رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بهاء خليل يكتب: الصراع المستمر بين الدولة واللا دولة

نشر
الأمصار

لا يزال الصراع المستمر بين الدولة واللا دولة في العراق يلقي بظلاله على مجمل مفاصل الحياة في هذا البلد الصغير بمساحته والكبير بتاريخه الذي يمتد إلى 7000 سنة. 

 

غير أن هذا الصراع أصبح مشهداً يومياً يمثل الواقع المزرى الذي لا يمكن لأي دولة الاستمرار فيه، يتمثل هذا الصراع في محاولة المليشيات الموالية لإيران السيطرة عليه من خلال الترهيب واستخدام لغة السلاح التي لا يعرفون غيرها، وبين المؤسسات التابعة للدولة بمختلف صنوفها، بدايةً من أعلى سلطة في الدولة وهى المحكمة الاتحادية الى أصغر دائرة خدمية في أي قرية عراقية.فبعد أكثر من تسعة عشر عاما على نشر الديموقراطية الامريكية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين واحتلال العراق مازال القضاء غير قادر على أداء مهامه بسبب تهديدات المليشيات الموالية لإيران للقضاة ولكل العاملين في السلك القضائي.

 

وأمام هذا الواقع تقف الدولة عاجزة بصورة حقيقية على أداء مهامها في حماية الشعب والمؤسسات وما حصل من مواجهات في المنطقة الخضراء وسط بغداد خير دليل على عجز الحكومة عن حماية حتى نفسها ليعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي استعداده لتقديم الاستقالة بسبب ما أسماه انفلات الوضع العام للمليشيات والتي أصبحت لا تأتمر بأمرة القائد العام للقوات المسلحة، وبين هذا وذاك تقف مصالح الأحزاب الكبرى بين الدولة واللا دولة حيث ان اغلب ان لم نقل كل المليشيات تقوض سلطة الدولة وسلطة العاملين فيها بصورة مباشرة بل وصل بهم الأمر إلى محاولة اللقاء القبض على الكاظمي والنيل منه لأنه تجرأ على اصدار أوامر باعتقال احد قادة تلك المليشيات على خلفية اتهامات بالقتل، وتم إطلاق سراحه بصفقة سياسية بعد ان اقتحمت المليشيات التابعة لإيران المنطقة الخضراء ومحاصرة رئيس الوزراء في منزله.

غير أن هذا الصراع تحول من صراع بين المليشيات والدولة الى صراع بين المليشيات نفسها وذلك له ابعاد امنية وسياسية خطيرة على الوضع العام في العراق لما له من تأثير على التركيبة السكانية واحتمالية نشوب حرب أهلية في العراق بعد وصلت الخلافات بين الفرقاء السياسيين الى طريق مسدود لا يستطيعون معه اكمال العملية السياسية التي بدأوها منذ عام 2003.

إن خطورة تلك المليشيات تكمن في العقائدية الدينية، فالمليشيات الإيرانية تتبع الولي الفقيه عقائديا ومستعدة لتنفيذ ما يطلب منها، حتى لو تلقت أوامر بقتل كل الشعب العراقي فأنها لن تتأخر وهنا تكمن خورة الوضع الذي أصبح يشبه تماماً ما وصلت اليه الأمور بعد انسحب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عام 1989 وانفجار الأوضاع بين من كانوا يقاومون المحتل السوفيتي مع بعضهم البعض وصراعهم فيما بينهم قاد أفغانستان الى حرب أهلية استمرت ثلاث سنوات وخلفت الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين بعد طرد الاحتلال. وهذا ليس بالبعيد عن الوضع في العراق.