رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

علي الزبيدي يكتب : في الصميم .. الازدواجية بين الفرد والمجتمع

نشر
الأمصار

ازعم أني في مرحلة شبابي كنت قارئا جيدا لما طرحه المرحوم الدكتور علي الوردي في جميع كتبه بدءا من كتاب ازدواجية الشخصية للفرد العراقي وانتهاء بكتابه دراسة  في طبيعة المجتمع العراقي واليوم وبعد أن تجاوز عمري الخامسة والستين سنة  أجد نفسي لازلت تلميذاصغيرا في مدرسة هذا العملاق العراقي الخارق الذي شخص أمراض المجتمع العراقي حكاما ومحكومين سادة وعامة ، ومما بقي شاخصا في ذاكرتي رغم كل هذه السنوات إن الراحل الوردي كان دقيقا في اغلب ما طرحه من مشاكل والتي لم تزل قائمة وتلقي بظلالها المعتمة ليومنا هذا فقد نبه إلى الازدواجية والانتهازية ومحاولة تلبيس السياسية بعباءة الدين والتدين وسخر كثيرا من تلك المحاولات فهو صاحب المقولة الشهيرة:(من يحترم المكر السياسي باسم الدين ، إنما هو يمسخ الدين من حيث لا يشعر) واليوم ونحن أمام كل ما لحق بالعراق من قبل أحزاب تدعي أنها إسلامية سواء كانت من هذا الطرف أو ذاك وما قامت به خلال ٢٠ عاما من تسيدها على المشهد السياسي العراقي وكانت بيدها كل أسباب  النهوض بالبلد وتقدمه وثروة طائلة تعد بأكثر من 1000 مليار دولار  وكان بمقدور دولة أخرى بضعف عدد نفوس العراق أن تكون في مصاف البلدان المتقدمة في جميع مناحي الحياة خلال فترة زمنية  اقل  إلا إننا وللأسف الشديد لم نلمس من منجزاتها إلا التراجع في كل شيء ، نسمع خطبا رنانة ووعودا كثيرة وكبيرة  ولكن ما هو النتاج على الصعيد الوطني والإنساني ؟
اعتقد إن تعداد الاحباطات والفشل لا تغطيه المساحة المتاحة لعمود صحفي وإنما يستلزم ذلك موسوعة خاصة لهذه  الفترة من حكم الإسلام السياسي  بمختلف عناوينه في العراق.
وكما تعلمنا في دراستنا ومن حياتنا انه ليس من العيب أن يخطأ الإنسان ولكن من العيب أن يبقى مصرا على ذلك الخطأ ونحن اليوم بحاجة ماسة لكشف الحساب  والمصارحة وان يقف الشعب ليحاسب المقصرين والفاسدين الذين منحهم جزءا من أصواته وأوصلهم إلى قبة البرلمان أو الحكومة  فليس من المنطقي والمعقول أن تستمر هذه الدوامة وهذا التصارع المحموم بين أقطاب السلطة  باسم الدين والمذهب والطائفة والضحية هو الشعب  الذي يعاني يوميا الكثير في كل شيء بدءا من قوافل  الشباب  العاطل عن العمل إلى تدني  الأداء الحكومي في الخدمات  الضرورية للإنسان من تعليم وصحة وأمن وتنمية اقتصادية وعمرانية ،أم نبقى كما أرادنا الساسة قناطر وجسور لمصالحهم ؟ اعتقد جازما إن الوردي رحمه الله كان على صواب في تشخيصه لازدواجية الفرد والمجتمع.