رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الجفاف وانعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا يقتل أي نبتة حياة

نشر
الجفاف وانعدام الأمن
الجفاف وانعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا

في خبر صادم في إثيوبيا.. تسبب الجفاف الشديد والجوع في سلوك غير عادي للحيوانات، بما في ذلك القرود التي بدأت في مهاجمة الأطفال والماشية للحصول على الطعام.

وتواجه إثيوبيا معدلات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي مما أدى إلى تصنيفها ضمن أكثر الدول التي تعاني من الجوع في العالم، فيوجد بها حوالي 5,2 مليون شخصًا في حاجة للمعونة الغذائية، ولذا احتلت أثيوبيا المرتبة 104 عالميًا في مؤشر الجوع لعام 2017.

أسباب تفاقم أزمة الجفاف في إثيوبيا

-التغيرات المناخية: ظاهرة النينيا المناخية:  

كشفت دراسة لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن أن منطقة القرن الإفريقي الكبير الممتد من جنوب إثيوبيا إلى شمال كينيا والصومال تعاني من أسوأ موجة جفاف تحدث منذ أربعة عقود؛ حيث أدت ندرة الأمطار في موسمها الرابع على التوالي بسبب ظاهرة النينيا المناخية وحدوث موجة جفاف شديدة أدت إلى تقليص الإنتاج الزراعي وتدمير مساحات كبيرة من المحاصيل ونفوق أكثر من 3 ملايين رأس من الماشية، مما يهدد حياة الملايين من المزارعين والرعاة في جميع أنحاء المنطقة.

وسبب خبر صادم.. وهو ما توقعته الدراسة وفقا لأحدث البيانات المناخية التي أكدت استمرار موجة الجفاف غير المسبوقة لخمسة مواسم قادمة بسبب انخفاض معدلات هطول الأمطار الموسمية إلى ما دون مستوياتها الطبيعية في الفترة من شهر أكتوبر وحتى ديسمبر، ما يستلزم تنفيذ استراتيجيات طويلة الأمد للتكيف مع المناخ والقدرة على الصمود للتخفيف من آثار الجفاف والأزمات المناخية والسياسية الراهنة.

وأكدت أن أكثر من 20 مليون شخص يواجهون شبح المجاعة، بينهم ما يقرب من 6 ملايين طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، متوقعة أن يرتفع عدد الأشخاص المتأثرين بانعدام الأمن الغذائي الحاد إلى أكثر من 25 مليون بحلول منتصف عام 2022، مما سيضر بإثيوبيا والصومال المتأثرتين بنزاعات داخلية، وقد يؤدي إلى تفشي سوء التغذية والمجاعة على نطاق واسع.

-تأثير الهجوم الروسي على أوكرانيا


حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في دراسته إلى أن تضخم أسعار السلع والمواد الغذائية العالمية بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا يزيد من تفاقم الوضع في جميع أنحاء القرن الأفريقي، لاسيما وأن مخزونات القمح الروسي والأوكراني قبل الغزو كانت تمثل نسبة هائلة من المساعدات الغذائية الإنسانية للمنطقة.

وحذر برنامج الغذاء العالمي (WFP) من حدوث "خطر مجاعة حقيقية" في الأشهر المقبلة وخسائر في الأرواح على نطاق واسع، وحث المجتمع الدولي على تبني خطة إنسانية طارئة لاحتواء هذه الأزمة، مشيرا إلى العلاقة المتبادلة بين المناخ والأمن الغذائي والصراعات في تفاقم الأزمات الغذائية في الدول الهشة أو النامية في المنطقة.

لا يقتصر سبب المعاناة من الجوع في أنحاء العالم على الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي لا تبدو له نهاية حتى الآن، فهناك أسباب أخرى كثيرة، من أبرزها الجفاف الذي تعاني منه العديد من الدول الأفريقية.
ومن المعروف أن روسيا وأوكرانيا كانتا قبل الحرب تزودان أفريقيا بـ40 % من احتياجاتها من الحبوب.

 

ما سببه الجفاف:

-سؤ تغذية الأطفال والأمهات: 

أما الوضع التغذوي في المجتمعات المتضررة من الجفاف، فتشير منظمة أوتشا إلى أنه آخذ في التدهور بسبب قلة توافر الحليب وانخفاض الدخل من الماشية. وتتزايد حالات سوء التغذية الحاد الوخيم في معظم المناطق المتضررة من الجفاف.

وفي الإقليم الصومالي، كشف الفحص التغذوي الذي أجراه مكتب الصحة الإقليمي في جميع أنحاء المنطقة (93 ولاية وست إدارات في المدن) في ديسمبر 2021 عن معدل سوء تغذية حاد شامل بلغ 18 في المائة، وهو أعلى من العتبة العالمية البالغة 15 في المائة.

من بين 813,000 طفل دون سن الخامسة خضعوا للفحص، تم تشخيص حوالي 14,000 طفل أو 1.7 في المائة، بسوء تغذية حاد، وتم تشخيص أكثر من 137,000 طفل أو حوالي 17 في المائة على أنهم يعانون من سوء التغذية المتوسط.

