رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

"القمة العربية الصنية" امتداد لعلاقات استراتيجية وتاريخية مع الدول العربية

نشر
الأمصار

تستضيف السعودية غدا الجمعة "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، بمشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة دول عربية.

يأتي انعقاد هذه القمة تنفيذا لما تم الاتفاق عليه في الدورة التاسعة لمنتدى التعاون العربي الصيني 6 يوليو/ تموز 2020 بعقد قمة عربية صينية من أجل الدفع بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، وبما يخدم المصلحة المشتركة للجانبين.

وتعتبر الصين كدولة عظمى بما تملكه من تجربة تنموية رائدة وتكنولوجيا حديثة والدول الخليجية والعربية بما لها من ثقل سياسي واقتصادي وموارد نفطية وموقع استراتيجي مهم، لديهما من الإمكانات والقدرات، ما يجعل تنسيق مواقفهما سياسيا تجاه مختلف القضايا وتعزيز تعاونهما اقتصاديا وتنمويا وعلميا في مجالات عدة فرصة لبناء شراكة استراتيجية استثنائية تتحقق فيها مصالح متبادلة وفوائد مشتركة للجانبين.

تزداد أهمية تلك الشراكة في ظل التحديات والمتغيرات الدولية التي تؤكد أن تعددية الأقطاب في العالم أصبحت أمرا لا رجعة عنه، وأنه من مصلحة الدول العربية بناء شراكات استراتيجية متوازنة مع أقطاب العالم قائمة على تعزيز التعاون لمواجهة التهديدات والتحديات الجديدة.

العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية 

وتعود العلاقات الاستراتيجية بين العرب والصين إلى قرون مضت، حيث كان طريق الحرير القديم شريانا للتواصل والعلاقات والتعاون بين الجانبين.

رغم امتداد جذور العلاقات بين العرب والصين إلى قرون طويلة، إلا أن تدشينها في العصر الحديث يعود إلى منتصف خمسينيات القرن الماضي، وذلك بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 وبدء حركات التحرر والاستقلال في العالم العربي.

وفتح مؤتمر باندونغ عام 1955 الباب لإقامة العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية، بعد التواصل بين الجانبين في المؤتمر.

وفي مايو/أيار 1956، تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، كأول دولة عربية تقيم علاقات مع الصين، وهو التاريخ الذي يؤرخ لبداية العلاقات الصينية- العربية، ولحقتها بقية الدول العربية تباعا.

ومع إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية والصين عام 1990، أتمت جميع الدول العربية إقامة علاقات دبلوماسية مع الصين.

 

وفي عام2004، شهدت العلاقات بين الجانبين نقلة نوعية بتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، والذي انطلقت أولى دوراته في العام نفسه لتعزيز التعاون والتنمية.

وتمت إقامة 17 آلية تعاون في إطار المنتدى من أبرزها الاجتماع الوزاري الذي يعقد كل عامين واجتماع كبار المسؤولين والحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين.

وأقامت الصين شراكات استراتيجية على مستوى ثنائي مع نحو 12 دولة عربية من بينها 4 دول هي (الإمارات والسعودية ومصر والجزائر) أقامت معها شراكة استراتيجية شاملة وهي أعلى مستويات العلاقات بين الدول.

وفي عام 2013 أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق وهي مشروع بنية تحتية ضخم يهدف إلى توسيع روابطها التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال بناء الموانئ والسكك الحديدية والمطارات والمجمعات الصناعية.

وفي يونيو/حزيران عام 2014، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تشارك الجانبين الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق"،  وساهم التعاون في بناء "الحزام والطريق" في تطوير العلاقات الصينية العربية على نحو شامل، لما لتلك المبادرة من مصالح مشتركة ومنافع متبادلة.

وفي يناير/كانون الثاني عام 2016، ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة مهمة في مقر جامعة الدول العربية يشرح فيها العلاقات الصينية العربية من الزاوية الاستراتيجية وبشكل شامل؛ في الوقت نفسه، أصدرت الحكومة الصينية "وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية"، فارتقت العلاقات الصينية العربية إلى مستوى تاريخي جديد.

وفي يوليو/تموز 2020، تم عقد الدورة التاسعة لمنتدى التعاون العربي الصيني والتي تم خلالها الاتفاق على عقد قمة عربية صينية.

