رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

اجتماعات القاهرة تحقق "إنجازًا كبيرًا" لإنهاء الأزمة الليبية

نشر
المسار الدستوري الليبي
المسار الدستوري الليبي

عبر أجواء وصفت بـ"التوافقية" اختتمت أولى جولات أعمال لجنة المسار الدستوري الليبي في العاصمة المصرية القاهرة، بعد 5 أيام من انطلاقها.

تلك المشاورات والتي استمرت على مدار الأيام الماضية، تنوعت بين الاجتماعات المغلقة والنقاشات العامة، بحسب المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، والتي أكدت أن فريق الخبراء قدم إيضاحات فنية حول جملة من القضايا الدستورية التي وصفتها بـ"الهامة".

وقالت ويليامز، في البيان الختامي للمشاورات والذي اطلعت إن اجتماعات لجنة المسار الدستوري الليبي المؤلفة من مجلسي النواب و"الأعلى للدولة" جرت في أجواء "توافقية"، مشيرة إلى أنها ناقشت عددًا من القضايا بما فيها الاتفاق على اللائحة الداخلية المنظمة لعمل اللجنة والاتفاق على استمرار اللقاءات عقب عيد الفطر لاستكمال المشاورات.

ستيفاني ويليامز

تفعيل المسار الانتخابي

وأكدت وليامز أن الأمم المتحدة، تسعى للبناء على التوافق الذي تحقق بين المجلسين مطلع العام الجاري؛ لإعادة تفعيل المسار الانتخابي وتلبية آمال الليبيين الذين يؤمنون أن الحل النهائي للمراحل الانتقالية المتعاقبة والأزمات المترتبة عليها، يأتي عبر انتخابات تستند إلى إطار دستوري سليم وإطار انتخابي بمدد زمنية محددة.

وأوضحت المبعوثة الأممية أن هذه الجولة من مشاورات المسار الدستوري الليبي تأتي في إطار المبادرة التي أطلقتها مطلع الشهر الماضي، بهدف المضي قدما للتوصل إلى إطار دستوري وتشريعي لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب فرصة ممكنة، في إشارة إلى مشاورات تونس، والتي رفضها البرلمان، واعتبرها مسارًا موازيًا.

وأعربت الأمم المتحدة عن "امتنانها" لحكومة مصر على استضافتها هذه الجولة من اجتماعات اللجنة، ودعمها مساعي الأمم المتحدة في ليبيا الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار .

وفيما قال رئيس لجنة المسار الدستوري بمجلس النواب سليمان الفقيه، إن البرلمان "حريص" على الوصول إلى انتخابات مقبولة النتائج، على أن تكون أساسا للاستقرار في ليبيا، أكد عضو "الأعلى للدولة" شعبان أبو ستة، أن اللجنة ستعمل على إيجاد مسار دستوري واضح يخرج ليبيا من أزمتها.

رئيس لجنة المسار الدستوري بمجلس النواب سليمان الفقيه 

مجلس النواب يشكر القاهرة

ووجه النائب البرلماني الليبي وعضو لجنة المسار الدستوري، النائب سليمان الفقيه الشكر للحكومة المصرية على استضافة تلك الاجتماعات، مضيفا أنه ليس من المستغرب على القاهرة اهتمامها بالشعب الليبي.

وأكد الفقيه، في كلمة بختام الاجتماعات، حرص مجلس النواب على الوصول إلى الانتخابات في أسرع الأوقات، بشكل يقبل به نتائجها، وتكون اللبنة الأخيرة لاستقرار ليبيا.

وسبق أن نفى الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، مناقشة لجنة "النواب" المشاركة في اجتماعات القاهرة مسألة القاعدة الدستورية، موضحا أنها تشكلت بقرار من المجلس لتختص بنظر النقاط الخلافية في مسودة الدستور، وذلك وفق التعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري.

