رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. عبد الحفيظ محبوب يكتب: السعودية تراعي التوازن الطاقي بمواجهة أزمة المناخ

نشر
الأمصار

طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، منذ إعلان الأمم المتحدة، التغيرات المناخية قضية خطيرة عام 1992 في قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل، والتي أثيرت في عام 1972 لأول مرة باسم قمة الأرض في استكهولم، أسفرت عن اعتماد اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985، وتلاها تأسيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCCK، وعقدت عدد من مؤتمرات متتالية واتفاقيات متتالية بارزة في كيوتو وباريس، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 1994، ومنذ عام 2019 صدقت عليها 197 دولة حول العالم بينها الولايات المتحدة، وبموجبها تعقد اجتماعات سنوية تعرف باسم مؤتمر الأطراف (كوب)، وعقد (كوب1) في العاصمة الألمانية برلين في 1995، واعتبرت (كوب3) في كيوتو باليابان 1997 ملزمة قانونيّاً تلزم الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات 5 في المائة سنويّاً أقل من مستويات عام 1990 إلا أنه لا يلزم الدول النامية بما فيها الهند والصين رغم انبعاثاتهما الكربونية العالية.

بسبب انهيار المباحثات المناخية عام 2000؛ لكن تزايدت الضغوط في 2010 في كوب 16 بعدما أعلنت ناسا أن الفترة بين عامي 2000 و2009 كانت الأكثر دفئا على الإطلاق، فصدرت اتفاقية كانون التي تلزم الدول بالحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين، وقدّمت ثمانين دولة خططها لخفض الانبعاثات من ضمنها الصين والهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.

وكاد ينهار الاتفاق في 2011 بعد رفض الهند والصين والولايات المتحدة اتفاق تقدم به الاتحاد الأوربي، لكن هذه الدول وقعت في عام 2015 اتفاقاً جديداً ملزماً حيث يعتبر اتفاق باريس علامة فارقة في تاريخ العمل المناخي بعد توقيع 196 دولة على بنود الاتفاق الذي يطالب جميع دول العالم بخفض الانبعاثات، ومن المفترض أن تقدم الدول أهدافا تعرف بالمساهمات المحددة وطنيّاً، وينص الاتفاق على الحفاظ على ارتفاع درجتين مئويتين، ومتابعة الجهود لإبقائها أقل من 1.5 درجة مئوية، وفي كوب25 عام 2019 وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه فرصة ضائعة إذ لم يتحقق أي تقدم يذكر في قضايا المناخ، لذلك عقدت قمة شرم الشيخ كوب 27 تحت اسم قمة التنفيذ.

رفض الحلول المتطرّفة

ترفض السعودية طرح حلول متطرفة تضر بمصلحة العالم، وترفض أن يهدد الحياد الصفري المتطلبات الوطنية والدولية من النفط، إذ لا يزال النفط والغاز يمثلان 98 في المائة من إجمالي الطاقة المستخدمة في العالم مقابل 2 في المائة فقط من الطاقة المتجددة، بل رفعت سقف التحديات بإعلان السعودية الخضراء، وطالبت العالم أن يدعوها لمساءلتها، ومراجعة مدى التزامها، وكما قال وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان نحن واثقون من أنفسنا، في المقابل تطالب السعودية العالم أن يضاهيها، وتوجيه أمواله لدعم القضايا التي يتشدقون بها، ويجب أن تكون المساءلة متبادلة، وأن السعودية ستراقب أداء البلدان الأخرى.

تسعى السعودية نحو تحقيق أهدافها قبل الموعد المحدد، ومن ضمن الأهداف زراعة 10 مليارات شجرة، ولدى أرامكو منتجة النفط أقل مستوى من انبعاثات غاز الميثان بكل المعايير، والسعودية تمضي نحو تحقيق الحياد الصفري، حيث أبرمت أرامكو السعودية اتفاقية تطوير مشتركة مع إس إل بي وليند لإنشاء مركز لاستخلاص الكربون وتخزينه بقدرة محتملة على تخزين ما يصل 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون بأمان سنويا بحلول عام 2027، وستقع المنشاة في الجبيل على الساحل الشرقي لمملكة العربية السعودية، بهدف المساهمة بشكل كبير في 44 مليون طن من الكربون تخطط السعودية استخلاصها بحلول عام 2035، وفي فبراير 2023 سيشهد تدشين صندوق ملياري لتمويل 20 شركة تكنولوجية تعمل في مجالات المناخ واحتجاز الكربون، كما سيتم الانتهاء من خزان الكربون الأكبر في العالم بحلول 2027 لخدمة ما يعرف بالاقتصاد الكربوني الدائري، بذلك تطلق السعودية مبادرة سوق الكربون الطوعية الإقليمية لتكون الأولى من نوعها على هذا المستوى.

كما تستثمر السعودية بالتعاون مع شركة الأقمار الصناعية (بلانت) في مراقبة غازات الدفيئة بواسطة الأقمار الصناعية، وهذا الاستثمار من شانه أن يقدم خدمة ليس للسعودية بل للبشرية جمعاء، فالسعودية ملتزمة بالعمل المناخي العالمي وتطوير الطاقات المتجددة، بل تسعى نحو وضع قواعد اقتصاد مستدام يمكنه أن يصمد لمائة عام من الآن.

مشاريع الهيدروجين النظيف

وتعكف السعودية على إنتاج الهيدروجين النظيف، وتسعى إلى ان يصبح المنتج الأقل تكلفة، وتراهن السعودية على يكون المنتج للهيدروجين الأخضر والأزرق الأقل تكلفة على مستوى العالم.

احتضن اليوم الثاني للنسخة الثانية من مبادرة السعودية الخضراء التي احتضنتها قمة شرم الشيخ حزمة مفاجآت على لسان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الذي أكد أن السعودية تستضيف أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023، كذلك تعكف السعودية على إنشاء مركز إقليمي لتطوير خفض الانبعاثات، من أجل البحث عن أسباب اختلال أمن الطاقة وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي، وستطلق السعودية أيضا مركز المعارف للاقتصاد الكربوني مع بداية 2023.

تنتهج السعودية نهجا متوازنا ولها وجود في جميع المنصات العالمية، فكما تهتم بحماية أمن الطاقة ورفاه الاقتصاد العالمي كمورد موثوق للطاقة الأحفورية، فإنها في الوقت نفسه تؤمن بالاستدامة والمستقبل وحماية المناخ.

وعلق تيفري جبر مدير البرامج في غرينبيس في الولايات المتحدة، أن الرئيس الأمريكي بايدن أكد في خطابة في شرم الشيخ عن جحيم مناخي، لكن الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهدات التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، أو في تلبية الاحتياجات التمويلية للدول المعرضة للخطر، ما يعني أن العدالة المناخية تتطلب من الولايات المتحدة ان تعمل على الانتقال العادل للطاقة، واعلن بايدن عن تقديم 150 مليون دولار لدعم التكيف في أفريقيا، وهي بعيدة كل البعد عن تعهدات أمريكا السابقة بتوفير 17 مليار دولار من أصل 100 مليار دولار، وتعهدت الدول المتقدمة عام 2009 بتوفير تمويل 100 مليار دولار لدعم التكيف المناخي حتى عام 2020 وحتى الآن لم يتم تنفيذ هذا التعهد.