رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مظاهرات بشوارع الخرطوم لليوم الرابع على التوالي.. هل تغير الأوضاع بالسودان؟

نشر
الأمصار

خرج السودانيون لليوم الرابع على التوالي في مظاهرات بشوارع الخرطوم وضواحيها، حيث احتج مئات الأحد للمطالبة بحكم مدني وإنهاء الانسداد السياسي منذ قرارات 25 أكتوبر التي أصدرها عبد الفتاح البرهان، وخلال الأسابيع الأخيرة، ضغطت أطراف إقليمية وأممية لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين، إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل "قوى الحرية والتغيير" و"حزب الأمة"، رفضت المشاركة فيه.

تواصلت مظاهرات بشوارع الخرطوم لليوم الرابع على التوالي للمطالبة  تسليم السلطة للمدنيين بعد التحركات الذي نفذه الجيش العام الماضي.

وكانت العاصمة السودانية قد شهدت الخميس اليوم الأكثر دموية منذ بداية العام مع مقتل تسعة متظاهرين مطالبين بعودة المدنيين إلى السلطة، وذلك بعد أكثر من ثمانية أشهر على قرارات 25 أكتوبر التي أدخلت البلاد في دائرة من العنف وعمق الأزمة الاقتصادية.

وأنهت قرارات 25 أكتوبر التي أصدرها  الفريق عبد الفتاح البرهان، تقسيما هشا للسلطة بين المدنيين والعسكريين الذين تم تنصيبهم بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير عام 2019 تحت ضغط ثورة شعبية.

وردا على قرارات 25 أكتوبر، أوقف المجتمع الدولي مساعداته المالية التي تمثل 40% من ميزانية السودان، ولم تثنِ هذه العقوبات الجيش بل زادت من أزمة البلاد الاقتصادية مع انهيار الجنيه السوداني وتجاوز التضخم 200% بوتيرة شهرية. 

وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الشهر من أن ثلث سكان السودان "يعانون انعداما حادا في الأمن الغذائي".

وقُتل 114 متظاهرا منذ القرارات أحدهم توفي السبت في مظاهرات بشوارع الخرطوم بعدما أصيب "في الرأس بعبوة غاز مسيل للدموع في مواكب 16 حزيران/يونيو"، كما ورد في بيان السبت للجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للسلطة الحالية، وأوضح المصدر نفسه أن مئات أيضا جرحوا على أيدي قوات الأمن.

وانتشرت عربات ورجال الجيش وقوات الدعم السريع على جوانب الطرقات في وسط الخرطوم. 

الغاز المسيل للدموع

الأمصار

أطلقت قوات الأمن السودانية مجددًا الغاز المدمع على مئات المتظاهرين الذين يحتجون ضد الحكم العسكري في الخرطوم اليوم الجمعة، بعد أحد أكثر أيام الاحتجاجات دموية خلال هذ العام.

وردد المحتجون في العاصمة السودانية قرب القصر الرئاسي هتافات مثل “الشعب يريد إسقاط البرهان”، و”نطالب بالانتقام”، وحمل بعضهم صورا للضحايا الذين سقطوا أمس الخميس، عندما قُتل 9 سودانيين على الأقل خلال مظاهرة رافضة لقرارات الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021. وقُتل معظم الضحايا بالرصاص الحي، وبينهم قاصر.

وبث ناشطون محليون مشاهد مباشرة من مظاهرات اليوم الجمعة تظهر إطلاق  قوات الأمن السودانية الغاز المدمع باتجاه المتظاهرين.

ونُظمت المظاهرات في 30 يونيو/حزيران في ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا عام 1989، وكذلك ذكرى التجمّعات الحاشدة عام 2019 التي دفعت العسكريين إلى إشراك المدنيين في الحكم بعد الإطاحة بالبشير.

وجاءت مظاهرات أمس الخميس تلبية لدعوة ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى احتجاجات تحت وسم “مليونية زلزال 30 يونيو” احتجاجا على قرارات 25 أكتوبر وللمطالبة بعودة الحكم للمدنيين.

وفي وقت سابق أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية ارتفاع عدد قتلى مظاهرات الخميس إلى 9 أشخاص، وسط إدانات محلية وخارجية لاستهداف المدنيين، في حين اتهمت  قوات الأمن السودانية المحتجين بإلقاء قنابل حارقة وحجارة أصابت العشرات من أفرادها.

وقالت لجنة الأطباء للجزيرة إن عدد المصابين خلال احتجاجات أمس الخميس زاد على 500 مصاب، بعضهم بالرصاص الحي والمطاطي وعبوات الغاز المدمع من  قوات الأمن السودانية، مشيرة إلى أن 6 من القتلى على الأقل سقطوا “برصاص مباشر في الصدر أو في الرأس أو الظهر أو البطن”.

من جهتها، قالت  قوات الأمن السودانية إن هناك معلومات عن وفاة 6 أشخاص ولم ترد بهم أي بلاغات لأقسام الشرطة في ولاية الخرطوم.