اسم مجلس النواب عبد الله بليحق 

وشدد على أن التعديل الدستوري الثاني عشر أخذ شكله القانوني، وجرى التصويت عليه في جلسة علنية، وأصبح جزءا من الإعلان الدستوري، مردفا أنه في حال نجاح تعديل النقاط الخلافية في مسودة الدستوري، سيجري الاستفتاء على مسودة الدستور الدائم للبلاد ثم عقد الانتخابات، وإذا لم يحدث ذلك، "سيتجه مجلس النواب إلى مسار ثان نصت عليه خارطة الطريق"، وهو تشكيل لجنة تختص بوضع القوانين التي ستجرى بمقتضاها انتخابات رئاسية وبرلمانية.

تضارب الدعوات

بيان وتصريحات اعتبرتها مصادر ليبية، محاولة من المبعوثة الأممية للتغطية على انسحابات بعض أعضاء مجلس النواب، والذين رفضوا استكمال المشاورات، بعد "تضارب" الدعوات الموجهة.

وأكدت المصادر، أن المبعوثة الأممية وجهت دعوات لطرفي المشاورات مغايرة لبعضها؛ ففي حين دعت "الأعلى للدولة" لمناقشة القاعدة الدستورية مع مجلس النواب، دعت الأخير لمناقشة التعديل الدستوري الثاني عشر، والذي أقره البرلمان في فبراير/شباط الماضي.

وأوضحت المصادر، أن سبب الدعوات "المغايرة" التي وجهت إلى الطرفين، كان خوفًا من رفض طرفي المشاورات حضورها، خاصة أن البرلمان يرفض القاعدة الدستورية التي أقرها الأعلى للدولة، فيما تراجع الأخير عن دعمه للإعلان الدستوري الثاني عشر.

المسار الدستوري الليبي

لا توافق

وإلى ذلك،  قال المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح، في تصريحات له، إنه رغم الظروف التي هيأتها مصر وجمعت مجلسي النواب والأعلى للدولة "المتناقضين"، إلا أنها لم تثمر على توافق.

وأوضح المحلل الليبي، أنه كما كان متوقعًا لم تثمر الاجتماعات عن أي تقدم؛ فالتوافق على النظام الداخلي للجنة لا يعد إنجازًا، بل يؤكد "اتساع" الهوة والخلل الذي يتزايد بين المجلسين.

وأكد المحلل الليبي، أن المشاركين في المسار الدستوري بالقاهرة حضروا برؤى متعددة؛ فالبعثة الأممية جاءت بمطلب قاعدة دستورية جديدة، بينما طالب البرلمان بمناقشة النقاط الخلافية في الدستور، فيما طالب أعضاء "الأعلى للدولة" بمناقشة وبحث التعديل الدستوري الثاني عشر الذي أقره النواب، مما أدى إلى "فشل" المشاورات.

قضايا أعمق

وأشار إلى أن المبادرة التي قدمتها ويليامز في المسار الدستوري "أهملت" أولويات حل الأزمة الليبية، مؤكدًا أنه رغم أهمية المسار الدستوري، إلا أن هناك قضايا أعمق، ممثلة في التحشيدات المسلحة والصراع السياسي الحاد بين الحكومتين.

ويليامز 

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري له، إن ويليامز تحاول جاهدة إطلاق هذه المشاورات، لـ"إفشال" التوافق الليبي-الليبي، والذي أبرم دون وساطتها.

وأوضح المحلل الليبي، أن البيان لا جديد فيه، سوى تكرار المشاورات واللقاءات التي سئمها الليبيون، مشيرًا إلى أن البيان ليس دقيقًا وخاصة فيما نص عليه من توافقات؛ فعدد من أعضاء البرلمان انسحبوا بعد محاولة "الأعلى للدولة" فرض دستور معين ورؤية على الجميع.

الإخوان يرفضون مسودة الدستور

ويرى المحلل السياسي عز الدين عقيل، أن تنظيم الإخوان، المسيطر على مجلس الدولة، يرفض بشدة العمل على إصلاح مسودة الدستور، لأنه يرغب في إجراء انتخابات برلمانية فقط، ويتخوف من المسودة التي تنص على نظام رئاسي للدولة، مضيفا: "يخشون من خسارة كل شيء لأنهم على يقين بأن الرئيس المقبل لن يكون منهم، وهذا الأمر يرعبهم".