دعم القضايا العربية 

وزاد  قوة العلاقات بين الصين والدول العربية خلال فترة نضال الشعوب العربية في نيل استقلالها ومساندتها القضية الفلسطينية، نحو إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتقدم بنشاط مساعدات إنسانية إلى الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى تأييد بكين جهود جامعة الدول العربية والدول الأعضاء في حل القضية الفلسطينية.

وقال تقرير اصدرته الصين بمناسبة انعقاد القمة الصينية – العربية الأولي بالرياض، إنها لعبت دورا إيجابيا وبناء لإيجاد حل ملائم للمسألة السورية حيث عينت الحكومة الصينية مبعوثها الخاص للمسألة السورية عام 2016، الذي عمل على الاتصال مع الأطراف المعنية بالمسألة السورية وبذل جهودا حميدة كبيرة لدفع مفاوضات السلام؛ وقدمت دفعات عديدة من المساعدات الإنسانية للشعب السوري بمن فيه اللاجئون السوريون خارج البلاد. 

وتدعم بكين بثبات الجهود الرامية إلى الحفاظ على سيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه، وتدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني لأداء مهامه، و تؤكد علي أهمية دور الأمم المتحدة كوسيط عادل ومتوازن في إطار جهود استقرار البلاد ..ونوه إلي أن بكين قدمت المساعدات إلى الشعب اليمني عبر الطرق الثنائية، وبذلت جهودا إيجابية في تخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.

كما أيدت الصين حق الشعب العراقي في اختيار طريق تنموي يتناسب مع ظروفه الوطنية بإرادته المستقلة، و جهوده للحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه وأمنه واستقراره، وتدعم مساعي العراق لإعادة الإعمار الاقتصادي ومحاربة الإرهاب مضيفا أن الصين قدمت كمية كبيرة من المستلزمات واللقاحات إلى العراق لمواجهة جائحة كوفيد -19 .

وطالب الصين المجتمع الدولي دعم العملية السياسية بقيادة وملكية الشعب الليبي، وتقديم مساعدة بناءة مع تجنب فرض حلول من الخارج، ومكافحة القوى الإرهابية والمتطرفة في داخل ليبيا مشيرا إلي مشاركتها بنشاط في المؤتمرات الدولية والإقليمية للوساطة في القضية الليبية.

ونوه إلي أن بكين تدعم جهود السودان لدفع عملية الانتقال السياسي، وتبذل جهودا حثيثة لدى الأطراف السودانية المعنية لتسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور، وأنها تري ضرورة حل مسألة السودان من قبل الشعب السوداني، ويجب على المجتمع الدولي استئناف الدعم الاقتصادي للسودان ورفع العقوبات المفروضة عليه في أسرع وقت ممكن.

العلاقات الثقافية 

التعاون الثقافي لفت التقرير إلي أن الصين قامت منذ عام 2013 بتدريب 25 ألف متدرب من مختلف التخصصات للدول العربية، وقدمت حوالي 11 ألف منحة دراسية حكومية لها، وأرسلت 80 فريقا طبيا متكونا مما يقرب من 1700 فرد إلى الدول العربية .

وقد أعلنت أربع دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها حتى أكتوبر الماضي ،وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصليْ كونفوشيوس في 13 دولة عربية، بينما تجاوز عدد المسافرين العرب إلى البر الصيني الرئيسي 340 ألف فرد سنويا، وتجاوز عدد الطلاب الوافدين العرب في الصين 20 ألف فرد في كل عام دراسي وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2019 .

 

نمو العلاقات التجارية

ومع تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، نما حجم التبادل التجاري بين الجانبين بسرعة، وازدادت نسبة التجارة النفطية بين الجانبين من إجمالي التبادل التجاري.

في عام 2021، بلغت أرصدة الاستثمار المباشر المتبادل بين الجانبين الصيني والعربي 27 مليار دولار أمريكي، بزيادة 2.6 ضعف عما كانت عليه قبل  سنوات؛ وبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.5 ضعف عما كان عليه قبل 10سنوات.

وفي الأرباع الثلاثة الأولى لعام 2022، وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 319 مليار و295 مليون دولار أمريكي، بزيادة 35.28% عما كان عليه في نفس الفترة للعام الماضي، ويقارب الحجم الإجمالي في عام 2021.