رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عُمان والبحرين.. تاريخ طويل مشترك ومشروعات ثنائية في السياحة والثقافة

نشر
الأمصار

ترتكز العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين الشقيقة على أسس ومبادئ راسخة، تؤطّرها روابط أخويّة وتاريخيّة وثيقة وثابتة وممتدّة وضاربة جذورها في أعماق التاريخ، تطورت لتشمل مختلف الجوانب التاريخيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، وتحظى باهتمامٍ بالغٍ من السُّلطان هيثم بن طارق والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.

سلطان عُمان يزور البحرين اليوم

يصل السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، في وقت لاحق اليوم الإثنين إلى البحرين، في زيارة تلبية لدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وبحسب ما أعلنت الوكالتان الرسميتان في السلطنة ومملكة البحرين، فإن الزيارة مدتها يومان، وتبدأ اليوم، حيث سيجري الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والسلطان هيثم بن طارق مباحثات حول العلاقات الوثيقة بين البلدين الخليجيين.

وقالت وكالة الأنباء العمانية: "بمشيئة الله وتوفيقه يبدأُ حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ اليوم زيارة رسميّة إلى مملكة البحرين الشقيقة تستغرق يومين تلبية لدعوة كريمة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين". 

فيما نوهت وكالة أنباء البحرين، بأن الملك حمد بن عيسى آل خليفة "سيكون في مقدمة مستقبلي أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عمان الشقيقة والوفد المرافق لدى وصوله إلى البلاد اليوم الإثنين".

وأوضحت أن السلطان هيثم بن طارق يصل إلى البحرين في زيارة رسمية بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة؛ ويجري سلطان عمان ومُضيفه مباحثات "تتناول العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، بالإضافة إلى آخر التطورات والمستجدات على الساحات الإقليمية والعربية والدولية".

وأضافت الوكالة البحرينية، أن "زيارة سلطان عُمان للمملكة، تأتي انطلاقاً من العلاقات الثنائية الراسخة التي تربط بين البلدين وتعزيزاً لأواصر الأخوة و الصلات المتينة ووشائج القربى والمحبة التي تجمع شعبيهما الشقيقين".

ويسعى البلدان الشقيقان خلال المباحثات التي تجمع السُّلطان هيثم والملك بالمنامة إلى الرقي بمستوى العلاقات بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين لآفاقٍ أرحب تخدم جميع المجالات - وخاصة الاقتصادية - بما يعود عليهما وعلى شعبيهما بالنفع والخير.

توقيع مذكرات التفاهم في المجالين الثقافي والسياحي

ونظرًا للعلاقات الاستثنائية بين البلدين الشقيقين، فقد قامت اللجنة العُمانية البحرينية بالتنسيق والعمل على عددٍ من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في المجالين الثقافي والسياحي، وبين صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية بسلطنة عُمان والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بمملكة البحرين في مجال التقاعد المدني، والمجالات الشبابية والرياضية.

وفي 4 سبتمبر 2018م عُقدت اجتماعات الدورة السادسة للجنة العُمانية البحرينية المشتركة في صلالة لتطوير وتنمية العلاقات الثنائية في كلِّ المجالات، والوصول بها إلى مستوى التكامل على نحو يتناسب مع خصوصية وتميز العلاقات الأخوية، ويقوي التنسيقَ المشترك حيال كل القضايا.

وتمتلك سلطنة عُمان ومملكة البحرين العديد من الممكّنات الاقتصادية والسياحية التي تشجع على المزيد من الشراكات، إذ إن رؤيتَي البلدين (عُمان 2040) و(البحرين 2030) لديهما تطلعات طموحة نحو التنويع الاقتصادي، مما يفتح الفرص للاستثمار في القطاعات الداعمة لهذه الغايات.

نموًا ملحوظًا في حجم التبادل التجاري بين البلدين

وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نموًّا ملحوظًا، حيث بلغ بنهاية عام 2021م أكثر من 320 مليونًا و787 ألف ريال عُماني، فيما بلغ في النصف الأول من العام 2022م نحو 241 مليونًا و434 ألف ريال عُماني.

