رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الإمارات وعمان.. ترابط في العلاقات والتاريخ المشترك

نشر
الإمارات وعمان..
الإمارات وعمان.. يجسدا ترابط العلاقات والتاريخ المشترك

تحظى العلاقات الإماراتية العمانية بطبيعة خاصة واستثنائية تفرضها معطيات التاريخ المشترك والتقارب الشعبي والمجتمعي والرغبة الصادقة من قيادتي البلدين في الأخذ بالتعاون بينهما إلى آفاق أرحب وأشمل الأمر الذي أمن تطورا مستمرا للعلاقات البينية بين الإمارات والسلطنة لما فيه خير ومصلحة الشعبين الشقيقين.

وتجمع البلدين الشقيقين علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة، التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدماً.


لقاءات تاريخية بين البلدين

سجل اللقاء التاريخي الذي عقده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "مؤسس دولة الإمارات"، والسلطان قابوس بن سعيد "سلطان عمان الراحل"، في عام 1968، تواصل زخم هذه العلاقات بعد قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971 حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.

وشكلت الزيارة التاريخية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،  إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على إثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، كما تم تشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون في مختلف المجالات الأمنية والتعليمية والعسكرية والإعلامية.

أول اللقاءين جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع السلطان هيثم بن طارق، خلال تقديم واجب العزاء في وفاة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، وذلك غداة تولي السلطان هيثم بن طارق الحكم في 12 يناير 2020، وحمل خلالها رسائل قوية تعبر عن متانة العلاقات بين البلدين.

كما أكد اللقاء، أن العلاقات بين دولة الإمارات وسلطنة عمان كانت ولا تزال وستظل بإرادة قيادتهما.. قوية وراسخة لأن ما يجمع شعبي البلدين من روابط أخوية يضرب بجذوره في أعماق التاريخ ويستند إلى أسس متينة من الجوار الجغرافي والقيم والعادات والتقاليد المشتركة وعلاقات القربى والمصاهرة والعمق الاستراتيجي وغيرها من العوامل التي تكسب علاقات البلدين خصوصيتها وتميزها.

بدوره، أكد السلطان هيثم بن طارق على متانة العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة بين دولة الإمارات وسلطنة عمان وشعبيهما الشقيقين وحرص قيادتهما على مواصلة توثيقها لما فيه خير البلدين، متمنيا لدولة الإمارات مزيدا من التقدم والتنمية والرفعة في ظل قيادتها الحكيمة.

كما تأكدت العلاقات الأخوية التاريخية القوية أيضا خلال زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى الإمارات 14 مايو الماضي، لتقديم التعازي لأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بوفاة الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

وفي اليوم نفسه، بعث سلطان عمان برقية تهنئة إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انتخابه رئيسًا لدولة الإمارات، أعرب خلالها عن خالص تهانيه وأطيب تمنياته لأخيه رئيس دولة الإمارات بدوام الصحة والعافية، داعيًا الله تعالى أن يوفّقه في قيادة الشعب الإماراتي الشقيق لتحقيق المزيد مما يصبو إليه من تقدم ورقي ورخاء.

 

وأخر هذه اللقاءات في 15 من سبتمبر الجاري بين رئيس دولة الإمارات والمبعوث الخاص لسلطان عمان.

رئيس دولة الإمارات والمبعوث الخاص لسلطان عمان

حيث تسلم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، رسالة خطية من السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان تتصل بالعلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وذلك خلال استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ في أبوظبي فاتك بن فهر آل سعيد المبعوث الخاص للسلطان هيثم بن طارق والذي سلمه الرسالة ونقل إليه تحيات السلطان وتمنياته لسموه بموفور الصحة والعافية ولدولة الإمارات وشعبها اضطراد التقدم والازدهار.

من جانبه حمّل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، المبعوث الخاص لسطان عمان فاتك بن فهر آل سعيد، تحياته إلى أخيه السلطان هيثم بن طارق وخالص تمنياته لجلالته بدوام الصحة والسعادة ولسلطنة عمان وشعبها مزيداً من التقدم والنماء.

وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء عن اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها مع شقيقتها سلطنة عمان وتطلعها نحو مزيد من التطور والنماء لهذه العلاقات.

واستعرض الجانبان العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها ودفعها إلى الأمام في مختلف المجالات.


تجسيد العلاقات الثنائية بين البلدين

ويمثل تعميق العلاقات مع سلطنة عمان أولوية رئيسية لدى القيادة الدولة، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" بقوله : "الإمارات وعمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخا وقوة ومحبة".

بدوره جسد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" خصوصية العلاقات الإماراتية العمانية وعمقها التاريخي، حيث قال سموه: "عمان منا ونحن منهم، أخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا".

وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين والاجتماعات الوزارية والحكومية المتواترة، الأمر الذي يعكس حجم الاهتمام الذي يوليانه لتطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.

العلاقات الاقتصادية

وتُعد دولة الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عمان، فقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان خلال العام الماضي 46 مليار درهم بنمو 9% مقارنة بعام 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10%، حسب إحصائيات تم استعراضها خلال الدورة الثانية من الملتقى الاقتصادي الإماراتي - العماني التي عقدت في فبراير الماضي في دبي.

ويعمل البلدان على تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة، والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.


تأسيس شركة لربط ميناء صحار العماني بشبكة سكك حديد الإمارات

أسست قطارات عمان(آسياد) والاتحاد للقطارات في الإمارات شركة مشتركة لتنفيذ وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار العُماني  بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية بطول  303 كيلومترات.

وتبلغ قيمة الصفقة ثلاثة مليارات دولار، مشيرة إلى أن سرعة قطار الركاب تصل إلى 200 كيلومتر في  الساعة، ويقطع المسافة بين صحار وأبو ظبي في  100 دقيقة، و47 دقيقة بين صحار والعين، وتصل سرعة قطار البضائع إلى 120 كيلومترًا في الساعة .

ومن فوائد إستراتيجية واقتصادية واجتماعية لمشروع سكك الحديد المشترك بين سلطنة عمان ودولة الإمارات دعم وتنويع اقتصاد البلدين، وربط المراكز السكانية والصناعية، وتطوير البنية الاساسية وجودة الحياة، ورفع كفاءة منظومة سلاسل التوريد وخفض تكلفتها .

ويعتبر المشروع إضافة نوعية للقطاع اللوجستي ومحفز لمختلف القطاعات الصناعية والانشطة الاقتصادية .

كما ترسم الاتفاقية خارطة طريق استراتيجية لمشروع مستدام سيسهم في تعزيز العلاقات الراسخة بين البلدين .

الهوية الثقفية بين البلدين

يتقاسم البلدان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية.

وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلا وعمقا بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والتلامس الجغرافي.


وبالطبع يرجع سبب زيادة العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكاً ورسوخًا للقيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسلطان عمان هيثم بن طارق.