن  تفكيك الأيديولوجيا العنيفة فى الفكر الديني المعاصر، وهذا هو الدليل فقد قدم خارطة جديدة لإعادة قراءة ما استحسنه جيل بالكامل من أبناء  هذه الحركات المعاصرة، وتلقوه بالقبول الجمعي دون دراية بأبعادها، واعتبروه وحيا ونظر هؤلاء إلي كتابات هؤلاء بعيونهم فلم يقرأ شباب هذا الجيل المودودي و قطب وسريه  وفرج وجهيمان وعبد الله عزام  و سيد إمام وأبو عبد الله المهاجر وأبو بكر ناجي  بعين الباحث والناقد المتفحص لمقولاتهم  و إنما نقلوها بوصفها الإسلام وكأنه مراد الله من الوحي  عقيدة وشريعة ومنهاجًا، وهذا يتنافى مع قوانين المعرفة كما يري د عبد الباسط هيكل فى كتابه «حوار الجد و الحفيد أيمن الظواهري وعبد الوهاب عزام» حينما قال ” ملخص قانون ثبات الإدراك  وهو أحد قوانين الإدراك فى علم النفس التربوي ـ إن كل انسان يرى أي موضوع من خلال زاويته الخاصة لكن هذا لا يؤثر علي الموضوع نفسه، لأن الموضوع فى ذاته لا صلة له برؤية هذا الإنسان مثل رؤيتنا للقمر أو الطائرة البعيدة فى صورة صغيرة ، فتلك النظرة ليست هي الحقيقة كذلك إسلام الوحي ــ وفق هذا القانون ـ اكتمل فى حياة النبي صلي الله عليه وسلم ـ بقوله تعالي “اليوم أكملت لكم دينكم ” ثم جاء مجتهدون من شيوخ وعلماء وباحثين نظروا إلي إسلام الوحي، وقدموا اجتهادات وتأويلات لاحقة بالدين المكتمل، فكتابات هؤلاء ليست الإسلام ولا هي الوحي ولا هي أركان العقيدة ولا بيعة المسلم المجاهد هي الإسلام ، بل هذه الكتابات وهذه الأفكار ما هي إلا اجتهادات بشرية لفهم النص والتعامل معه حتي لا يحدث التباسًا بين الفكر الإنساني ( الاجتهاد البشري ) الذي يتعدد  والوحي  الديني الذي  لا يتعدد فى ذاته .
خرطة طريق جديدة 
بهذه الدراسة قدم حبيب خارطة جديدة لطريق نقد هذه الاستجابات السابقة لمقولات العنف عند الحركات الإسلامية، وسيجد القارئ المهتم بالفضاء الواسع والمتابعة الدقيقة والملم بكينونة المصادر التي تعتمد عليها كتابات هؤلاء المتشددون، كثيرًا من الفائدة فعن تجربة عملية عاشها  ــ حبيب ــ طوال ربع قرن من الزمان نشأت جماعات وتنظيمات وتيارات عبر هذه المقولات الراسخة فى وجدان العديد من الأجيال الماضية.
ولعل حبيب قد بلغ بما استهدف به جمهور الإسلاميين او دعاة الإسلام السياسي ببعض المصطلحات السائدة بل وأوغل فى أبواب هذه الكتب ومضامينها بحسب ما امتاز به من معرفة وما حصله من رصيد فكري وحركي بالغ الأهمية، بالإضافة إلي عمق آخر معرفي هو برهان أكيد علي أصالة العقل العربي المسلم وعراقته فى البحث العلمي، فهل يغري هذا الثراء المعرفي غيره من الباحثين والتيارات الأكاديمية والمؤسسات البحثية فى تناول أبعاد أخري لظاهرة العنف والإرهاب مثل شبكاتها الاجتماعية ومثيلاتها من الكتب التي تحض علي التطرف و العنف لدي اليسار العربي والغربي مثلًا ، بل ويدفع البعض لتناول كتب أخري فى واقعنا المعاصر والتي أسست أيضا لحالة الاعتدال الفكري، بل ومثيلاتها من تلك التي عبرت عن  المراجعات الفكرية والعربية الصادقة فى صفوف بعض المتشددين من الإسلاميين وغير الإسلاميين .
نقطة البدء فى قراءة هذه الكتب المؤسسة لحالة العنف هو الشك ثم  النقد،  ذلك الشك الذي لابد أن يسبق أي تصديق من أجل التثبت من صحة الخبر فلا يجوز لنا بعد الآن أن نثق بكل ما يقدم أو يكتب علي أنه ثابت من الثوابت الإيمانية التي ترقي إلي مستوي العقيدة
لابد أن نعترف أن غالب من درس وتلقي هذه الكتب كانت حصيلته من العلم مزجاة وظن أن المقولات والمصطلحات الممزوجة الكبيرة و الفخمة وحي وأصول دين رب العالمين.
