رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا..هل تغير موازين المعركة؟

نشر
الأمصار

تثير الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا العديد من التساؤلات، حيث أبلغ الرئيس الأمريكي، جو بايدن يوم الأربعاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الولايات المتحدة سترسل إلى بلاده 800 مليون دولار إضافية من الأسلحة والذخيرة ومساعدات أمنية أخرى.

تأتي الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا  في الوقت الذي يحذر فيه مسؤولون أميركيون من مرحلة جديدة محتملة دموية في الحرب الجارية، والتي تركز على المناطق الشرقية من أوكرانيا حيث تسحب روسيا قواتها من المنطقة المحيطة بالعاصمة كييف.

 

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا ستكون عبارة عن 11 طائرة هليكوبتر من طراز Mi-17 و300 طائرة بدون طيار من طراز Switchblade و18 مدفع هاوتزر ومعدات واقية للحماية من الهجمات الكيميائية في أحدث دفعة من المساعدة الأمنية التي وافق عليها البيت الأبيض. بالإضافة إلى ذلك، تشتمل حزمة الأسلحة الجديدة على 200 ناقلة جند مدرعة من طراز M113، و10 رادارات مضادة للمدفعية، و500 صاروخ جافلين مضاد للدبابات و30000 مجموعة من الدروع والخوذات.

وقال السكرتير الصحفي للبنتاغون  إن خطة 800 مليون دولار من أجل الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا  تهدف إلى "تلبية الاحتياجات الأوكرانية العاجلة لمعركة اليوم" حيث تحول القوات الروسية تركيز هجومها إلى شرق وجنوب أوكرانيا. وقال إن الأسلحة سيبدأ إرسالها إلى أوكرانيا "في أقرب وقت ممكن"، مشيرًا إلى أنه تم إرسال المساعدة الأمنية السابقة في أقل من أربعة إلى خمسة أيام بعد الموافقة على الطرود الأمنية.

حتى ليلة الثلاثاء، قال مصدران إن طائرات الهليكوبتر أزيلت من قائمة المساعدة، رغم أن بايدن قال في بيانه إنه تم إدراجها في نهاية المطاف. كانت أوكرانيا قد طلبت في البداية من البيت الأبيض في اللحظة الأخيرة عدم إرسال طائرات الهليكوبتر، مما يشير إلى أنهم يريدون مزيدًا من الوقت لتقييم ما إذا كانت مفيدة. لكن خلال المكالمة الهاتفية يوم الأربعاء، قال زيلينسكي لبايدن إن بلاده بحاجة إليهم، لذلك أعيدوا إلى العبوة، حسبما قال مصدر مطلع على الأمر.

رفعت شحنة 800 مليون دولار من الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا  المبلغ الإجمالي للمساعدة العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا إلى أكثر من 3 مليارات دولار. بلغت ميزانية الدفاع الأوكرانية لعام 2020 حوالي 6 مليارات دولار فقط، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. في أقل من شهرين، قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من نصف ذلك في المساعدة الأمنية، مما يبرز الوتيرة التي عمل بها البيت الأبيض لإرسال الأسلحة والمعدات.

مدفع هاوترز

ووفقا لتقرير لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية تحتل المدفعية أهمية كبيرة بالأسلحة الأمريكية لأوكرانيا  في الوقت الراهن، حيث ستشكل ميزة رئيسية في المعركة التي تدور في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وذلك لأن  التضاريس المستوية نسبياً تلائم ما يسميه الجيش "ساحة المناورة"، والتي تعني تحركات الدبابات والقوات البرية الأخرى المدعومة بمدافع بعيدة المدى مثل مدافع هاوتزر.

 

ووفقا للتقرير، فقد نشر الروس مدفعية إضافية في منطقة دونباس خلال الأيام الماضية، إلى جانب المزيد من القوات البرية وغيرها من المواد لدعم واستدامة ما يتوقع أن تكون معركة طويلة في قلب أوكرانيا الصناعي.

