رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. عبد الحفيظ محبوب يكتب: إيران والتحديات الاستراتيجية للسياسة الأمريكية في المنطقة في 2023

نشر
الأمصار

العلاقات بين روسيا وإيران تتجاوز المعارك التي دارت بين الجانبين في عهد القاجاريين عقب سقوط الدولة الصفوية 1813-1828، وخسرت إيران شمالا مساحات واسعة قامت روسيا بضمها، ولعب الروس دورا بارزا في محاربة الثورة الدستورية بين عامي 1905-1911، كما تعاون الاتحاد السوفيتي مع بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية لاحتلال بريطانيا إيران بحجة منع ألمانيا من السيطرة على حقول النفط الإيرانية، رغم ذلك لا زالت روسيا تتبع النمط التقليدي على أساس النفوذ في الغرب والجنوب، لذلك ستقف روسيا أمام أي علاقة بين إيران والغرب، لذلك أي علاقة بين إيران وروسيا لن تتعدى مستوى الشراكة الاستراتيجية المحدودة، بمعنى أنها لن تغادر إطار التكتيك، ولم تتوسع إيران في المنطقة إلا من خلال أمريكا في العراق، ومن خلال روسيا في سوريا.


تركز الجهد السوفيتي الأكبر لفصل إيران عن المعسكر الغربي عندما قرر بيع إيران أسلحة روسية، ونشر أول تقرير عن بيع أسلحة لإيران في أغسطس من العام 1966، لكن الضغوط الأمريكية أجبرت إيران على وقف صفقات السلاح الروسي، رغم أنه بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 شهد العالم مرحلة تحول الحرب الباردة إلى مرحلة جديدة شعارها الانفراج ونزع فتيل التوتر، مما شهد مجال العلاقات الدولية فيما يتعلق بالعلاقات بين الاتحاد السوفيتي وحلفاء الولايات المتحدة ومنهم إيران.


تعتبر روسيا قراءة وزن ودور إيران من الناحية الجيوسياسية بعدما أوقفت روسيا تزويد إيران بمفاعل أبحاث عام 1998، رغم التنافس بين الجانبين قادت روسيا مع إيران تكتل معارض لسياسات أمريكا يضم الصين وإيران والهند والبرازيل لإعادة نوع من التوازن في العلاقات الدولية لإنهاء سياسة القطب الواحد الأمريكية.


توسطت روسيا بين تركيا وسوريا وعقد أول اجتماع بين وزيري الدفاع التركي والسوري منذ اندلاع الأزمة السورية برعاية الوسيط الروسي، وأن موسكو مستعدة لعقد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري لكسر الجمود وتطبيع العلاقات.


لا تزال إيران واحدة من أكثر تحديات الأمن القومي إلحاحا التي تواجه الولايات المتحدة خصوصا بعدما قدمت إيران طائرات بدون طيار رخيصة الثمن لكنها دقيقة في استهداف البنى التحتية في أوكرانيا، ويرى كثير من المحللين الأمريكيين أن غياب السياسات الأميركية الثابتة في التعامل مع إيران لم يسفر إلا عن تشجيع وتقوية النظام الإيراني، لكن إمداد إيران لروسيا بالطائرات المسيرة المسلحة جنبا إلى جانب الاحتجاجات ضد النظام الإيراني يشكل تغييرا جذريا محتملا في السياسة الأمريكية، فقد حان الوقت لصياغة الولايات المتحدة استراتيجية أكثر شمولية تتجاوز المفاوضات النووية، حتى لا تذهب السعودية بعيدا عن الولايات المتحدة أكثر خصوصا وأن خياراتها أصبحا واسعة جدا، وليس لدى أمريكا القدرة في إيقاف السعودية ان تذهب بعيدا، وجربت الولايات المتحدة الردع الدبلوماسي مع السعودية ولم ينجح، ولم تعد كذلك تنفع الاستراتيجية النرجسية مع السعودية، والتي تفرض على الشريك ما تراه الولايات المتحدة في أن السعودية تستبدل أمريكا بالصين، بينما استراتيجية السعودية تنويع شراكاتها وفق مصالحها وهي تحتاج الجميع لتحقيق رؤيتها 2030.