ومن بين 222,000 سيدة حامل ومرضعة ممن خضعن للفحص، تبيّن أن حوالي 72,000 أو 32 في المائة يعانين من سوء تغذية متوسط. قال برنامج الأغذية العالمي إن معدلات سوء التغذية آخذة في الارتفاع، والماشية تموت بسبب الجفاف الشديد في المنطقة الصومالية بإثيوبيا.


وبحسب المنظمة، فقد تأثر حوالي 8.1 مليون شخص في إثيوبيا الآن بالجفاف، بينما يقدر أن ما يقرب من 30 مليون شخص أو ربع السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك 12 مليون طفل

كما يقدر مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 2.9 مليون شخص في حاجة ماسة للغذاء في كينيا وأن هناك نحو 650 ألفا من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد.

-تضرر الزراعة

إن الزراعة في أثيوبيا تمثل 84% من القوة العاملة مما يجعل الزراعة أكبر مساهم في النمو الاقتصادي وأهم قطاع للاقتصاد في أثيوبيا.

إن معيشة معظم الأثيوبيين خاصةً سكان الريف الفقراء كانت تعتمد على الزراعة، ولأنها كانت تتمتع بإمكانية زراعية كبيرة بفضل مواردها المائية وأرضها الخصبة وقدرتها العمالية الضخمة إلا أن التغيرات المناخية التي سببت الجفاف قد قضت على كل خير بها.

وقد أدى عدم هطول الأمطار بكمية كافية في عام 1984 إلى مأساة إنسانية، حيث شهدت إثيوبيا واحدة من أسوأ موجات الجفاف في التاريخ الحديث فمات مئات الآلاف من الناس (مليون شخص هو التقدير الذي يتم ذكره في أغلب الأحيان) أو أصبحوا معدمين بسبب المجاعة التي أعقبتها.

أكثر المناطق الإثيوبية تضررا

-المنطقة الصومالية:

تعتبر المنطقة الصومالية في شرق إثيوبيا هي أكثر المناطق الإثيوبية تضررا، وبحسب منظمة أوتشا، يواجه حوالي ثلاثة ملايين شخص (2.3 مليون في المنطقة الصومالية وأكثر من 870,000 في جنوبي أوروميا) نقصا في المياه ويحتاجون إلى دعم نقل المياه بالشاحنات.

وقد شهدت المنطقة الصومالية في شرق إثيوبيا ثلاثة مواسم متتالية من هطول أمطار دون المتوسط، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلا بالنسبة لحوالي 3.5 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان المنطقة.

في المنطقة الصومالية، كما هو الحال في المناطق الرعوية الأخرى، تعتبر الماشية وسيلة أساسية لكسب العيش بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، ووسيلة لتوليد الدخل في الأسواق المحلية.

وفقا لآخر تحديث عن الجفاف صادر عن مكتب رئيس المنطقة الصومالية، نفقت أيضا ما يقدر بمليون رأس من الماشية في 10 مناطق متأثرة بالجفاف في المنطقة الصومالية.

الماشية في جميع أنحاء المنطقة في حالة صحية سيئة، ومن المتوقع أن يموت عدد أكبر بكثير بسبب زيادة الأمراض خلال موسم الأمطار القادم. هناك حاجة ماسة إلى إجراء حملات تطعيم وتوفير الأعلاف لإنقاذ الحيوانات.

 

-منطقة عفار:

أبرزت منظمة أطباء بلا حدود مدى كارثة ما زالت تتكشف أبعادها في منطقة عفار التي تعاني بشدة من الجفاف، حيث يشهد مسؤولو المنظمة "دلالات مفزعة على أن هناك أزمة تغذية متزايدة ومميتة". وشهدت المنطقة تدفق النازحين إليها نتيجة حرب استمرت 19 شهرا بين القوات الفيدرالية والقوات الموالية لحكومة منطقة تيجراي في شمال إثيوبيا


ودعت المنظمة إلى تصعيد عاجل للاستجابة الإنسانية للأزمة في منطقة عفار وأماكن أخرى في إثيوبيا، مع زيادة فرص الحصول على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية للناس، لافتة إلى أن هناك مؤشرات مقلقة على أزمة تغذية مميتة ومتصاعدة في منطقة عفار بإثيوبيا، مما يتطلب زيادة عاجلة في الاستجابة الإنسانية. في عفار، في شمال شرق البلاد، حيث فر مئات الآلاف من الأشخاص من الصراع الأخير ليجدوا أنفسهم يكافحون جنبًا إلى جنب مع المجتمعات المضيفة للجفاف والجوع والافتقار الشديد للوصول إلى الرعاية الصحية والمياه النظيفة

-تيغراي الإثيوبية:

تسبب الجوع في إقليم تيغراي بإثيوبيا إلى "مجزرة صامت بعدما هزتها الحرب حتى اضطرت أمهات إطعام أطفالهن أوراق الشجر لإبقائهم أحياء.

ويعتبر القرن الأفريقي أحد أكثر مناطق العالم تضررا من النزاعات، حيث شهدت كل دولة في القرن الإفريقي قدرا من الصراع السياسي لعقود، أدى إلى تفاقم آثار الصدمات المناخية على السكان وخلق احتياجات وحواجز إضافية للمنظمات الإنسانية الدولية والجهات الفاعلة المحلية وكل هذه الأسباب ألقت بحافة عدة بلدان أما خطر المجاعة والجفاف.