رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد مقتل ٥٠ مسلحا.. هزيمة الإرهاب في الصومال لم يعد بعيد المنال

نشر
الأمصار

شن الجيش الأمريكي أمس غارة جوية ضد إرهابيين من حركة الشباب الصومالية ومن جانبه أعلن الجيش الصومالى فى بيان مقتل 50 مسلحا من الحركة الإرهابية من بينهم 3 من قادة الحركة في غارة جوية بقرية عاد جنوبي محافظة مدغ وسط البلاد.

والجدير بالذكر أن طبيعة التطورات التي تشهدها الصومال منذ أكثر من عقدين، وما يرتبط بها من تزايد تدخلات القوى الخارجية في الشأن الصومالي، وكذلك ما نتج عنها من بروز حركة شباب المجاهدين التي تمثل الجماعة الإرهابية الرئيسية في الصومال، وتحمل تهديدات إلى دول إقليم شرق أفريقيا بأكمله، وتسعى لاستغلال كافة عوامل الضعف التي تعاني منه الصومال في فرض سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، خاصة بعد انضمامها إلى تنظيم القاعدة في فبراير عام 2012.

من هي حركة شباب المجاهدين؟

ظهرت حركة شباب المجاهدين وانتشر اسمها عقب التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال والمدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2006، حيث جاء هذا التدخل لحماية الحكومة الصومالية الانتقالية برئاسة “عبد الله يوسف “والقضاء على المحاكم الإسلامية التي تمكنت من فرض سلطتها على العاصمة مقديشيو وعدد من المدن الصومالية خلال النصف الثاني من عام 2006.

وقامت حركة الشباب بدور كبير في مقاومة الوجود الإثيوبي في الصومال، وحققت نجاحات أسهمت في التعجيل بانسحاب القوات الإثيوبية، ولكنها انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية بعد انضمامه إلى تحالف إعادة تحرير الصومال وتوصله إلى اتفاق مع الحكومة الإثيوبية وتحت رعاية الأمم المتحدة وانتخاب رئيسه الشيخ” شريف أحمد “كرئيس للحكومة الصومالية الانتقالية في يناير 2009.

وحتى نهاية عام 2010 تمكنت حركة الشباب من السيطرة على العديد من المناطق ووصلت إلى العاصمة مقديشيو، وأصبح المشهد الأمني والسياسي في الصومال، وفي ظل التصعيد العسكري من قبل الحركة، يميل إلى ترجيح نجاحها في إسقاط الحكومة الانتقالية.

ضعف قوة حركة الشباب

غير أن النصف الثاني من عام 2011 شهد تراجعًا ملحوظًا في قوة حركة الشباب؛ فقد تمكنت قوات الاتحاد الأفريقي، الداعمة للقوات الحكومية، من إجبارها على الانسحاب من العاصمة.

واستمرت حالة التراجع للحركة في ظل تزايد خسائرها من الأراضي والموارد المالية وكذلك المقاتلين والدعم الشعبي، بالإضافة إلى تصاعد النزاعات الداخلية بين كبار القادة والفصائل المختلفة للحركة.

أعنف هجوم دموى
وتشير العملية الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة مقديشيو في أكتوبر 2017، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 300 شخص فيما يمثل أعنف هجوم دموي في الحرب الدائرة ضد الإرهابيين منذ أكثر من عقد، إلى أن هزيمة الإرهاب في الصومال لا تزال بعيدة المنال على الرغم من عمليات المكافحة المستمرة.

الولايات المتحدة الأمريكية

منحت الولايات المتحدة إقليم شرق أفريقيا أهمية خاصة في استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب الدولي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، خاصة بعد تعرض سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا لهجوم إرهابي في عام 1998.

وتزايدت التحليلات الغربية التي تؤكد على أن مناطق الصراع والفراغات الأمنية التي تتميز بها الكثير من دول القارة الأفريقية تمنح ملاذات آمنة للعناصر الإرهابية.

كما أنشأت الولايات المتحدة مبادرة “للشراكة في مكافحة الإرهاب في شرق أفريقيا” في عام 2009 تضم غالبية دول الإقليم.

وتقوم استراتيجية مشاركة الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب في الصومال على تقليل التواجد الأمريكي العسكري .

