رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

استعدادات وحراك دبلوماسي على أعلى مستوى.. هل ستنجح القمة العربية بالجزائر؟

نشر
الأمصار

في مطلع نوفمبر المقبل، تستعد الجزائر لحدث عربي كبير؛ حيث ستقوم بتنظيم القمة العربية، والتي تهدف من خلالها لتوحيد العمل العربي على أصعدة متعددة وتعزيز العلاقات البينية العربية-العربية.    

وكانت قد شهدت قمة جامعة الدول العربية، على مستوى القادة بالجزائر، التأجيل ثلاث مرات، آخرها مطلع العام الجاري بسبب جائحة كورونا، وسط جدل سابق بشأن إمكانية عقدها هذا العام.

وكانت قد عقدت القمة السنوية الأخيرة لجامعة الدول العربية على مستوى القادة في مارس 2019 في تونس، وتم إلغاء نسختي 2020 و2021 بسبب انتشار فيروس كورونا.

ومن ضمن استعدادات الجزائر لهذه القمة، سيتم عقد منتدى "تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك"، من تنظيم المرصد الوطني للمجتمع المدني (هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية)، بمدينة وهران غربي بالجزائر.  

سيشارك به حوالي 150 شخصا من مسؤولين سامين وناشطين من المجتمع المدني ومؤثرين وشخصيات أكاديمية رفيعة من 19 دولة عربية، بهدف بحث سبل تعزيز العمل العربي المشترك، على جميع الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية، خاصة وأن الجزائر مقبلة على تنظيم قمة عربية جامعة للشمل.  

ووضع القائمون على المنتدى 5 جلسات للنقاش تخص مسيرة العمل العربي والتحديات والآفاق ودور المجتمع المدني في مواجهة التحديات، وإحياء الذاكرة لخدمة العمل العربي المشترك، وإصلاح العمل العربي المشترك وتفعيل المجتمع المدني لدعم التنمية المستدامة.

وعلى صعيد متصل، سعت الجزائر، خلال الفترة الماضية لتجاوز النقاط الخلافية التي كانت تمثل تحديًا أمام عقد القمة العربية، ونسقت المواقف مع العديد من العواصم وصولًا للتأكيد على عقد القمة الـ 31 على مستوى القادة بإرسال دعوات رسمية.

ويأتي عقد القمة العربية بالجزائر  في وقت تموج المنطقة بالعديد من القضايا والتحديات، وكذلك في خضم أزمة عالمية تستوجب تنسيق المواقف بين الدول العربية، لمواجهة أزماتها، علاوة على مناقشة تطورات الوضع في فلسطين، وكذلك سوريا وليبيا والعراق ولبنان، حيث سيكون محورًا لاهتمام القادة العرب خلال قمة الجزائر.

ارتياح جزائري

وتبدي الجزائر ارتياحًا كبيرًا بشأن عقد القمة الـ 31 لجامعة الدول العربية في تاريخها الرسمي المحدد، وفق ما تكشف عنه تصريحات مسؤولين رسميين.

وتم تسطير أجندة خاصة لأشغال هذه القمة، يأتي على رأسها دراسة التطورات المتعلقة بالملف الفلسطيني، بالإضافة لبحث سبل توحيد الصف العربي أمام التحديات المفروضة، وكذا التغيرات التي تعرفها الساحة السياسية، عربيًا، إقليميًا ودوليًا.

وتلقى الجزائر دعمًا صريحًا من قبل دول عربية أبدت رغبتها في إنجاح هذه القمة، كما هو الحال بالنسبة لدولة الكويت التي أكدت حضورها بقمة الجزائر، وبالنسبة  للسلطة الفلسطينية.

مشاكل قد تعرقل القمة العربية

تحدثت عدد من وسائل الإعلام مؤخرًا، عن تحفظات تبديها أطراف عربية أخرى بخصوص هذه القمة، بسبب اختلافها مع الموقف الجزائري حيال مجموعة من القضايا المطروحة في الساحة العربية.

إطلاق موقع إلكترونى لأول قمة عربية "بدون ورق" 

تعتبر هذه القمة، مختلفة فى جدول أعمالها ومخرجاتها، فهى أول قمة عربية أجندتها بدون أوراق، و تسعى الجزائر البلد المنظم لها تنظيم أجندتها لتكون "بدون أوراق"، وذلك من خلال إطلاق الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة ضمن التحول الرقمي الذي تنفذه الدولة الجزائرية.  