سعت الولايات المتحدة لإنجاح حكومة في العراق تابعة لإيران مع إقصاء التشريين وحكومة تتبع الصدر، رغم انه يتبع إيران، لكن أيضا من أجل تمرير الاتفاق النووي، لكنه لم يتم ولم يتحقق، واليوم تذهب إيران إلى سلطنة عمان من أجل التوسط لإعادة التفاوض حول النووي مع الدول الغربية، وتعتبر سلطنة عمان مركز الحوار الإقليمي.


فباريس كما بقية العواصم الأوروبية المتحمسة للاتفاق النووي من أجل الحصول على الغاز الإيراني بديلا عن الغاز الروسي تحمل إيران مسؤولية فشل المفاوضات، ولم تعد تتردد باريس في التنديد بإيران لا بل تهديدها بنقل الملف النووي إلى مجلس الأمن الدولي، ما يعني آليا إعادة فرض العقوبات الدولية عليها بموجب آلية سناب باك التي لا تحتاج لقرار جديد من مجلس الأمن، وبالتوازي فإن باريس قلقة من تطور البرنامج النووي الإيراني ومما يشكله من خطر على الإقليم، بل إن بايدن حينما يسرب تصريح أن المفاوضات حول الملف النووي قد مات، ولكنه لم يصرح رسميا لأنه بذلك يحتاج إلى خطوة عسكرية، وأمريكا لا تريدها في الوقت الحاضر، خصوصا وأن السعودية رفضت المشاركة في ناتو عربي بمشاركة إسرائيل لضرب إيران، فقط هددت إن امتلكت إيران قنبلة نووية فستمتلك السعودية قنبلة نووية، مما أدخل الذعر والرعب في قلب إسرائيل.


تغاضت أمريكا كثيرا عن تهريب العملة العراقية إلى إيران التي هي في العادة عبارة عن أتاوات مقابل حماية الحشد الشعبي، لكن هذه المرة اعتبرت الولايات المتحدة أن تسليم شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي 4 مليارات دولار لإيران أثناء زيارته إيران في نوفمبر، واعتبرته خط أحمر تم تجاوزه من قبل العراق، ووضعت الخزانة الأمريكية عقوبات على 15 مصرفا أهليا بحجة أنها متورطة في تهريب العملة وغسل أموال والتلاعب بالعملة وعلى رأسهم مالك مصرف الشرق الأوسط علي غلام، خصوصا مع تخصيص مليار دولار لمليشيات الحوثي باعتبار أن الحوثي أصبح أهم وكيل في المنطقة لأنه يشرف على ممرات ومضائق مائية يمر بها النفط والتجارة الدولية، ولا زالت إيران متمسكة بوكلائها في المنطقة وهو أحد أهم الأسباب الذي يقف حائلا أمام أي حوارا إقليمي مع السعودية، وتستثمر إيران كذلك حرب روسيا في أوكرانيا وتحاول انتزاع تنازل سيادي من سوريا على غرار انتزاع سيادي حصلت عليه روسيا في حميميم وطرطوس، وهو ما تنبهت له روسيا وتحاول في تطبيع العلاقات التركية السورية.


لأول مرة يتجاوز التومان 43 ألف مقابل الدولار منخفضا من 4 آلاف تومان مقابل الدولار في 2016، ووصل الريال الإيراني مقابل الدولار نحو 420 ألف منخفضا منذ مجئ رئيسي نحو 45 في المائة من قيمة الريال، والتضخم وصل 68 في المائة منذ سنة فقط، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي نحو 56 في المائة خلال 3 سنوات من 445 مليار دولار عام 2017 إلى 191 مليار دولار في 2021.