رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الجزائر: اعتقال فاضح لفساد جبهة البوليساريو يوسع دائرة الاحتقان في مخيمات تندوف

نشر
الأمصار

تتواصل فصول الاحتقان الذي تعيشه مخيمات تندوف في الجزائر، مستقر جبهة البوليساريو على التراب الجزائري، بعد اعتقال الناشط الصحراوي سالم ماء العينين السويد، على خلفية اعتراضه شاحنة ناشطة في عمليات تهريب المحروقات.

المعطيات الخطيرة التي فجرت جوا من الاستياء العارم ضد فساد قادة البوليساريو كشفها “منتدى فورستاين”، الداعم للحكم الذاتي بالصحراء، إذ أكد أن “اعتقال السويد جاء بطلب من قيادة الجبهة، وذلك بعد كشفه طرق نهب المساعدات المقدمة لساكنة المخيمات”.

المصدر ذاته يشير إلى أن “البوليساريو أطلقت وعودا كاذبة بفتح تحقيق حول الفيديو المنتشر لشاحنة لنقل المحروقات تغادر المخيمات بعد تحميلها بالغاز إلى وجهة غير معلومة، فيما كان من المفترض أن تبقى تحت استفادة السكان”.

تجاوز خطير

“يعد الأمر تجاوزا خطيرا لحقوق الإنسان وحرية التعبير التي يسعى المنتظم الدولي إلى الحفاظ عليها منذ تأسيس الأمم المتحدة”، يقول الخبير في قضية الصحراء نور الدين باحداد، مردفا بأن “هذا الأمر ستكون له تبعات سياسية ضد جبهة البوليساريو، خاصة أن العديد من المنظمات الدولية والإقليمية بدأت تتحرك في اتجاه فضح الممارسات الخطيرة تجاه الناشط الصحراوي سالم ماء العينين السويد”.

وأورد باحداد في تصريح أن “النظام الجزائري يوجه البوليساريو لممارسة تعتيم على القضية، التي يمكن أن تسيء إلى صورة الجزائر المتردية أصلا في ملف الصحراء، خاصة أن ملف الناشط السويد يضم خروقات خطيرة؛ من بينها التعذيب الجسدي والنفسي”.

وأردف المتتبع لتطورات قضية الصحراء المغربية بأن “التجاوزات الكبيرة تجاه ساكنة المخيمات تواجه طوقا من التعتيم من قبل النظام العسكري الجزائري، الذي يسعى إلى إبقاء عمليات النهب التي تحدث في المخيمات تحت نطاق محدد ولا تصل إلى المنتظم الدولي”.

واستطرد المتحدث ذاته: “على المنتظم الدولي أن يخرج من صمته، ويعطي موقفه مما حدث للناشط ماء العينين السويد، باعتباره مسؤولا مباشرا عن الانتهاكات التي تمارسها البوليساريو تحت طلب النظام العسكري لقصر المرادية”.

سياسة الميليشيات

اعتبر نوفل البعمري، الخبير القانوني الباحث في قضية الصحراء المغربية، أن “الأزمة الحالية يجب وضعها في سياقها المرتبط بطبيعة الوضع داخل المخيمات، وهو وضع أصبح يشي بقرب انفجار ليس فقط اجتماعيا، بل سياسيا أيضا وحقوقيا، لأن ما يحدث اليوم هو تحول في طبيعة التحركات التي أصبح يقوم بها شباب المخيمات، وتواجه مختلف أشكال الفساد التي تتورط فيها قيادات تنظيم البوليساريو”.

وأورد البعمري، في تصريح أن “التحركات الحالية، التي استهدفت شاحنات تهرب المساعدات الإنسانية والمحروقات الموجهة لساكنة المخيمات، تؤكد معطى نهب هذه المساعدات وتحويلها لغير وجهتها، لفائدة قيادات البوليساريو وجنرالات الجيش الجزائري، الذين أصبحوا بفعل هذه الاحتجاجات الفاضحة لعمليات الترهيب يهربون المساعدات الإنسانية تحت حماية مليشيات البوليساريو وعناصر الدرك الوطني الجزائري”، وزاد: “رغم القمع فالاحتجاجات مستمرة لوقف الأمر عبر أصوات شباب المخيمات ممن تحولوا إلى رهائن لدى مليشيات البوليساريو والنظام الجزائري”.

وأضاف المتحدث نفسه أن “البوليساريو وصلت إلى طريق مسدود، ليس فقط اليوم بل منذ سنوات، عندما لم يعد لها ما تقدمه لساكنة المخيمات على الصعيد السياسي، إذ أدخلت المخيمات في وضعية لا حرب ولا سلم، وهي حالة تحولت فيها إلى سجن كبير، حيث تتم ممارسة أبشع الانتهاكات الحقوقية التي تصنف ضمن خانة الجرائم السياسية”.

“كما أن تنظيم البوليساريو يوجد في وضعية المأزق التنظيمي بسبب مقاطعة ساكنة المخيمات مؤتمراته”، يتابع المتحدث ذاته، مشيرا إلى أن “فعاليات الجبهة أصبح يحضرها فقط أفرادها ممن حولوها إلى تنظيم مليشياتي صرف، يتحرك بخلفية التنظيمات الإرهابية”.

وخلص البعمري إلى أن “عودة سكان المخيمات إلى وطنهم المغرب عملية تتم بشكل مستمر ولم تتوقف، بحيث عادت مختلف العناصر المؤسسة للجبهة، كما عادت شرائح واسعة من سكان المخيمات، ومن بقي منهم فهو مجبر على البقاء، إما بسبب الحصار المفروض أو بسبب اختطاف أطفال أسر المخيمات، ونقلهم إلى بعض الدول والثكنات المليشياتية في إطار سياسة التجنيد القسري للأطفال”.