رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بانضمامهما لحلف الناتو.. السويد وفنلندا يودعان حيادهما العسكري

نشر
فنلندا والسويد تقدمان
فنلندا والسويد تقدمان رسميا طلبين للانضمام إلى حلف "الناتو"

رغم العيش والتعايش السلمي منذ سنوات طويلة للشعب الفنلندي والسويدي مع دول كبرى مثل  روسيا وقبلها الاتحاد السوفيتي إلا أنهما يطلوا علينا بقرارا جديدا بانضمامهما إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

ويبدو أن نتائج شن روسيا لعمليات عسكرية في أوكرانيا لا تنتهي، وهو ما دفع كل من فنلندا والسويد بشكل رسمي للتخلي عن مبدأ الحياد الذي لطالما التزمتا به، ومن المرجح أن حملات التخويف وتسويق الرعب للشعب الفنلندي والسويدي التي تزعمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الغربية من شن روسيا حربا علي السويد وفنلندا هو ما دفعهما إلى اتخاذ قرار الانضمام لحلف الناتو.


انضمام فنلندا والسويد للناتو

 

تقدمت كل من فنلندا والسويد بطلبين رسميين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، اليوم الأربعاء، في مقر الحلف، لتبدأ بذلك عملية انضمام من المتوقع أن تستغرق بضعة أسابيع فقط.
وبحسب دبلوماسيبن فإن تصديق جميع برلمانات الدول الأعضاء، وعددها 30 عضوا سيتم في غضون شهور.

 

وتقدمت فنلندا والسويد بهذا الطلب للانضمام لحلف الناتو بعد أن تسببت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في تحول كبير في سياسات الحياد العسكري التي انتهجها البلدان على مدى عقود.

الأراء الدولية والمحلية بشأن قرار الانضمام

 

الرأي العام في فنلندا والسويد


تحول الرأي العام في فنلندا والسويد بشكل كبير لصالح نيل عضوية الناتو منذ بدأت روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

في السويد، وقبل هذا الإعلان الحكومي الرسمي، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد قد وافق على ترشح البلاد لعضوية الناتو، الأمر الذي عده مراقبون بمنزلة الضوء الأخضر لبدء الحكومة السويدية بإجراءات طلب عضوية الناتو.

وفي فنلندا، قال الرئيس الفنلندي سولي نينيستو إن "هذا الربيع بأكمله كان انتصارا للديمقراطية في فنلندا"

وصوت البرلمان الفنلندي بغالبية 188 صوتا مقابل 8 أصوات لصالح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي"الناتو"

ويعني هذا التطور اللافت تخلي كل من فنلندا والسويد بشكل رسمي عن مبدأ الحياد الذي لطالما التزمتا به، وسيعكس تحولا جيوسياسيا دراماتيكيا في الشطر الشمالي من أوروبا، والذي لطالما تميزت بلدانه عامة بالنأي بالنفس عن التجاذبات الحادة بين روسيا وحلف الناتو، لا سيما خلال سنوات الحرب الباردة، وهو ما قد يقود لزيادة التوتر في العلاقات الروسية الأطلسية، وفتح جبهة مواجهة جديدة بين الطرفين يكون مسرحها الشمال الأوروبي هذه المرة.

رأي حلف شمال الأطلسي "الناتو"

قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، بعد تسلمه طلبي الانضمام من السفيرين الفنلندي والسويدي في مقر الحلف “إن الطلبين اللذين قدمتاهما اليوم هما خطوة تاريخية. سينظر أعضاء الحلف الآن في المراحل المقبلة ضمن مساريكما للانضمام إلى الناتو”.

وقال ستولتنبرغ “أرحب بحرارة بطلبي فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو. أنتما أقرب شريكين لنا”. بحسب الأسوشيتد برس.

ويتوقع أن تستغرق هذه العملية نحو أسبوعين على الرغم من إبداء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحفظات بشأن انضمام هلسنكي وستوكهولم.

وفي حال تم التغلب على اعتراضات الرئيس التركي، وسارت محادثات الانضمام كما هو متوقع، يمكن أن تنضم الدولتان في غضون بضعة أشهر إلى عام تقريبا.

 

رأي الرئاسة الروسية

 

قالت الرئاسة الروسية "الكرملين" إن قرار فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لن يؤدي إلى تحسين الأمن في أوروبا.
 

وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين: "لسنا مقتنعين بأن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي سيعزز بطريقة ما أو يحسن الهيكليات الأمنية في قارتنا"، مضيقا أن "هذه قضية خطيرة وهي قضية تثير قلقنا، وسنتابع بعناية شديدة ما ستكون عليه نتائج انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو من الناحية العملية فيما يتعلق بأمننا الذي يجب ضمانه بطريقة غير مشروطة على الإطلاق".

لكنه أشار أيضًا إلى أنه بالمقارنة مع أوكرانيا، ليس بين روسيا وفنلندا أو السويد أي نزاع على الأراضي.

