رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

انفجار مرفأ بيروت.. معارضة المؤسسة الحاكمة وغياب المحاسبة

نشر
الأمصار

بدأت الأجهزة الأمنية في لبنان تنفيذ القرار الصادر عن النائب العام اللبناني غسان عويدات بإخلاء سبيل جميع المحبوسين على ذمة التحقيقات بانفجار ميناء بيروت البحري.


وأفرجت السلطات المسئولة عن بدري ضاهر المدير العام للجمارك والذي تم حبسه على ذمة القضية من 7 أغسطس عام 2020، بعد 3 أيام من وقوع الانفجار.


وكان النائب العام بلبنان القاضي غسان عويدات قد أصدر قرارًا بإخلاء سبيل جميع المحبوسين على ذمة التحقيقات في قضية إنفجار ميناء بيروت البحري دون استثناء، مع منعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي حال انعقاده وإبلاغ من يلزم.


وجاء في القرار الذي حمل رقم 1 أن قاضي التحقيق في قضية انفجار الميناء طارق البيطار مكفوفة يده في التحقيقات، مشيرًا إلى أن قاضي التحقيق اعتبر نفسه مولجا بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز لاتخاذ ما يراه مناسبًا من إجراءات، مشيرًا إلى أنه بذلك قد استقى صلاحياته وسلطته من الهيئات القضائية جمعاء.

انفجار المرفأ

في 4 من أغسطس/ آب 2020  هز العاصمة اللبنانية انفجار يُعتبرمن أقوى الانفجارات غير النووية في العالم للحد الذي جعل سكان قبرص التي تبعد 250 كيلومترا يشعرون به ودفع بسحابة غبار كبيرة فوق بيروت، وذلك إثر اشتعال 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزنة في مرفأ بيروت منذ سنوات.

وكانت المواد الكيميائية متجهة في الأصل إلى موزمبيق على متن سفينة مستأجرة من روسيا، وكانت موجودة في الميناء منذ عام 2013 حين أفرغت خلال توقف لم يكن في الحسبان لنقل شحنة إضافية.

لم تغادر السفينة الميناء قط حيث لم يطالب أحد بالشحنة التي وقعت في حبائل نزاع قانوني حول رسوم الميناء التي لم تسدد وعيوب السفن.

انتهى مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.أي) إلى أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت هي خمس ما إجماليه 2754 طنا تم تخزينها عام 2013، مما عزز الشكوك بشأن فقدان الكثير من الشحنة.

معارضة المؤسسة الحاكمة

وجه المدعي العام اللبناني، غسان عويدات، اتهامات للقاضي طارق البيطار الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020 وأودى بحياة 220 شخصا على الأقل، مما أعاق محاولة البيطار لإخضاع أعضاء من النخبة الحاكمة للمساءلة.

ويشير قرار عويدات إلى تصاعد معارضة المؤسسة الحاكمة في لبنان لجهود القاضي طارق البيطار لاستئناف التحقيق في الانفجار.

وقال البيطار لرويترز إن عويدات "ليس له الحق" في توجيه اتهامات أو الإفراج عن المعتقلين لأن عويدات نفسه ضمن المتهمين بخصوص الانفجار.

وأضاف أنه سيواصل التحقيق إلى أن يُصدر لائحة اتهام.

وأصدر عويدات أمرا بمنع سفر البيطار بالإضافة إلى قرار يقول إن القاضي لا يملك صلاحية استئناف التحقيق.

وشن حزب الله حملة على البيطار بسبب مسعاه لاستجواب حلفاء للحزب فيما يتعلق بالتحقيق، وقال الأمين العام للحزب حسن نصر الله عام 2021 إنه يتعين استبعاد البيطار.

وفي عام 2022 تم تعليق التحقيق بعد تدخل سياسي وشكاوى قانونية ضد القاضي.

واستأنف البيطار يوم الاثنين الماضي بشكل غير متوقع تحقيقه في الانفجار استنادا إلى رأي قانوني.

وقال مصدر قضائي إن البيطار وجه اتهامات لمسؤولين كبار، حاليين وسابقين، من بينهم عويدات، لكن المصدر لم يحدد طبيعة الاتهامات الموجهة إلى النائب العام.

وكان عويدات قد نأى بنفسه عن أي ضلوع في التحقيق الذي تضمن إصدار البيطار مذكرة اعتقال بحق صهره وزير الأشغال العامة السابق غازي زعيتر.

محطات تعطيل التحقيقات 

تتمتع النخبة الحاكمة في لبنان بنفوذ كبير على القضاء لأن كثيرين من القضاة يدينون للسياسيين بالفضل في تعيينهم في مناصبهم.

عين وزير العدل القاضي فادي صوان محققا بعد فترة قصيرة من وقوع الانفجار، ووجه صوان اتهامات إلى ثلاثة وزراء سابقين ودياب بالإهمال بشأن الانفجار في ديسمبر 2020، لكنه واجه بعد ذلك انتكاسة سياسية قوية.

أبعدته محكمة من القضية في فبراير 2021 بعد أن شكا اثنان من الوزراء السابقين وهما علي حسن خليل وغازي زعيتر من تجاوز سلطاته.

سعى البيطار، الذي عين خلفا لصوان، لاستجواب شخصيات بارزة من بينها خليل وزعيتر، وكلاهما من أعضاء حركة أمل التي يرأسها نبيه بري وحلفاء لحزب الله المدعوم من إيران.

ينفي الجميع ارتكاب أي مخالفات، ويتهمون البيطار بتجاوز صلاحياته. ورفع المشتبه بهم الكثير من القضايا أمام المحاكم للمطالبة بتنحية البيطار بسبب ما يزعمون أنه تحيز وأخطاء، وهو ما أدى إلى وقف التحقيق عدة مرات.

وصل التحقيق إلى مرحلة من النسيان التام في 2022 عندما تقاعد بعض القضاة قبل البت في الشكاوى المرفوعة ضد البيطار والتي أوقفت تحقيقه. وأرجأت السلطات تعيين قضاة جدد، مما أثار القلق من تجميد التحقيق إلى أجل غير مسمى.

احتجاجات على قرارات النائب العام

بالنسبة لكثير من اللبنانيين، فإن الكارثة ترمز إلى الفساد الأوسع نطاقا وسوء إدارة النخبة الحاكمة الذي دفع لبنان أيضا إلى انهيار مالي مدمر.

توافد عدد من أهالى ضحايا انفجار ميناء بيروت البحرى على قصر العدل "مجمع المحاكم الرئيسى" فى العاصمة بيروت، احتجاجا على قرارات النائب العام اللبنانى غسان عويدات، أمس، بإخلاء سبيل جميع المحبوسين على ذمة التحقيقات فى القضية، بالإضافة إلى منع قاضى التحقيق فى القضية القاضي طارق البيطار من السفر وتوجيه الاتهامات له باغتصاب السلطة وإساءة استخدام النفوذ.

كما حضر عدد من أعضاء مجلس النواب اللبنانى، للمشاركة في وقفة أمام قصر العدل، وذلك بالتزامن مع اجتماع مرتقب لمجلس القضاء الأعلى، اليوم الخميس لبحث مسار التحقيقات.