ووفق الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة العربية، فإن الجزائر التى قطعت أشواطًا مهمة في مجالات التحول الرقمي، واستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، تسعى لتوفير جميع الشروط الضرورية حتى تكون قمة الجزائر 2022، أول قمة عربية بدون ورق.

ويحوي الموقع الخاص بالقمة، عدة أبواب تشمل جدول أعمال القمة ووثائقها، بجانب باب خاص لتسجيل الوفود المشاركة بعد تأجيل مستمر، وموافقة على مقترح الدولة المضيفة بأن تكون القمة نوفمبر المقبل.

التزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ 68 لاندلاع حرب التحرير الوطنى المجيدة

وفي هذا الشأن، وصفت صحيفة لكسبريسيون الجزائرية، القمة العربية المقرر عقدها فى الجزائر العاصمة بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ 68 لاندلاع حرب التحرير الوطنى المجيدة، بموعد مع التاريخ، ولفتت إلى أنه من الواضح أن رمزية هذا الموعد تحديدا، بما يمثله من قيم النضال المشترك من أجل التحرير والاستيلاء على القدرات "تسمح لنا بتقرير مصيرنا المشترك، وستلهم قادتنا فى اتخاذ القرارات اللازمة لرفع العمل العربى المشترك إلى مستوى التحديات المفروضة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

وأضافت الصحيفة أنه بعيدا عن كونه مصادفة، فإن التاريخ "المختار" لعقد القمة العربية يهدف أيضا إلى أن يكون موعدا مع التاريخ والشعب الجزائري، فبالإضافة إلى أنها كانت توصف دائما بـ"مكة الثوار"، تحتفل الجزائر، فى الأول من نوفمبر من كل عام، باندلاع حرب الاستقلال.. حرب ألهمت عدة دول عربية ودول أخرى.

المشاركين في القمة العربية

تسلمت مصر وفلسطين رسميًا، الثلاثاء، دعوات للمشاركة في القمة العربية المقبلة بالجزائر حيث استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، الذي سلّمه رسالة خطية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تضمنت دعوة السيسي للقمة العربية، والتأكيد على حرص بلاده على تعزيز أطر التعاون الثنائي على شتى الأصعدة والانطلاق بها إلى آفاق أرحب.

ورحب السيسي من جانبه بالدعوة الموجهة من الرئيس الجزائري، معربًا عن تطلع مصر للعمل مع الجزائر لضمان نجاح القمة العربية في تعزيز العمل العربي المشترك للتصدي للتحديات الضخمة التي تواجه الأمة، بهدف استعادة مكانتها ووحدتها، وبما يدعم مفهوم الدولة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعوب العربية.

وسلَّم لعمامرة رسالة مماثلة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يزور في القاهرة حاليًا، لدعوته للمشاركة في القمة العربية، وجدد الوزير الجزائري التزام بلاده المتواصل للقضية الفلسطينية، مشددًا، وأن فلسطين أول دولة تستلم الدعوة إلى القمة "تأكيدا على مكانتها في صلب أولويات العمل العربي المشترك".

وفي سياق متصل، كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية نقلا عما وصفتها “مصادر مطلعة للغاية”، أنه بناءً على تعليمات من أعلى السلطات المغربية، تم إجراء اتصالات مع عدة دول خليجية (السعودية وقطر والإمارات والكويت والبحرين وغيرها) لإبلاغها بأن الملك محمد السادس “سيشارك شخصيًا” في القمة الحادية والثلاثين لجامعة الدول العربية المقرر عقدها في الأول والثاني من نوفمبر المقبل في الجزائر العاصمة.

وأكدت “جون أفريك” أن المغرب ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ اتخذ خطوات لتشجيع قادة هذه الدول على المشاركة “على مستوى عال جدا” في هذه القمة “من أجل ضمان نجاحها”، بحسب المصادر نفسها.

وأشارت إلى أنه لذلك كان الملك المغربي سيرد – وبأي طريقة – على دعوة كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعتزم إرسالها إليه عبر أحد مبعوثيه، وزير العدل عبد الرشيد الطبي.

وتستمر دعوات الجزائر لكافة الدول العربية من أجل المشاركة في هذا العرس الدبلوماسي العربي الخالص الذي يجمع الأشقاء تحت مظلة واحدة للبحث في القضايا الإقليمية والعربية الشائكة والتي تحتاج لتكاتف عربي واضح، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن" هل ستنجح القمة العربية في نسختها الجزائرية؟"، هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة.