رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قطر.. مشاركون في"ويش" يدعون إلى التضامن لبناء قدرة جماعية لصمود الصحة العالمية

نشر
الأمصار

تطرق المشاركون في “ويش” إلى الدروس المستفادة من كوفيد-19 وتضافر الجهود المطلوبة للتغلب على التحديات الصحية القادمة، ومَثّل موضوع "تعزيز قدرة المنظومة الصحية على الصمود، ووضع خارطة طريق لاستشراف الأوضاع في إطار مواجهة الجوائح المستقبلية"، اهتمام الجلسة النقاشية الأولى في مؤتمر القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية "ويش" 2022 الذي يقام بالعاصمة القطرية الدوحة.  

جانب من المؤتمر

وانطلق النقاش من تقرير "مؤتمر ويش 2022" الذي أعده البروفيسور السير عزيز شيخ، رئيس قسم أبحاث وتطوير الرعاية الأولية، مدير معهد آشر، وعميد البيانات في جامعة إدنبرة، بالتعاون مع الدكتورة سانجيتا دامي، من خدمات الصحة الوطنية بلوثيان، ومها العاكوم، رئيس قسم المحتوى وزميل باحث في "ويش"، وديدي طومسون، مدير البحوث والمحتوى في "ويش".

بدأ البروفيسور السير عزيز شيخ الجلسة بالحديث عن أسباب عدم استعداد النظم الصحية بشكل أفضل لمواجهة الوباء. وأشار إلى الغياب الملحوظ لخطط التأهب لمواجهة الجائحة على المستوى الوطني، والافتقار إلى التعاون الإقليمي والدولي، على الرغم من التحذيرات والتقارير المتعلقة بتفشي عالمي كبير للجائحة. وأوضح أن الأوبئة ستستمر في الظهور، لكن استجابات مؤسسات الرعاية الصحية تميل إلى أن تكون متقطعة، بدلاً من التركيز على الاستعداد بشكل متواصل.

وقال: "من الواضح أن وزراء الصحة يتعاملون مع جميع أنواع القضايا الصحية الأخرى. وبدأ تحوّل مسار الموارد نحو التصدي لتحديات أخرى، وللأسف، بدأنا بالفعل في رؤية ذلك على الرغم من أننا لم نتخلص بعد من الجائحة الحالية".

وقدم البروفيسور السير عزيز شيخ والمؤلفون المشاركون في تقرير ويش 2022 مجموعة من التوصيات السياسية - على المدى القصير والمتوسط والطويل - لتحسين مرونة النظم الصحية على مستوى العالم. وفيما يتعلق بالدور المستقبلي لمنظمة الصحة العالمية، قال: "من الواضح أن منظمة الصحة العالمية لها دور محوري في إعلان ظهور الأوبئة. لكنني أعتقد أننا بينما نمضي قدمًا، فإننا بحاجة للاستعداد بشكلٍ أفضل، والنظر في الدور الذي يمكن للمنظمة أن تتولاه من أجل دعم البلدان في تطوير خطط الاستعداد وربما اختبار تلك الخطط، وتحديد نقاط الضعف فيها، لوضع البلدان وشعوبها في موقف أفضل".

وتطرق الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، في مداخلته إلى الدور التاريخي العريق لمنظمة الصحة العالمية وعملها مع الدول الأعضاء، بما في ذلك الإرشادات الفنية القائمة على الأدلة حول التعامل مع حالات تفشي الأمراض والأوبئة والجائحات، باعتماد اللوائح الصحية الدولية لعام 2005.

وقال: "بعد انتشار فيروس كوفيد-19، اتفقت الدول الأعضاء، بناءً على مشاورات مع الهيئات الفنية، على أنه بالإضافة إلى اللوائح الصحية الدولية، وهي ليست ملزِمة، يجب أن تكون هناك [...] مسؤولية ملزمة قانونًا على جميع الدول الأعضاء".

ونوّه بهذه الفكرة، لافتًا إلى أن الدول الأعضاء قد وصلت إلى هذه المرحلة المهمة من النظر في شرعية القواعد واللوائح كآلية وقائية لصحة الناس. وأشار أيضًا إلى أنه في حال عدم الامتثال للإلزام القانوني، ولم يتبع الأعضاء هذه اللوائح، فيمكن تطبيق الإجراءات أو العقوبات ضدها.

وتحدثت الدكتورة حنان محمد الكواري، وزير الصحة العامة بدولة قطر، والمدير العام لمؤسسة حمد الطبية، عن الدروس المستفادة من تجربة قطر، وقالت: "إن اهتمام قطر ببناء بنية تحتية متينة للنظام الصحي، وقدرتها الوطنية على الصمود في حالات الطوارئ على مدى العقد الماضي قد أتى بثماره."