وتقوم الاستراتيجية الأمريكية في الصومال في هذا السياق على نشر عدد صغير من قوات العمليات الخاصة بهدف تنفيذ الضربات الموجهة، وتوفير المعلومات الاستخباراتية، وبناء قدرات قوات الشركاء المحليين لتنفيذ العمليات البرية من خلال دعم الجيش الصومالي الوطني وبعثة الاتحاد الأفريقي وقوات العشائر التي تشارك في عمليات مكافحة الإرهاب.

وبدأت الغارات الأمريكية في الصومال في عام 2011، حيث اتسمت بالمحدودية والسرية.

وقدم عدد من جنود العمليات الخاصة الاستشارة للقوات الصومالية خلال عام 2013؛ وظل عمل القوات الأمريكية مقصورا على مقديشو وقاعدة بيلدوغول الجوية جنوب الصومال.

وقد بلغ عدد ضباط العمليات الخاصة 100 ضابطا تقريبا، وظلت مهمتهم استخباراتية بالأساس بجانب غارات مكافحة الإرهاب.

النجاحات الأمريكية فى الصومال
وقد نجحت الولايات المتحدة في تصفية واعتقال عدد من قيادات جماعة الشباب؛ فنجحت القوات الأمريكية في القبض على الإرهابي (علي سليمان عبدالله) من داخل إحدى المستشفيات في عام 2003، وقتل (آدم حاشي فارح عيرو) في عام 2008 وهو زعيم وعضو مؤسس لحركة الشباب، وقتل (صالح علي صالح نبهان) المتهم بالمشاركة في الهجوم على فندق براديس الإسرائيلي في مومباسا ومحاولة إسقاط طائرة إسرائيلية في عام 2002، وذلك أثناء تنفيذ غارة تابعة لسلاح البحرية الأمريكية في سبتمبر 2009. كما حاولت البحرية الأمريكية القبض على (عبد القادر محمد عبد القادر) خلال هجوم برمائي على مدينة باراوي الساحلية في أكتوبر 2013 ولكن أُحبطت العملية. ونجحت غارة أخرى في اغتيال (أحمد عبدي جوداني)، زعيم الحركة في سبتمبر 2014.

كما أعلنت إدارة أوباما في أواخر عام 2016 أنها أعادت تفسير التفويض الممنوح لها في عام 2001 لاستخدام قواتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة ليضم حركة الشباب، لكن هذه الجهود لم تردع حركة الشباب أو تمنعها من توسيع أهدافها وتحسين وسائل متابعتها، فقد حاولت الحركة في فبراير 2016 إسقاط طائرة في مطار مقديشيو الدولي عبر جهاز كمبيوتر. وزادت الولايات المتحدة من عملياتها ضد الحركة ردا على ذلك، حيث اتجهت إلى استهداف عناصر الحركة في المستويات الوسطى والدنيا؛ فقامت القوات الأمريكية بغارة على معسكر تدريب تابع لحركة الشباب على بعد 120 ميل شمال مقديشيو في مارس 2016، أسفرت عن مقتل ما يقرب من 150 مقاتلا.

وتوسعت الحملة العسكرية الأمريكية في الصومال في عهد الرئيس ترامب؛ فمع بداية عام 2017 خفف البيت الأبيض من القواعد التي تحكم العمليات العسكرية الأمريكية هناك، معلنا أجزاء من الصومال “نقطة أعمال عدائية نشطة”.

وتم تعيين جنرال أمريكي لتنسيق العمليات العسكرية من خلال مجمع حصين داخل مطار مقديشيو.

تضاعف عدد القوات الأمريكية في عام 2017 إلى 500 جندي، في الوقت الذي نشرت فيه وزارة الدفاع الأمريكية أعدادا إضافية من قوات العمليات الخاصة لتقديم النصح والاستشارة للقوات المحلية، سواء في مناطق وجود حركة الشباب الصومالية أو الجماعات المتشددة الأخرى في شمال البلاد، في “بونت لاند”، حيث أعلن فصيل منشق عن حركة الشباب في عام 2015 ولاءه لتنظيم داعش. ونقلا عن القيادة المركزية الأفريقية فإن الولايات المتحدة شنت خلال عام 2007 (28)عملية في الصومال، مقارنة بـ 13 غارة جوية وبرية في عام 2006، وخمس غارات في عام 2015.