إن فكرة التجديد كانت ومازالت مرفوضة لدي دعاة الإسلام السياسي، والتجديد ليس بالضرورة  هدم وتبديد القديم، فإعادة قراءة المضامين السابقة له أهمية فى إطار روح العصر واستعادته .
 أوراق أخفها الإخوان 
خطورة ما قدمه سيد قطب مثلا ليس فقط فى أطروحاته التي تناولها فى كتبه الأخيرة، ولكن فى تطبيقاتها العملية وسياقات تفسيرها عند جيله والجيل الذي تلاه ومن جاء بعدهم  ، وكون هناك من فهمها فى سياقها التاريخي لا يصح على الإطلاق إغفال سياقها الحالي وخطورتها..
وقد نبه لخطورة كتابات سيد قطب  د. عبد  الله أبو عزة فى كتابه ” الإخوان المسلمون والحركة الأم ” ، وما نشره في وقت مبكر في مجلة الشهاب اللبنانية لكن نشر  توقفت بقرار من جماعة الإخوان وكذلك فعلوا مع  الدكتور عبد الله النفىسي عندما ظهر كتاب ” الحركة الإسلامية ،، رؤية مستقبلية ،، أوراق فى النقد الذاتي” فقد اشترى   خيرت الشاطر  جميع نسخ الكتاب من  مكتبة مدبولي ووضعه فى أحد  المكاتب الإدارية للإخوان بالقاهرة لصالح  دورية “الأمة برس” التابعة لشركة الشاطر "سلسبيل" التي انتشرت حينها فى أوائل التسعينيات  لترسيخ مقولات الإخوان السائدة وتحطيم فكرة نقدها ومراجعتها وهو ما عطل فكر هؤلاء المراجعين، ولم يُسمح لأي تيار فكري ذات طابع نقدي أن ينمو داخل الإخوان أو غيرهم من التيارات الإسلامية وكان مصير من ينتقد أو يعترض أن ينطرد .
كثير من دعاة الإسلام السياسي  اطلع فقط على أبو الحسن الندوي  من خلال  “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”  ولم يطلع علي كتابه  “التفسير السياسي للإسلام” والذي نقد فيه أفكار الجماعة الإسلامية الباكستانية والمودودي وسيد قطب  وقدم  فيه أكبر مراجعات حقيقية فى  فكر الحركة الإسلامية .
كثير دعاة الإسلام السياسي  اطلع علي  وحيد الدين خان من خلال كتابه «الإسلام يتحدى »، و« الدين فى مواجهة العلم » لكنه لم يسمع عن  أنه ألف كتابا للرد علي أبي الأعلى المودودي وسيد قطب كتاب أسماه ” خطأ فى التفسير ” وطبع فى الهند عام 1962م وله طبعة ثانية عام 1987م ثم طبعته العربية عام 1992م، وكان وحيد الدين خان أحد القادة الكبار فى الجماعة الإسلامية التي يقودها المودودي وتمثل مدرسته الفكرية وجرت بينه وبين المودودي وقادة الجماعة مراسلات حول خطأ المودودي فى تفسيره لمعني الدين وخاصة فى كتابه المصطلحات الأربعة ، انتهت بعجزهم عن الرد عليه فخرج من الجماعة الإسلامية وقال :القصد هو البيان الصحيح لتفسير الدين ،،
كثير من دعاة الإسلام السياسي قرأ لسعيد حوي القيادي الإخواني السوري " المدخل لجماعة الإخوان المسلمين" و لم يطلع علي كتاب “حركة الإحياء الرباني” أو كتاب “هذه تجربتي وهذه شهادتي” التي كتبها سعيد حوي قبل موته وكانه كما كتب المدخل للجماعة كتب المخرج من الجماعة. 
كثر من دعاة الإسلام السياسي  قرأ للقيادي الإخواني اللبناني فتحي يكن " ماذا يعني انتمائي للإسلام"  الكتاب التأسيسي لأفكار الإخوان الحركية  ولم يطلع علي كتابه «ليت قومي يعلمون» وهو آخر ما كتبه .
كذلك كتب فريد الأنصاري أحد قادة الحركة الإسلامية فى المغرب أوراق نقدية أخري بعنوان «الأخطاء الستة للحركة الإسلامية فى المغرب».
النقد والمراجعة لا يخيف الحركات الاجتماعية الحية ، كما أن تقديم أي حركة باعتبارها حركة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها هو استبطان لكونها مقدسا ترتفع إلي مستوي الوحي الإلهي بينما هي فعل بشري بحاجة دائمة للنقد والمراجعة التي هي بالضرورة فضيلة وليست فتنة أو تهديدا، كل هذه الأفكار ستجدها في د راسة "تهافت مقالات الإسلاميين المتشددين  تفكيك الكتب العشرة المؤسسة للغلو الديني المعاصر " والتي ننتظرها قريبًا عن الهيئة  المصرية العامة للكتاب .