 

دول البلطيق ترحب بقرار فنلندا والسويد

 

رحب زعماء إستونيا ولاتفيا وليتوانيا بقرار فنلندا والسويد التقدم بطلب لعضوية حلف شمال الأطلسي “ناتو”.

حيث ذكر بيان مشترك أن "فنلندا والسويد تشتركان في نفس القيم التي تربط حلفاء الناتو ببعضهم البعض، ويشتركان في التزامنا بالمبادئ التي تشكل أساس الأمن الأوروبي الأطلسي".

وأضاف "انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو سيعزز أمننا الجماعي ويقوي التحالف، ونتطلع إلى العمل معهما ضمن التحالف لتحقيق هذه الأهداف"، مشيرا إلى أنه في أعقاب العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا، أصبح دور الناتو كحلف دفاعي يسعى جاهدا من أجل السلام والأمن والاستقرار في منطقة الأورو-الأطلسية بأكملها أكثر أهمية.

وأدلى البيان بأن كل من رئيس الوزراء الإستوني، كاجا كالاس، ورئيس وزراء لاتفيا، أرتورس كريشيانيس كارينش، ورئيس الوزراء الليتواني، إنجريدا إيمونيتي.

 

 

أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك إجماعا من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" على انضمام السويد وفنلندا.

قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن لديه قناعة بأن هناك إجماعا على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو عقب محادثات أجراها في (برلين) مع عدد من الوزراء.

حلف الناتو


منظمة حلف شمال الأطلسي هي منظمة عسكرية دولية تأسست عام 1949م بناءً على معاهدة شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 ابريل سنة 1949، ويشكل حلف الناتو نظاما للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.

الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة، هم ثلاثة من أعضاء الناتو، وهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي يتمتعون بحق الفيتو وهم رسميا دول حائزة للأسلحة النووية. ويقع المقر الرئيسي لحلف الناتو في هارين، بروكسل، بلجيكا، في حين أن مقر عمليات قيادة حلف الناتو يقع بالقرب من مونس، بلجيكا.

وحلف الناتو أو حلف شمال الأطلسي هو تحالف عسكري دولي يتكون من 30 بلد عضو مستقل في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا. وتشارك 21 دولة أخرى في برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لمنظمة حلف شمال الأطلسي، مع مشاركة 15 بلدا آخر في برامج الحوار المؤسسي.

كان حلف شمال الأطلسي ما يزال حديثا ولا يغدو كونه أكثر من منظمة سياسية إلى أن حلَّت الحرب الكوريَّة التي رفعت أعداد الدول الأعضاء في المنظمة. إذ حرَّكت تلك الحرب أعضاء هذا التنظيم، وتم بناء هيكل عسكري متكامل تحت إشراف اثنين من القادة الأمريكيين.

وبعد سقوط جدار برلين في ألمانيا في عام 1989، شاركت المنظمة في تفكك يوغوسلافيا، وأجرت أول تدخلاتها العسكرية في البوسنة من 1992 إلى 1995 ثم في وقت لاحق يوغوسلافيا في عام 1999.

وسياسيا، سعت المنظمة إلى تحسين العلاقات مع بلدان حلف وارسو السابقة، التي انضم العديد منها إلى التحالف في عامي 1999 و2004. وقد تم الاستعانة بالمنظمة، للمرة الأولى والوحيدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي تم بعدها نشر القوات في أفغانستان تحت قيادة ايساف التابع للناتو في أفغانستان.

 

وقد قامت المنظمة بشغل مجموعة من الأدوار الإضافية منذ ذلك الحين، بما في ذلك إرسال مدربين إلى العراق والمساعدة في عمليات مكافحة القرصنة.

ومنذ تأسيسها، زادت الدول الأعضاء من 12 دولة أصلية إلى 30 دولة عضو. الدول الأعضاء الأخيرة التي أُضيفت إلى الناتو هي الجبل الأسود في 5 يونيو 2017 ومقدونيا الشمالية في 27 مارس 2020. حلف شمال الأطلسي يعترف حاليا بالبوسنة والهرسك وجورجيا كأعضاء طموحين.


العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي


تأسست العلاقات بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا والعلاقات بين الحلف العسكري لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الروسي في عام 1991 في إطار مجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية. انضمت روسيا في عام 1994 إلى برنامج الشراكة من أجل السلام، ووقع حلف شمال الأطلسي وروسيا منذ ذلك الحين عدة اتفاقيات مهمة فيما يخص التعاون بينهما. وفقًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد طرح فكرة انضمام روسيا إلى حلف شمال الأطلسي على الرئيس بيل كلينتون في عام 2000 أثناء زيارته لموسكو، ورد عليه كلينتون بأنه “لا يمانع ذلك”.

 

وإن كان الوضع بالنسبة لعلاقة روسيا بفنلندا أو السويد مختلف عن علاقتها بأوكرانيا إذ إنه لا يوجد أي نزاع على الأراضي، لكن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو هي قضية مهمة وتثير قلق روسيا واهتمام الجميع.