رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الأزمة في السودان.. أستعداد جيوش دول العالم لمساعدة رعاياها

نشر
الأمصار

يشهد السودان اشتباكات بين الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، أدت إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.

وصول أول سفينة إجلاء للرعايا السعوديين من السودان لميناء جدة

وصل عشرات من السعوديين ورعايا دول أخرى بحرا إلى مدينة جدة، في أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان بعد تفجر الأزمة، فيما تتأهب جيوش دول أخرى لمساعدة رعاياها.

واندلعت قبل أسبوع معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في قلب العاصمة السودانية الخرطوم، وسط تدهور سريع للوضع الإنساني والصحي في المدينة.

وفي إطار المساعي لإجلاء الرعايا الأجانب، ترأس رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اجتماعا للجنة الحكومية للاستجابة للطوارئ اليوم السبت لبحث الموقف في السودان بحضور وزير الدفاع بن والاس.

وكان الجيش السوداني قد أعلن اليوم السبت أنه وافق على المساعدة في إجلاء رعايا أجانب، فيما سُمع دوي إطلاق نار وضربات جوية في أنحاء من الخرطوم على الرغم من تعهد طرفي الصراع في السودان بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.

وقال الجيش إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ستجلي دبلوماسيين ورعايا آخرين من الخرطوم، مضيفا أنه "يتوقع الشروع في ذلك فورا".

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية عند سؤاله عن التصريحات: "ندرك أن الموقف مقلق للغاية للرعايا البريطانيين المحاصرين بسبب القتال في السودان".

وأضاف "نبذل كل ما هو ممكن لدعم الرعايا البريطانيين والموظفين الدبلوماسيين في الخرطوم، وتعمل وزارة الدفاع مع وزارة الخارجية للاستعداد لعدد من حالات الطوارئ".

وحدثت وزارة الخارجية البريطانية اليوم السبت توصياتها بخصوص التحركات في السودان، وحذرت من أن "المسؤولية عن أي قرار بالتحرك في حالة وقف إطلاق النار يجب أن تكون شخصية".

ويأتي التحرك البريطاني في وقت وصل فيه عشرات من السعوديين ورعايا دول أخرى بحرا إلى مدينة جدة، في أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع المعارك، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي السعودي السبت.

ووصلت أول سفينة إجلاء من السودان تضم 50 مواطنا وعددا من رعايا الدول الشقيقة".

وأوضحت أنّ أربع سفن أخرى "قادمة من السودان إلى جدة على متنها 108 أشخاص من 11 دولة"، من دون تفاصيل إضافية.

وعرضت القناة شريطا مصوّرا تظهر فيه سفينة حربية لدى وصولها الى الميناء، وكانت وزارة الخارجية السعودية أعلنت في وقت سابق السبت، "بدء ترتيب إجلاء المواطنين السعوديين وعدد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من جمهورية السودان إلى المملكة".

وصباح السبت، عادت أصوات إطلاق النار والانفجارات تُسمع في الخرطوم بعد تراجع في حدة القتال ليل الجمعة، إثر إعلان هدنة مؤقتة بين طرفي القتال.

والعملية التي نفذتها السعودية هي أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع الاشتباكات، علما بأن الجيش السوداني أعلن في أول من أمس الخميس، إجلاء 177 عسكريا مصريا كانوا موجودين في مدينة مروي بشمال البلاد.

الوضع الصحي في السودان

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في بيان، مقتل 413 شخصا وإصابة 3 آلاف و551 آخرين منذ بدء الاشتباكات في 15 أبريل/نيسان الجاري بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى.

أعلنت نقـــابة أطبـــــاء الســـــودان، اليوم السبت، تعرض ست عربات إسعاف للاعتداء من قبل القوات العسكرية المتقاتلة .

وقالت النقابة، في منشور أوردته على صفحتها بموقع "فيسبوك" اليوم ، إنه تم منع الطواقم الطبية لم يسمح لها بالمرور لنقل المرضى وإيصال المعينات.