وتابعت: "كما رأينا خلال هذه الجائحة، عندما تتجاوز الأنظمة الصحية طاقاتها، تتعطل مجتمعات بأكملها، وبالتالي فإن الاستثمار في الأنظمة الصحية وبناء مرونتها لا يمثل عبئًا ماليًا، بل ضمانًا، ونحن بحاجة إلى بناء هذا الضمان بشكل جماعي".
كما أشارت إلى الفريق المستقل المعني بالتأهب لمواجهة الأوبئة والاستجابة لها، برئاسة سعادة السيدة إلين جونسون سيرليف وسعادة السيدة هيلين كلارك، الذي لاحظ فشلًا في العمل الجماعي، وتميز الجهد الفردي، وفي هذا السياق، أشارت سعادة الدكتورة الكواري إلى فرص توحيد الجهود عالميًا لضمان تمتّع النظم الصحية بقدرة أكبر على الصمود في وجه أي طوارئ صحية عامة في المستقبل.
وقالت: "أولاً، لا تعرف الأوبئة حدودًا بين الدول، وعلينا أن نعمل معًا لبناء قدرة نظمنا الصحية على الصمود بشكل جماعي، وبذل جهودٍ جماعية لإزالة المقومات الاجتماعية للصحة عبر الحدود. [...] نحن بحاجة إلى استثمار المزيد في جهودنا الجماعية".
وقالت إن الدول تحتاج إلى التخطيط والحصول على التوجيه والمشورة من مؤسسات مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها حول كيفية الاستعداد لحالات الطوارئ أو الأزمات الصحية العامة. وأكدت أن الأفراد ومسؤوليتهم الاجتماعية يجب أن يتميزا بدورٍ أكبر في الخطط المعدة لمواجهة الجوائح في المستقبل. 
واختتمت بالإشارة إلى أن المعركة التي طال أمدها ضد جائحة كوفيد-19 قد أثرت على الصحة النفسية والبدنية للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وعلى الرفاهية الاجتماعية، وهي حقيقة جعلت من "ويش" يركز أغلب اهتمامه على هذا الجانب.
ورددت سعادة السيدة باتريشيا سكوتلاند، الأمين العام لدول الكومنولث، هذه الدعوة إلى بذل الجهد الجماعي بين الأمم. وأشارت: "لقد تعلمنا الكثير. لقد استخدمنا بشكل كبير شبكات الكومنولث سواء كانوا أطباء أو صيادلة أو ممرضات. معًا، أظهرنا قوة العمل ضمن المجموعة. أريد حقًا أن أؤكد أن الناس هنا [في ويش]، يمكن أن يكوّنوا فِرقًا. لكن يجب أن نتبنى العمل في إطار الشراكات ونحن في الكومنولث نفعل ذلك. هناك الكثير الذي يمكننا تحقيقه إذا اخترنا القيام بذلك ".

ومع ذلك، عند الحديث عن عدم المساواة في توزيع اللقاحات بين دول الكومنولث، أشارت إلى أن هناك بعض البلدان التي أبلغت عن حصول جميع سكانها على اللقاح، وأخرى بلغت نسبة تلقي اللقاح فيها 4%. ويذكر أن دول الكومنولث هو مجموعة تتكون من 33 دولة من أصل 42 دولة صغيرة في العالم، لا يتجاوز عددا سكانها مجتمعة 20 مليون نسمة.
وقالت: "كان بإمكاننا تطعيم هؤلاء العشرين مليون شخص في غضون يومين، ولكن واخترنا عدم القيام بذلك لأننا لم نفهم ما يجب فعله في ذلك الوقت. [...] علينا الحرص على عدم حدوث ذلك مرة أخرى ".