وقد تمثّلت أهم السّلع المصدّرة من سلطنة عُمان إلى مملكة البحرين في المواد الكهربائية والبلاستيكية والألمنيوم والأدوية وغيرها من السلع، فيما تصدرت السّلع المستوردة من مملكة البحرين خامات الحديد وسبائك الذهب وأسلاك كهربائية وغيرها.

كما بلغ عدد الشركات البحرينية المستثمرة في سلطنة عُمان 876 شركةً بإجمالي رأسمال مستثمر يصل إلى 566 مليونًا و284 ألفًا و955 ريالًا عُمانيًّا.

وبفضل التعاون القائم في القطاع الخاص بين البلدين الشقيقين على مرّ السنوات الماضية، أصبحت مملكة البحرين أحد أهم الشركاء الاستثماريين لسلطنة عُمان، وهو ما يؤشّر على تنامي العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

تأسيس الشركة العُمانية البحرينية

كما اتفق القطاع الخاص في البلدين خلال شهر مارس 2022 على تأسيس الشركة العُمانية البحرينية للاستثمار القابضة برأسمال قدره 10 ملايين ريال عُماني لتكون مناصفة بين رجال الأعمال العُمانيين ونظرائهم البحرينيين، وستختص بالاستثمار في مجال الأمن الغذائي والشركات القائمة العاملة في هذا المجال وفي القطاعات الأخرى التي تركز عليها "رؤية عُمان 2040".

المجال الثقافي

وفي الإطار الثقافي تتجسّد مسيرة مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون الذي يقام كل عام في مملكة البحرين لأكثر من أربعين عامًا في صقل حضور نوعي للمثقف والفنان والإعلامي العُماني على وجه الخصوص، فقد حقّقت سلطنة عُمان مراكز إعلامية متقدّمة في الدورات السابقة من خلال برامج إذاعية وتلفزيونية أثبتت وجودها على منابر الإعلام الخليجي بالعاصمة البحرينية المنامة.

وفي ٢٧‏ يونيو ٢٠٢٢م احتفلت سفارة مملكة البحرين في مسقط بإشهار جمعية الصداقة العُمانية البحرينية التي ستُسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات الثقافية والمعرفية التنموية.

وستنظم سلطنة عُمان ممثلة بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مع مركز عيسى الثقافي بمملكة البحرين في مايو القادم على مدى يومين ندوة "العلاقات العُمانية البحرينية: تاريخ عميق ومستقبل مشرق، ولاشك أنّ زيارة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم أخاه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ستؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والرقي بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يحقق الآمال والتطلعات المرجوّة من القيادتين الحكيمتين والشعبين العُماني والبحريني.

ووصف الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفير مملكة البحرين لدى سلطنة عُمان العلاقاتِ بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين بـ "الراسخة".

وقال الكعبي في تصريح، إن هذه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين ضاربة في أعماق التاريخ من حضارة دلمون وحضارة مجان وما يربطهما من علاقات استراتيجية وثقافية وتجارية وتاريخية وطيدة، تستند على أواصل المحبة ووشائج القربى وهي الآن في أوج عهدها بفضل توجيهات القيادتين الحكيمتين في كلا البلدين.

وأضاف الكعبي أن زيارة السُّلطان هيثم بن طارق إلى مملكة البحرين ستُتوّج بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية في مختلف المجالات، مما ستفتح آفاقًا للتعاون تخدم تطلعات البلدين والشعبين الشقيقين.

مجال العلوم والفضاء

وأضاف أن التعاون بين البلدين شمل العديد من المجالات كعلوم الفضاء وتقنية المعلومات والبورصة والتنمية الاجتماعية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والأرصاد الجوية، كما توجد برامج تنفيذية في مجالات الشباب والرياضة والبيئة والتغير المناخي والزراعة والثروة الحيوانية والسياحة.

وبيّن الكعبي أن اللجنة البحرينية العُمانية المشتركة منذ إنشائها في عام 2006 عقدت العديد من الاجتماعات ووقّعت على نحو 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية عزّزت العلاقة بين البلدين الشقيقين.