ولفتت إلى أن 70.8% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباك ما زالت متوقفة عن الخدمة، لافتة إلى أن 56 مستشفى متوقفة عن الخدمة من أصل 79 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات.

وكشفت عن تعرض 4 مستشفيات في مدينة الأُبيّــــض للقصف، مما يرفع العدد الكلي للمستشفيات التي تم قصفها إلى 13 مستشفى، موضحة أن 19 مستشفى تعرضت للإخلاء القسري.

وناشدت النقابة المجتمع الدولي والإقليمي للمساعدة العاجلة في وقف هذا الصراع الدموي، وحث الدول على الامتناع عن أي فعل يؤجج الصراع ويزيد اشتعاله وانتشاره في ربوع الوطن.

وفيما أعلن وزير الصحة السوداني هيثم إبراهيم، في تصريح متلفز، رصد أكثر من 400 وفاة في كل مستشفيات البلاد.

لكن لجانا طبية مستقلة تحدثت، عبر بيانات، عن صعوبة الحصول على عدد كامل ودقيق للضحايا في ظل عدم وصول بعضهم إلى مستشفيات، وانتشار جثث في الشوارع وعدم القدرة على التعامل معها جراء القتال.

ودعت "نقابة أطباء السودان"، السبت، المجتمع الدولي إلى "المساعدة العاجلة" لوقف المواجهات المسلحة في البلاد بين الجيش و"قوات الدعم السريع".

كما ناشد البيان "المجتمع الدولي للضغط على طرفي النزاع لفتح ممرات آمنة لنقل المعينات والجرحى والجثث".

وأضاف: "ندعو للالتزام بعدم التعرض للمرافق الصحية وسيارات الإسعاف ومراقبة الهدنة التي بدأت الجمعة وتعاني من الخروقات مثل سابقاتها ومعرفة من يقوم بخرقها".

في الأثناء بحث قائد "قوات الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي"، السبت، مع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "الأزمة الراهنة" في البلاد.

وقال "حميدتي" في بيان عبر "فيسبوك"، إنه تلقى "اتصالا هاتفيا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ناقش خلاله جميع القضايا المتعلقة بالأزمة الراهنة، في ضوء الهدنة الإنسانية".

وبحسب البيان، فقد ناقش الاتصال كذلك "أهمية فتح ممرات آمنة للمواطنين والمقيمين وتسهيل حركتهم من أجل الحصول على المساعدات الممكنة".

وأضاف: "أكدنا ضرورة الالتزام بالوقف الكامل لإطلاق النار وتوفير الحماية للعاملين في الحقل الإنساني والطبي، لا سيما موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية".

وسبق أن دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس أطراف النزاع إلى وقف إطلاق النار خلال عيد الفطر، لفتح ممرات آمنة للمدنيين.

وأفادت البعثة الأممية في بيان: يكرر بيرتس النداء الأممي إلى "جميع الأطراف لتنفيذ وقف إطلاق نار خلال العيد من أجل توفير الظروف اللازمة لفتح ممر آمن لجميع المدنيين المحاصرين في مناطق الصراع، حتى يتمكنوا من الحصول على المساعدة الضرورية وتلقي الرعاية الطبية".

وأضافت أنه "في ظل هذه الظروف الصعبة يعرب الممثل الخاص عن تضامنه مع كل الشعب السوداني، ويتمنى له القوة للمثابرة في مواجهة التحديات الحالية".

وتابعت "يأمل الممثل الخاص أن يتغلب هذا الوطن وشعبه العظيم على هذه الأزمة، ويسير قدما نحو مستقبل أفضل يسوده السلام والاستقرار والازدهار".

كما قالت القوى المدنية: "نرحب بإعلان الجيش والدعم السريع موافقتهما على وقف عدائيات إنسانية، نتيجة لتواصل مكثف تم خلال الأيام الماضية بواسطة أطراف دولية عززت المبادرات المحلية بقبول الطرفين للهدنة".

وطالبت طرفي القتال بـ"الالتزام بها (الهدنة) ومعالجة كل القضايا الإنسانية التي نتجت عن مأساة الحرب منذ اندلاعها" بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ولتجنيب السودان "شبح الانهيار الشامل" دعت القوى المدنية "الأطراف العسكرية والمدنية إلى تطوير اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار وحل سياسي تفاوضي يعالج قضايا البلاد الرئيسية".