ووفقا للأسوشيتدبرس فمدافع هاوتزر التي سترسلها واشنطن ستكون أحدث طراز من هذه المدافع، المعروفة باسم "إم777"، التي يستخدمها الجيش ومشاة البحرية.

 

ويعد هذا الطراز أصغر حجماً وأكثر قدرة على المناورة من الطراز القديم، ويمكن نشره في ساحة المعركة بواسطة طائرات نقل مروحية ونقله بسرعة نسبية بين المواقع بواسطة شاحنات يقدمها أيضاً البنتاجون.

هذا ما أكده جون كيربي، المتحدث باسم البنتاجون قائلا: "ما يزيد من أهمية هذه المدافع هو نوع القتال الذي نتوقعه في دونباس نتيجة للتضاريس، لأنها مفتوحة ولأنها مسطحة ولأنها ليست حضرية، لذلك يمكننا أن نتوقع من الروس الاعتماد على النيران بعيدة المدى، والمدفعية على وجه الخصوص". وأضاف: "لذلك نعلم أن هذا سيكون عاملاً رئيسيا من قواعد اللعبة لدى الروس".

 طائرات "سويتش بليد"

وذكرت مجلة إكونومست البريطانية أن الأسلحة الجديدة هي طائرات "سويتش بليد" التي تندرج ضمن ما يعرف بالأسلحة "المتسكعة"، التي تختلف عن صواريخ جافلين التي يتم إطلاقها بعد تحديد الهدف.

ويزن هذا النوع من الطائرات التي ستسلمه الولايات المتحدة 2.5 كجم، ويبلغ مداها 10 كيلومترات، مقارنة بصاروج جافلين الذي يزن 20 كجم ويبلغ مداه 4 كم.

لكنها برغم ذلك لا تستطيع اختراق دروع الدبابات، فرأسها الحربي الذي يقارب حجم قنبلة يدوية أكثر فعالية ضد المركبات غير المسلحة ومجموعات القوات، وهو ما يجعله أكثر فاعلية ضد بطاريات المدفعية، أو قاذفات صواريخ.

ويتم إطلاق الطائرة من أنبوب، ولكن بدلاً من أن تكون صاروخًا أملسًا قادرًا على السفر بسرعة تفوق الصوت، فهو طائرة مسيرة مجنحة تشرع أجنحتها بعد الإطلاق ومزودة بمروحة كهربائية تدفعها للأمام بسرعة 100 كم / ساعة لرحلة يمكنها تستمر حتى 15 دقيقة.


 

 

ويتم التحكم في الطائرة باستخدام جهاز لوحي يعرض مقاطع فيديو من كاميرا بصرية ومصور حراري بالأشعة تحت الحمراء على متنها.

ويستطيع المشغل استعراض مقاطع فيديو للأهداف، وعندما يجد هدفا ما يريد التعامل معه، يجعل الطائرة تتسارع نحوه بسرعة تصل إلى 160 كيلومترا في الساعة وتصيبه.

وتقول المجلة إنه يمكن حملها في حقيبة ظهر صغيرة ونشرها عند الحاجة وبأقل قدر من التدريب.

ويقول روبرت بنكر، مدير البحث والتحليل في مؤسسة "سي أو فيوتشرز" الأمريكية إن الدقة التي تتمتع بها هذه المسيرة الصغيرة تتيح التركيز على الأهداف عالية القيمة، وليس فقط المدفعية، مثل المقرات ومركبات قيادة وحدات المدفعية.


 

 

وتتمتع بميزة أخرى تفردها عن الطائرات الأخرى، وهي قدرة المشغل على وقف الهجوم إذا أدرك أثناء اقتراب الطائرة من الهدف حدوث خطأ ما.

الميزة الأخرى لهذه الطائرات هي أنها أخف وزنا ولا تحتاج إلى بنية تحتية داعمة كبيرة، مثل المدارج ومحطات للتزود بالوقود.

