رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بنك قطر الوطني: النمو الاقتصادي العالمي في 2022 دون المستوى

نشر
بنك قطر الوطني
بنك قطر الوطني

أكد التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني "QNB" هيمنة الأوضاع العالمية على البيئة الاقتصادية، حيث أدت التحديات الكلية التي شهدتها الساحة العالمية، خلال عام 2022، بدءا بالإغلاق الصيني، مرورا بالقيود المستمرة على سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتسارع التضخم، وصولا لتشديد سياسات البنوك المركزية، إلى تباطؤ اقتصادي ونمو عالمي دون المستوى الأمثل.

وقال البنك في تقريره: "ضعف الأداء أوقف التعافي القوي الذي شهدناه في النصف الثاني من عامي 2020 و 2021، ويضع الاقتصاد العالمي في مستوى أقل بنسبة 5 بالمائة من الاتجاه الذي كان سائدا قبل جائحة كورونا، وكان التدهور واسع النطاق، وأثر في جميع الاقتصادات الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومنطقة اليورو، والصين".

انتكاسة كبيرة

واعتبر التقرير تحقيق نمو عالمي بنسبة 2.9 بالمائة بمثابة انتكاسة كبيرة، مقارنة بتوقعات تحقيق نمو أولي تبلغ نسبته 4.4 بالمائة، ومتوسط نمو طويل الأجل يبلغ 3.4 بالمائة .

وأشار إلى أن العام الحالي الذي شارف على الانتهاء بدأ إيجابيا، فقد كانت معنويات السوق جيدة، مع استمرار التعافي من الجائحة، مما بشر بأداء قوي للاقتصادات المتقدمة الرئيسية والأسواق الناشئة، لا سيما بعد توقعات /بلومبيرغ/ تحقيق نمو عالمي قوي نسبته 4.4 بالمائة في 2022، لكن سرعان ما أخذت الأوضاع العالمية منعطفا دراماتيكيا نحو الأسوأ بوقت مبكر من العام.

وعزا التقرير ذلك إلى سياسة تصفير حالات كوفيد المطبقة في الصين، والتي أدت إلى عمليات إغلاق كبيرة في البلاد، كما أضاف الصراع الروسي الأوكراني مزيدا من التعقيد، مع اختناقات في سلاسل توريد الطاقة والغذاء، مما أدى إلى تسريع وتيرة تصاعد التضخم، الذي كان مرتفعا بمعظم الاقتصادات المتقدمة، ولمعالجته بدأ العمل على عكس إجراءات السياسة النقدية الميسرة المطبقة أثناء الجائحة، فتم خفض توقعات النمو، ورفع توقعات التضخم، مما أدى إلى حدوث صدمة نادرة على مستوى الاقتصاد الكلي، لم تحدث منذ سبعينيات القرن الماضي.

أسباب خفض توقعات النمو العالمي

وتطرق إلى أهم الأحداث الرئيسية، التي تسببت بتخفيض توقعات النمو العالمي، بدءا بالصين ففي بداية العام، تطلبت موجة كوفيد-19 الناجمة عن المتحور أوميكرون، تنفيذ إغلاقات صارمة، وإجراءات واسعة للتباعد الاجتماعي لكبح انتشار الفيروس، بموجب سياسة تصفير الحالات، وشمل ذلك فرض إغلاق غير مسبوق على ملايين الأشخاص، بالمدن الرئيسية لمدة شهرين تقريبا، وقيودا مشددة على الحركة في مناطق أخرى.

وقد غطت عمليات الإغلاق مناطق تنتج 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وتمثل 80 بالمائة من صادراتها، وأدى تقييد عمليات الإقراض المصرفي، رغم ارتفاع المعروض النقدي، والتضييق على القطاع العقاري المثقل بالديون، فضلا عن الإجراءات التنظيمية المفروضة على صناعة التكنولوجيا، إلى تباطؤ اقتصادي هو الأكثر حدة بالبلاد، منذ أكثر من 30 عاما.

كما ضاعف الإغلاق من حجم النقص في سلسلة التوريد، الذي ظهر خلال الجائحة بجميع أنحاء العالم، وأحدثت سلوكيات المستهلكين الجديدة في خضم الجائحة، والتحويلات المالية المباشرة للأسر، طفرة مؤقتة في الطلب على منتجات التصنيع، تحولت إلى طلب فائض على السلع عندما كان العرض مقيدا.

ولفت التقرير إلى أن الصراع الروسي - الأوكراني ضاعف من اضطراب سوق السلع الأساسية، من خلال الضغط الإضافي على الأسعار، عندما كانت المخزونات عند مستويات منخفضة تاريخيا، ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الطاقة والغذاء بشكل كبير، إذ بلغ متوسط أسعار النفط الخام برنت 100 دولار أمريكي للبرميل، وهو أعلى مستوى في عقد من الزمان، ويقترب من مستوياته القياسية التي شوهدت في عامي 2011 و 2012.

وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا تسببت في تعطيل تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا، مما أدى إلى اندلاع أزمة الطاقة، التي بدأت تسبب بيئة ركود في أجزاء من القارة، ووصل التضخم بشكل غير متوقع لأعلى مستوياته منذ عقود عدة، بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

وبين التقرير أن ارتفاع الأسعار أدى لتقليص الدخل المتاح للإنفاق، وأرغم البنوك المركزية على التصرف بصرامة لتعويض النهج المتساهل المعتمد منذ الجائحة، عندما جرى الحفاظ على سياسات نقدية ميسرة بشكل كبير حتى مع ظهور العلامات الأولى لتسارع الأسعار.

ولفت إلى انخراط بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في موقف متشدد حيال السياسة النقدية، فرفع أسعار الفائدة 7 مرات، مما رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية من 0-0.25 بالمائة إلى 4.25-4.5 بالمائة كذلك رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة 4 مرات، فأخرج سعر الخصم من المنطقة السلبية لأول مرة منذ 7 سنوات إلى 2 بالمائة.

وبعد فترة استمرت عقدا من ضخ السيولة والتيسير الكمي، شدد كل من الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي، أو أعادا نهج إدارة ميزانياتهما العمومية، مما أدى تشديد الأوضاع المالية في سياق ارتفاع مستويات الديون العالمية إلى انخفاض التوسع الائتماني، وأعاق الوصول إلى رأس المال، وعطل الاستهلاك، والاستثمار، وأثر ذلك سلبا على النشاط الاقتصادي. ويتوقع التقرير أن تعتدل أو تتغير معظم أسباب التباطؤ العالمي في عام 2023.