رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: آيات شيطانية.. الغضب المبرمج

نشر
الأمصار

ما كان لكتاب " آيات شيطانية " أن يسري سريان النار في الهشيم لولا رد الفعل الشيطاني المبرمج في إطار إثارة العقول المقيدة بعواطف لا تعرف الانضباط، وليس التأثير فيها على قاعدة البناء الحكيم .
شطحات صاغها كاتب لم نكن نعرف له اسما أو منزلة في الأدب .. خيال لا يرتقي لمنطق عقلاني، كان تجاهلها ضمانا لاندثارها، وجعلها نسيا منسيا ..  أو التصدي لها بدلائل الحكمة الإلهية، ومرجعية الكتاب السماوي غير القابل للجدل، قبل إصدار فتوى " إهدار الدم".
في ذاكرتنا الأدبية حوار توفيق الحكيم مع الله .. سلسلة مقالات كتبت في جريدة الأهرام مارس 1983 بعنوان : "حديث مع وإلى الله" ادعى فيه أن الله رد عليه متسائلا: "وهل إذا درست الحساب بنجاح والتحقت بمدارس العلوم كنت ستراني ؟ " !!!
تصدى له العلماء والمفكرون في بيئة معركة فكرية حسموها بحقيقة إلهية : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم" .
فند الشيخ محمد متولي الشعراوي "حوار الحكيم مع الله" قائلا لا يجوز الحوار مع الذات الإلهية.. وليس لأحد ربط الإرادة الإلهية بإرادته .
انتفاضة إسلامية حسمت في منتدى فكري جمع الخصوم في لقاء أرسى دعائم اللقاء المشترك حول سمو الإرادة الإلهية ودلائلها في آيات الكتب السماوية، لم تدع إلى إهدار دم من رأت كتاباته متعارضة مع مبادئ الإسلام .
ولم بعد أحدنا يتذكر " حوار توفيق الحكيم مع الله" حين احتوى العقل النزيه شطحات افتراضية وركنها في رف منسي.
موجة "آيات شيطانية" أفرغت لندن قوة اندفاعها، ووضعت كاتبها في موضع "شرير طالب شهرة" و " تجاوز حرية التعبير في إهانة المقدسات"، فلم يبق له موطئ قدم في بريطانيا قبل أن يشد الرحال إلى أمريكا.
تطرف في "فتوى إهدار دم " لا تلزم إلا مطلقها وتابعيه المقيدون بسلاسل الجهل الذي تمقته السماء العلا، فتوى لو استندت على قاعدة شرعية لأباحت دم من ادعى أن "الله أوكله بما يفعل ويقرر " وأطلق على ذاته صفات إلهية.
انتفضت قم وصرخت طهران وتنادت إسلام أباد ونست الخرطوم عطشها وعلا صوت اسطنبول وبلغ صداه نيويورك ولندن ودكار وبومبي، ضد فعل مبرمج في دهاليز مظلمة أشعل فتيل فتنة كونية، اختتم رد فعلها بمن اهتدى بفتوى إهدار دم  كاتب " آيات شيطانية " صار العالم يرتلها بين مؤمن ومستكشف لسر ضجة افتعلها من في قلبه غاية خبث يدركها العقلاء المحصنون من مؤثرات التلاعب بالعقول.