وتقول إيكونوميست إن الجيش الأوكراني أصبح أكثر اهتماما بأسلحة التسكع، نظرا لسرعتها والعمل في ظروف صعبة وضرب الأهداف غير المرئية.

طائرة  "فينيكس جوست" 

وكان بايدن أعلن عن مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار تشمل 72 مدفع إلى جانب 144 ألف قذيفة مدفعية، وأكثر من 120 طائرة مسلحة بدون طيار من مخزونات القوات الجوية الأمريكية ستتطلب تدريباً للأوكرانيين، إلى جانب الرادارات لتمكين استهداف المدفعية الروسية، وكذلك رادارات المراقبة الجوية وسفن ساحلية غير مأهولة.

ما يرفع حجم المساعدات الأمنية الأمريكية المقدمة منذ انطلاق الغزو في 24 فبراير/شباط الماضي، إلى 3.4 مليار دولار.

ويُطلق على الطائرات المسيرات المدرجة في الحزمة الأخيرة اسم "فينيكس جوست" (شبح طائر العنقاء) والتي توصف بأنها رائدة في "حلول الاستخبارات المحمولة جواً كاملة الطيف.

ورفض كيربي وصف قدرات الطائرة بدون طيار أكثر من القول إنها تستخدم "إلى حد كبير ولكن ليس حصرياً لمهاجمة الأهداف". كما أن لديها كاميرات على متن الطائرة.

وقال كيربي إن هذا النوع من الطائرات بدون طيار مناسب بشكل خاص للتضاريس التي يقاتل عليها الأوكرانيون في دونباس.

مخاوف من تهريب السلاح

قالت صحيفة واشنطن بوست إنه من المتوقع أن يوقع الرئيس الأمريكي جو بايدن فى الأيام القادمة على حزمة مساعدات أمنية بقيمة 40 مليار دولار، والتي تقدم لأوكرانيا صواريخ ومدفعية وطائرات بدون طيار. إلا أن الأمر الذى لا يزال غير واضح هو قدرة واشنطن على مواصلة تعقب تلك الأسلحة القوية مع دخولها إلى واحد من أكبر مراكز الإتجار فى أوروبا.

ولفتت الصحيفة إلى أن سوق الأسلحة غير المشروعة فى أوكرانيا قد تضخم منذ الغزو الروسى الأولى فى عام 2014، مدفوعا بفائض من الأسلحة السائبة وقيود محدودة على استخدامها.

 وهذه الحقيقة غير المريحة للولايات المتحدة وحلفائها تأتى فى ظل مناشدات عاجلة من الرئيس فولوديمير زيلينسكى لتقديم المدفعية المطلوبة لمواجهة القوات الروسية فى شرق البلاد وجنوبها. وكانت مناشدات زيلينسكى سببا فى توحد المشرعين فى مجلس النواب خلف طلب التمويل الأخير فى تصويت بموافقة 368 مقابل رفض 57 يوم الخميس.

إلا أن التدفق غير المسبوق للأسلحة قد عزز المخاوف من أن بعض العتاد يمكن أن تسقط فى يد خصوم الغرب، أو تظهر مرة أخرى فى صراعات بعيدة، وعلى مدار عقود قادمة.

وتقول راتشل ستول، الخبير فى الحد من الأسلحة ونائب رئيس مركز ستيمسون، إنه من المستحيل أن يتم مواصلة تعقب ليس فقط مكان تلك الأسلحة ومن يستخدمها، ولكن أيضا كيف يتم استخدامها.

 

 وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة قد اجرت عملية تدقيق شاملة للوحدات الأوكرانية التي تقدم لها الأسلحة بينما أجبرت كييف على توقيع اتفاقيات لا تسمح بنقل تلك العتاد لطرف ثالث بدون تفويض مسبق من الحكومة الامريكية. إلا أن واشنطن بوست تقول إن طرق تطبيق مثل هذه العقود ضعيفة نسبيا، وأصبحت أكثر ضعفا بتاريخ واشنطن المختلط من الالتزام.