واستهل بيتر ساندز، المدير التنفيذي للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، كلمته بالتحذير من محاولة حل مسألة التأهب للوباء كما لو كانت أمرًا منعزلاً عن النظام الصحي. وبدلاً من ذلك، أشار إلى الحاجة للتفكير من منظورٍ واسع، والاستفادة من الجهات الفاعلة الأخرى في نظام الرعاية الصحية، بما في ذلك مقدمي الخدمات من القطاع الخاص الذين يمكنهم القيام بدورٍ كبيرٍ للغاية، وكذلك أفراد المجتمع.
"وقال: علينا أن نفكّر بذكاء، وأن نقدم في الوقت نفسه الأشياء التي تهم الناس في الوقت الحاضر، والمتمثلة في إنقاذ الأرواح، وتقليل انتشار العدوى والقضاء على الأمراض الحالية، مع بناء تلك المرونة ضد الأزمات الصحية المستقبلية. وهذا الأمر ليس مجرد طموح في المطلق. بل يمكن تحقيقه بالفعل لأن نفس العاملين الصحيين، ونفس المختبرات، ونفس سلاسل التوريد، ونفس العيادات التي تعالج الأمراض الحالية، هم من يقاومون التهديدات الجديدة. لقد رأينا ذلك مع جائحة كوفيد-19. في الواقع، تم بناء استجابات العديد من البلدان من خلال التأسيس على البنية التحتية التي وُجدت لمكافحة الأمراض مثل السل أو الملاريا ".
كما أشار إلى أن الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية هي أحد الأصول الهامة في مقاومة التهديدات الصحية، ويجب بناؤها من خلال إشراك المجتمعات قبل حدوث أي جائحة. وقال: "إذا نظرنا إلى الدول التي حققت أداءً جيدًا في استجابتها لجائحة كوفيد-19، فإن الثقة في السلطات كانت عاملاً هائلاً".
وبينما أقر بعدم المساواة في الاستجابات ضد الجائحة، أشار إلى مستوى آخر من عدم المساواة، وهو تعريف المرض ووصفه بأنه جائحة. وعلى سبيل المثال، فإن عدد الأشخاص الذين سيموتون هذا العام بمرض السل هو تقريبًا نفس عدد أولئك الذين سيموتون بفيروس كوفيد-19.
وقال: "لا توجد مقارنة عادلة بين مقدار ما نستثمره في البحث والتطوير، وفي رأس المال السياسي لمكافحة فيروس كوفيد-19، وبين ما نستثمره للقضاء على مرض السل. وعندما يتعلق الأمر بذلك، فإن الأشخاص الذين يموتون من السل هم الأفقر والمهمشين. وينطبق الشيء نفسه على فيروس الإيدز. [...] لذا عندما نفكر في التهديدات التي تتعرض لها صحة الإنسان والمجتمعات، نحتاج إلى دفع أنفسنا لطرح مسألة المساواة منذ البداية، وليس فقط في اللحظة التي نتحدث فيها عن توزيع الأدوية".
واختتمت سعادة السيدة سكوتلاند الجلسة من خلال التأكيد على الحاجة إلى استجابة وقائية للقضايا الصحية. وتحدثت عن ضرورة مكافحة "الجائحة الصامتة" المتمثلة في العنف ضد النساء والأطفال، والحاجة إلى دعم أولئك الأكثر حرمانًا، ممن يعيشون ظروفًا صعبة، والأطفال، والحاجة إلى تعزيز التغطية الصحية للجميع. وشددت على الحاجة إلى التضامن، وقالت: "الشيء الوحيد الذي تعلمناه من كوفيد-19 هو أننا نملك إنسانية واحدة، وأن ما يؤثر على واحد منا يؤثر علينا جميعًا".
انتهى
نبذة عن مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش"
مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش" هو منصة عالمية للرعاية الصحية ترمي إلى إيجاد ونشر أفضل الأفكار والممارسات المستندة إلى الأدلة. ويعد مؤتمر "ويش" مبادرة عالمية أطلقتها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع تحت رعاية صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر. 
انعقدت النسخة الافتتاحية من مؤتمر "ويش" في الدوحة عام 2013 بمشاركة أكثر من ألف من رواد مجال الرعاية الصحية حول العالم. ويسعى المؤتمر من خلال القمم السنوية ومجموعة من المبادرات الممتدة على مدار العام إلى بناء مجتمع دولي يضم نخبة من القادة وراد الابتكار في مجال سياسات وبحوث الرعاية الصحية. 
تتضافر جهود هذه الأطراف كلها من أجل تسخير قوة الابتكار للتغلب على التحديات الصحية الأكثر إلحاحًا حول العالم، وإلهام الجهات الأخرى المستفيدة وتشجيعها على العمل البناء.

مؤسسة قطر – إطلاق قدرات الإنسان
مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع هي منظمة غير ربحية تدعم دولة قطر في مسيرتها نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام. وتسعى المؤسسة لتلبية احتياجات الشعب القطري والعالم، من خلال توفير برامج متخصصة، ترتكز على بيئة ابتكارية تجمع ما بين التعليم، والبحوث والعلوم، والتنمية المجتمعية.

تأسست مؤسسة قطر في عام 1995 بناء على رؤية حكيمة تشاركها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تقوم على توفير تعليم نوعي لأبناء قطر. واليوم، يوفر نظام مؤسسة قطر التعليمي الراقي فرص التعلّم مدى الحياة لأفراد المجتمع، بدءاً من سن الستة أشهر وحتى الدكتوراه، لتمكينهم من المنافسة في بيئة عالمية، والمساهمة في تنمية وطنهم.

كما أنشأت مؤسسة قطر صرحًا متعدد التخصصات للابتكار في قطر، يعمل فيه الباحثون المحليون على مجابهة التحديات الوطنية والعالمية الملحة. وعبر نشر ثقافة التعلّم مدى الحياة، وتحفيز المشاركة المجتمعية في برامج تدعم الثقافة القطرية، تُمكّن مؤسسة قطر المجتمع المحلي، وتساهم في بناء عالم أفضل.