رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

شروط الترشح للانتخابات الليبية تعيد الأزمة السياسية إلى نقطة البداية

نشر
الأمصار

أعاد الجدل المحتدم بين مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، حول شروط الترشح للانتخابات العامة، الأزمة السياسية إلى نقطة البداية، وزاد من مخاوف تعطيل المسار السياسي، خصوصاً في ظل مطالب دولية عديدة للطرفين بضرورة سرعة التوافق لإنهاء المرحلة الانتقالية، وإجراء الاستحقاق في أقرب الآجال.
وكانت لجنة «المسار الدستوري»، المشكَّلة من المجلسين برئاسة عقيلة صالح وخالد المشري، قد بحثت في القاهرة، التعديلات المطلوبة على الدستور، لكن ظلت بعض النقاط الخلافية بشأن الشروط اللازمة للترشح للانتخابات الرئاسية المنتظرة محل جدل واسع بين أعضائها.
وقد سبق لصالح التأكيد على أنه اتفق مع المشري على استبعاد شروط الترشح للرئاسة من الدستور، عدا أن يكون المترشح من أبوين ليبيين، لكن بعد مرور أسبوعين على هذا التصريح نفى المشري، أمس، حدوث «أي توافق بخصوص ذلك»، وقال إن «مجلسه يرفض ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات»، وذهب إلى أنه عارض القوانين، التي وصفها بـ«المعيبة» التي أصدرها مجلس النواب، لكونها «مفصلة لأشخاص أو جهات معينة».
وتتمثل نقاط الخلاف بين المجلسين في ترشح «مزدوجي الجنسية ومشاركة العسكريين في التصويت بالانتخابات»، وهو الشرط الذي يتمسك به معسكر غرب ليبيا، بقصد قطع الطريق على ترشح المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» للاستحقاق المرتقب، وفقاً لمتابعين.
وبسبب هذه الخلافات، يتخوف جل الليبيين من تزايد حالة الجمود السياسي التي تعيشها البلاد، خصوصاً بعد انتشار تصريحات متضاربة لكل من صالح والمشري بشأن التعاطي مع شروط الترشح.
في هذا السياق، رأى سالم كشلاف، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، أن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «يحاولان الإمساك بمصير المسار الدستوري، دون اعتبار لاختصاصات الهيئة التأسيسية، التي تملك هذا الحق دون غيرها، وهو ما قررته المحكمة العليا في مبادئها المستقرة». وذهب كشلاف، في تعقيبه على المواد الخلافية، إلى أن هذا التعبير «اختلقته الأطراف الرافضة للاستفتاء الشعبي على الدستور لمصالح شخصية وسياسية فقط». ودافع عن مسودة الدستور، التي أعدتها الهيئة التأسيسية منذ عام 2017، قائلاً إن «مشروع الدستور أصبح موضوعاً للمساومة السياسية بين الأطراف المختلفة… وكل هذه الخروقات ضد مشروع الدستور ستكون محلاً للطعن أمام الدائرة الدستورية المختصة».
وفشل لقاء سابق جمع صالح والمشري في القاهرة منتصف أغسطس (آب) الماضي، كان يفترض أن يناقش ما تبقى من نقاط خلافية حول الدستور، وقال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، عبد الحميد الصافي، حينها، إن اللقاء «استهدف بحث ما تبقى من نقاط الخلاف في المسار الدستوري، وتحديداً قضية مزدوجي الجنسية ومشاركة العسكريين بالتصويت في الانتخابات»، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق على أن يعود صالح والمشري إلى مجلسيهما لمزيد من التشاور، والوصول إلى الاتفاق النهائي لمسودة الدستور، فيما يخص المسار الدستوري».
وكان يفترض أن يعود صالح والمشري بعد عشرة أيام لمواصلة المباحثات في القاهرة مجدداً، لكن ذلك لم يحدث، بينما تنتظر أطراف سياسية بالبلاد تسلم المبعوث الأممي الجديد لدى ليبيا عبد الله باتيلي مهامه، آملين في تحريك الجمود السياسي والذهاب إلى الانتخابات المرتقبة.
من جهته، نوه المشري، في معرض حديثه عن المواد الدستورية محل التوافق، بأنه تم الاتفاق على 146 مادة، ولم يتم المساس بها، بينما تم تعديل 39 مادة، وبقيت 9 مواد خلافية، مع إلغاء 4 مواد، وإضافة مثلها.
وتباينت ردود أفعال القوى السياسية في ليبيا بشأن المُعطل للمسار الدستوري، وبينما ذهب كثيرون إلى اتهام المجلس الأعلى للدولة بسعيه لتعطيل إجراء الاستحقاق الانتخابي، حمّل الصحافي الليبي، إبراهيم أبو القاسم، مجلس النواب مسؤولية ما يجري، ورأى أنه «يحاول كسب الوقت من أجل خطوة أخرى، بعيدة كل البعد عن ما له علاقة بالقواعد الدستورية».