مد جسور التعاون بين البلدين

ولمدّ جسور التعاون فقد تم إشهار جمعية الصداقة العُمانية البحرينية في يونيو الماضي بهدف تعزيز التعاون وفتح آفاق جديدة، وحدّد اجتماع اللجنة في أغسطس 2021 أربعة مجالات للتعاون وهي الأمن الغذائي وسوق العمل والتعدين والمجال المالي المصرفي، بتوجيهٍ من وزراء خارجية البلدين رؤساء اللجان المشتركة.

الجانب الاقتصادي

إن العلاقات التجارية بين البلدين تنمو بشكل مستمر وتبلغ نحو 720 مليون دولار أمريكي بزيادة 10 بالمائة عن العام الماضي، وتصل الاستثمارات البحرينية في سلطنة عُمان قرابة 430 مليون ريال عُماني، وهناك مشروعات واستثمارات قادمة وزيارات بين رجال الأعمال العُمانيين والبحرينيين بتنظيم من غرفتي تجارة وصناعة البلدين، كما قام وفد من جمعية رجال الأعمال البحرينية بزيارة سلطنة عُمان والالتقاء مع نظرائهم حيث تبلغ الشراكات بين الجانبين نحو 490 شراكة في مختلف المشروعات.

وأكد الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفير مملكة البحرين، على أن العمل جارٍ على إنشاء شركة عُمانية بحرينية توكل لها مشروعات مشتركة، موضحًا أن مؤسسات صغيرة ومتوسطة بحرينية تعمل في سلطنة عمان يبلغ عددها 60 شركة تعمل في مختلف الأنشطة السياحية والخدمية والإنشائية.

مؤكدًا تاريخية العلاقات بين البلدين.. سفير سلطنة عمان لدى البحرين: الزيارة السامية ستعزز التعاون المشترك.

وأكد فيصل بن حارب البوسعيدي سفير سلطنة عُمان لدى مملكة البحرين على أن العلاقات بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين ليست وليدة اللحظة، بل هي علاقاتٌ تاريخية واقتصادية مستمرة مستندة على القواسم المشتركة التي تربط البلدين الشقيقين.

وقال إن الزيارة التاريخية التي يقوم بها السُّلطان- لمملكة البحرين ولقاء أخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين ستُعزّز العمل وتبادل المصالح المشتركة في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والعلمية وتبادل الخبرات، بالإضافة إلى توقيع عدد من مذكرات التفاهم.

وبيّن البوسعيدي أن اللجنة العُمانية البحرينية المشتركة تعمل على تعزيز آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وتحقيق التكامل بين رؤيتي عُمان ٢٠٤٠ والبحرين ٢٠٣٠، والعمل على الترويج الاستثماري في البلدين وجذب الاستثمارات العالمية بما يحقق المصالح المشتركة.

وأشار إلى أن الحجم التبادل التجاري في عام 2021 م بلغ نحو ٣٢٣ مليون ريال عماني، وأن العلاقات الاقتصادية مع مملكة البحرين الشقيقة تحظى باهتمام ورعاية كريمة من لدن القيادتين الحكيمتين وكافة المسؤولين في البلدين، حيث عُقدت عدة لقاءات بين الغرف التجارية للبلدين لأجل العمل على إنشاء شراكات عمانية بحرينية.

الجانب التعليمي 

هناك مشاركات متبادلة بين البلدين منها مشاركة الجمعية العُمانية لهواة العود في مهرجان البحرين الدولي للفنون، ومشاركة وفد بحريني في المؤتمر العام للاتحاد الدولي للصحفيين (الكونغرس۳۱) الذي أقيم بسلطنة عمان في مايو الماضي، بالإضافة إلى التعاون والتبادل في المنح الدراسية بين البلدين الشقيقين حيث يبلغ عدد الطلاب العُمانيين الدارسين في مملكة البحرين (١٦٠) طالبًا بمختلف التخصصات، فيما يصل عدد الطلاب البحرينيين في جامعات وكليات سلطنة عمان ما يقارب (٧٤) طالبًا.

ومن المؤمل أن تسهم جمعية الصداقة العُمانية البحرينية في تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين في المجالات الاقتصادية والثقافية الاجتماعية، والترويج للأنشطة السياحية في سلطنة عُمان ومملكة البحرين وتنظيم الزيارات المتبادلة على مستوى الباحثين والفنانين بين البلدين الشقيقين.