وأضاف عقيل، أن الإخوان يخططون لإنتاج قاعدة دستورية في صورة قانون عزل سياسي، يخلي لهم المسرح السياسي من كل منافسيهم الذين يتمتعون بالحظوظ الأوفر، وهم يعلمون أنه من المستحيل كتابة دستور كامل في صورة قانون عزل سياسي، ولكن يأملون في تمرير قاعدة "عرفية" طارئة تحقق لهم هذه الغاية.

وبشأن السيناريوهات المطروحة حال عدم التوافق بين المجلسين، أشار الباحث السياسي إلى الاقتراحات التي أطلقت من عدة أطراف خلال الأيام الماضية، بإعلان حالة الطوارئ وإنتاج قاعدة دستورية من جانب المجلس الرئاسي أو القضاء، وقد يحظى التصور بدعم من بعض الأطراف الدولية.

وليامز: الحل النهائي للأزمة في ليبيا يأتي عبر انتخابات دستورية متينة

وسابقا، قالت ستيفاني وليامز، مستشارة الأمم المتحدة الخاصة بشأن ليبيا، إن الحل النهائي للأزمة في ليبيا يأتي عبر انتخابات، تبنى على قاعدة دستورية متينة.

 مستشارة الأمم المتحدة الخاصة بشأن ليبيا

جاء ذلك خلال مشاورات اللجنة المشتركة، التي تتألف من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والتي انطلقت في القاهرة اليوم برعايةٍ من الأمم المتحدة، وذلك بهدف تحديد قاعدة دستورية لإجراء انتخاباتٍ حرة، تتسم بالمصداقية والشفافية والشمولية، حسب بيان نشرته البعثة الأممية في ليبيا.

وأشارت المستشارة ستيفاني وليامز، في الكلمة الافتتاحية، إلى أنَّ الشعب الليبي عامة يؤمن بأن الحل النهائي للقضايا التي تؤرق ليبيا يأتي عبر انتخاباتٍ تُجرى بناءً على قاعدة دستورية متينة، وإطارٍ انتخابي يمثل حماية للعملية الانتخابية، بمعالم واضحة وجداول زمنية تُمكن من المضي قدماً

وخاطبت وليامز ممثلي المجلسين بالقول،  إن دوركم حاسم في إيصال صوتكم، دعما لـ 2.8 مليون من مواطنيكم في ليبيا الذين سجلوا للتصويت".

الدعم المصري للقضية الليبية

كما أعربت المستشارة الخاصة عن "امتنانها للدعم السخي الذي قدّمته مصر، واستضافتها جولة الحوار الحالية بين المجلسين".

وأمس، أعلنت البعثة الأممية أن وليامز التقت أعضاء "تحالف تضامن"، الذين يمثّلون شبكةً تكوّنت حديثاً من 25 منظمة من منظمات المجتمع المدني.

وقالت وليامز إنها "قدمت لهم عرضاً موجزاً حول جهود الوساطة الأخيرة، التي قامت بها بين المجلسين، بشأن التوصّل إلى قاعدةٍ دستوريةٍ، من شأنها أن تؤدي إلى إجراءِ انتخاباتٍ شاملةٍ وعادلةٍ وذات مصداقيةٍ في أقرب فرصة".

وكانت المستشارة الأممية أعلنت، مارس الماضي، مبادرتها بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بهدف "الاتفاق على قاعدةٍ دستوريةٍ قويةٍ لإجراء انتخاباتٍ وطنيةٍ في أقرب وقت ممكن".

وبدأت بعثة الأمم المتحدة الشهر الماضي، للدعم في ليبيا اجتماعاتٍ تشاوريةً مع مشرّعين، بشأن وضع قواعد للانتخابات القادمة، وهذه الاجتماعات هي جزءٌ من مبادرة ستيفاني وليامز، التي تدعمها الدول الغربية من أجل تجاوز الانقسام السياسي الحاصل في البلد.

وزادت حدة التشرذم في ليبيا أخيراً، مع تشكيل سلطتين تنفيذيتين متنافستين: حكومة جديدة عينها البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة ناتجة عن الاتفاقات التي ترعاها الأمم المتحدة، مقرها في طرابلس ويقودها عبد الحميد الدبيبة.