واتهمت  قوات الأمن السودانية المتظاهرين باستخدام قنابل حارقة وحجارة، مما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات في صفوف الجيش والشرطة.

كما قالت إن المتظاهرين تحدوا قرارات لجنة أمن ولاية الخرطوم وحاولوا الوصول إلى المواقع السيادية.

ورأت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف المدني الحاكم سابقا) -في بيان نشر على موقع فيسبوك الخميس- أنه “كما هو متوقع، قابلت السلطة مواكب شعبنا السلمية في كل أرجاء السودان بالرصاص وأقصى أشكال العنف”.

سقوط ضحايا

مظاهرات السودان

أعلنت "لجنة أطباء السودان المركزية" ارتفاع أعداد ضحايا المظاهرات إلى 7 قتلى الخميس .

وأعلنت اللجنة مقتل متظاهر سابع في مدينة أمدرمان، قائلة إنه قُتل "في إثر إصابته برصاصة حية في الرأس أطلقتها قوات السلطة"، مشيرةً، في بيان، إلى أنّ "عدد الضحايا الكلّي، منذ الخامس والعشرين من  تشرين الأول/أكتوبر، ارتفع إلى 110 قتلى".

وكانت اللجنة أعلنت، في وقت سابق، أنّ "القوات الأمنية اقتحمت عدداً من المستشفيات"، وقالت إنها استخدمت "الغاز المسيل للدموع في أحد مستشفيات الخرطوم، ومنعت سيارة الإسعاف من دخوله".

وحذّرت اللجنة، "بأشدّ العبارات واللهجات"، من أنّ "المساس بالمستشفيات أو اقتحامها، في أي مكان في السودان، ستكون عواقبه وخيمة، وسوف يتبعه إضراب شامل لكل المرافق الصحية".

وفي وقت سابق اليوم، أغلقت السلطات السودانية أغلبية الجسور التي تربط العاصمة الخرطوم بالمدن المجاورة لها، وذلك في الساعات الأولى من الصباح، على خلفية دعوات "لجان المقاومة" وأحزاب سياسية للخروج في تظاهرات مناهضة لـ"استمرار المكوّن العسكري في حيازة السلطة الانتقالية".

وصرّح البرهان، بأنّ "القوات المسلّحة لن تسلم السلطة إلّا عبر توافق سياسي بين جميع الأحزاب السياسية أو عبر بوابة الانتخابات".

وأعلنت الشرطة السودانية، إصابة 96 شرطيًا و129 جنديًا من الجيش بجروح خطيرة جراء عنف المتظاهرين خلال مليونية شهدتها البلاد أمس.

وأضافت الشرطة السودانية، أن هنالك مجموعات عنف تعمل بطريقة انتحارية هاجمت سيارات الشرطة والعسكريين، مشيرة إلى أن التظاهرات اتسمت بالعنف وحاولت الوصول إلى مناطق سيادية واستراتيجية.

وتابعت الشرطة السودانية، أن هناك معلومات أفادت بوفاة 6 أشخاص خلال تظاهرات أمس، قائلة: لم تصل بلاغات لمراكزنا عن وفاة أشخاص.

المشهد السياسي

كما كشف بكري عبد العزيز، رئيس شبكة الصحفيين السودانيين المستقلين، أن الجانب المنخرط حاليًا في المفاوضات السودانية الحالية من المكون المدني هو الحرية والتغيير الميثاق الوطني، وهو جانب أيد منذ البداية قرارات 25 أكتوبر في السودان.
واكد عبد العزيز لـ"الأمصار"، أن لجان المقاومة لا تزال رافضة للمفاوضات الجارية حاليًا بين مجلس السيادة وباقي الأطراف السودانية برعاية الآلية الثلاثية، مشيرًا أن أي اتفاقات تجرى بدون ضمان حقيقي لتنفيذها وسهل الانقضاض عليها كما حدث في 25 أكتوبر.

وبين عبد العزيز، أن العبرة ليست بالمفاوضات ولكن بالاستجابة لمطالب الشارع وتسليم السلطة للمدنيين، والدليل على ذلك الاتفاق السياسي الذى تم التوقيع عليه ما بين الفريق اول البرهان ودكتور عبد الله حمدوك لم يمثل الشارع السوداني ولم يرضى تطلعاته، والاتفاق كان خرق واضح للوثيقة الدستورية ورفض من الشارع لأنه اتفاق لا يحمل الصفة الشرعية.
جدير بالذكر، أنه تم  الإعلان عن حوار جديد بين المكون المدني ومجلس السيادة في السودان بوساطة سعودية، وذلك في خطوة جديدة لحلحلة الوضع السياسي الحالي في البلاد، وأعرب طرفي الأزمة عن تفاؤلهما بتقدم المفاوضات، وذلك بعد انسحاب الحرية والتغيير من المفاوضات التي يرعاها الآلية الثلاثية في السودان والمكونة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وبعثة اليونيمايتس.