وبين البرهان وحميدتي خلافات، أبرزها بشأن مقترح لدمج قوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد الأول إتمام العملية خلال عامين، هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك الثاني بعشر سنوات.

وجراء خلافتهما تأجل مرتين، آخرهما في 5 أبريل/نيسان الجاري، توقيع اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إجراءات استثنائية بينها حل مجلس السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.

أسر سودانية تفر من القتال الدائر في العاصمة

وفي وقت سابق السبت، أعربت قوات الدعم السريع عن استعدادها لفتح "كل مطارات" السودان لإجلاء الأجانب، مع أنه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات.

من جهته، أكد البرهان في بيان للجيش موافقته على "طلب عدد من الدول تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد"، و"تقديم المساعدة اللازمة لتأمين ذلك".

وأفاد البيان بأنه "ينتظر أن تبدأ عملية إجلاء كل البعثات التي تطلب دولها ذلك خلال الساعات القادمة".

ويخشى مراقبون أن ينذر إجلاء الرعايا بجولة أشد ضراوة للصراع الذي يدخل أسبوعه الثاني في وقت تتعالى فيه الأصوات من مخاطر نقص الماء والغذاء في العاصمة وانهيار المنظومة الصحية.

وعلى وقع ضغوط دولية لحل الأزمة وبدء هدنة إنسانية تسمح للسودانيين بقضاء عيد الفطر، أعلن طرفا الصراع في السودان الموافقة على هدنة لمدة 72 ساعة.

وكانت قوات الدعم السريع وافقت على هدنة لمدة 3 أيام، اعتبارا من اليوم الجمعة، لتمكين المواطنين من الاحتفال بعيد الفطر، وانسياب الخدمات الإنسانية.

وعبرت القوات المسلحة عن أملها بأن يلتزم الجميع بكل متطلبات الهدنة، ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها.

ترحيب دولي بالهدنة في السودان 

فيما رحبت الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقى - الإيقاد - الأمم المتحدة)، بإعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع هدنة لمدة 3 أيام خلال عيد الفطر.

وأكدت في بيان أن "اتفاق وقف إطلاق النار سيسمح للمدنيين بالحصول على المساعدات الضرورية مثل الغذاء والماء والرعاية الطبية".

وشددت على "أهمية التوصل إلى وقف طويل الأمد للأعمال العدائية في السودان من أجل جميع السودانيين ومستقبلهم".

وفي سياق متصل، رحبت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بالسودان بالإعلان عن هدنة من جانب الجيش وقوات الدعم السريع.

وعبرت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق عن أملها بأن تشكل الهدنة فرصة للأطراف العسكرية والمدنية لتطوير اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار.

من جانبه، رحب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث مع قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، بإعلان وقف إطلاق النار في عيد الفطر لمدة 3 أيام.

وقال، في بيان، إنه طالب رئيس المجلس السيادي السوداني وقائد قوات الدعم السريع بالالتزام بوقف إطلاق النار.

وتابع: "يجب عقد مفاوضات بين أطراف الصراع في السودان تتناول تقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين بما في ذلك سحب القوات من المناطق الحضرية".

وشدد على القادة العسكريين والقيادات المدنية بالسودان بالبدء فورا في مفاوضات بشأن ترتيبات لوقف إطلاق نار مستدام لتجنب المزيد من الأضرار.

وفي سياق متصل، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، الجمعة، إنه "يجب ألا يتوقع المواطنون الأمريكيون في السودان إجلاء تنسقه الحكومة الأمريكية من البلاد، وذلك وسط إطلاق نار كثيف يدوي في العاصمة الخرطوم".

وقال باتيل في إفادة إعلامية، إنه "بالنظر إلى إغلاق مطار الخرطوم والوضع الأمني غير المستقر في البلاد، يتعين على المواطنين هناك اتخاذ الترتيبات الخاصة بهم للبقاء في أمان".