رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أزمة كويتية جديدة.. بعد تقديم الحكومة لاستقالتها

نشر
الكويت
الكويت

تتميز دولة الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة ، كما تتمتع الكويت بوجود قدر كبير من الحريات، حيث تتمتع المعارضة في الكويت بكونها من أكثر الحركات المعارضة تأثيراً ونفوذاً في مجالها العام، ورغم كل هذه المزايا فإن التجربة الديمقراطية في الكويت لم تخلُ من عدد من المنغصات.


الحكومة الكويتية تتقدم باستقالتها بعد ثلاثة أشهر على تشكيلها

قدمت الحكومة الكويتية استقالتها أمس الثلاثاء بعد ثلاثة أشهر على تشكيلها، بسبب أزمة سياسية متصاعدة بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي.

حيث استقبل ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بقصر بيان الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء حيث رفع إليه كتاب استقالة الحكومة.

 

وتأتي استقالة الحكومة عشية تصويت مجلس الأمة على كتاب "عدم تعاون" تقدم به عشرة نواب ضد رئيس الوزراء، وذلك تفادياً للتصويت في مجلس الأمة كان مقرراً له اليوم الأربعاء، بناءً على طلب "عدم التعاون" مع الحكومة، بعد استجوابه في البرلمان الثلاثاء الماضي.

 

طلب "عدم التعاون"

اتهم ثلاثة نواب رئيس مجلس الوزراء في الاستجواب بـ"ارتكاب ممارسات غير دستورية وتعطيل مصالح المواطنين وعدم التعاون مع البرلمان والنهب المنظم للاموال العامة".

وجاءت الاستقالة بعد ارتفاع عدد النواب الذين أعلنوا تأييدهم للتصويت بـ"عدم التعاون" مع رئيس الوزراء، وكان آخرهم نواب الحركة الدستورية الإسلامية، وجاء عدم التعاون بعد استجواب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي من قبل النواب حسن جوهر وخالد المؤنس ومهند الساير.

وتضمن الاستجواب الممارسات غير الدستورية لرئيس مجلس الوزراء، وتعطيل مصالح المواطنين، وعدم التعاون مع المؤسسة التشريعية، والنهب المنظم للأموال العامة والعبث بثروات الشعب الكويتي.

يأتي هذا الاستجواب وطلب عدم التعاون مع الشيخ صباح الخالد، بعد ثلاثة أشهر على تشكيل حكومته الجديدة، وهي رابع حكومة تتولى السلطة التنفيذية بالكويت في عامين ونصف العام، جميعها كانت برئاسة صباح الخالد.


متى بدءت الأزمة بين الحكومة ومجلس الأمة؟

وتهزّ البلاد منذ سنوات عدة أزمات سياسية متكررة تشمل الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة.
ازدات الأزمات بشكل مستمر في السنوات الأخيرة بين الحكومة الكويتية ومجلس الأمة، وأهم محطات الأزمة الحالية:

-انتخابات برلمان ديسمبر 2020

ابتدأ الخلاف بين مجلس الأمة والحكومة عقب التغيير الكبير في هيكلة مجلس الأمة الكويتي وخسارة أكثر من ثلثي أعضاء المجلس مقاعدهم، وتمكن مرشحي المعارضة من تحقيق نجاح كبير بحصولهم على 24 مقعداً من أصل خمسين مقعداً في مجلس الأمة الكويتي.

وأصبح الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رئيساً لوزراء الكويت، في نوفمبر الماضي للمرة الثالثة على التوالي، بعد تكليفه من قبل ولي عهد البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

وأصدر ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وقتها، أمرا أميريا بتعيين الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رئيساً لمجلس الوزراء وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وعرضها للاعتماد.

ووفق الأمر الأميري الذي أصدره الشيخ مشعل، فعلى رئيس الوزراء المكلف عرض أسماء الوزراء المقترحين لاعتمادها بمرسوم من قبل ولي العهد..

وبات متاحا بعد المرسوم الاستعانة بولي العهد الكويتي لتعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وقبول استقالاتهم وإعفائهم من مناصبهم.


-كارت ضغط المعارضة

يذكر أن المواجهة بين الحكومة والمعارضة قد بدأت من اليوم الأول من انعقاد المجلس، عندما رجحت أصوات الحكومة كفة الخصم الرئيسي للمعارضة ليصبح رئيسا للبرلمان.

تحولت المعارضة من خلال كتلتها القوية في البرلمان إلى كارت ضغط مستمر على الحكومة لإجراء عدد من الإصلاحات التي تقدمت بها سابقاً، ولعل أبرزها كانت تلك المتعلقة بمعالجة ملفات الفساد والعفو الشامل عن معارضي الخارج، إلا أن الحكومة لم تتجاوب مع مطالب المعارضة، وأعلنت عن برنامج عمل توسع في فرض الضرائب والخصخصة ورفع الدعم عن الخدمات العامة، وهو ما أثار سخط المعارضة بشكل كبير.

-استجواب رئيس الحكومة

تمكنت المعارضة الكويتية من جمع الأصوات الكافية لإقرار طلب عدم التعاون مع الحكومة، الذي كان من المقرر أن يتم التصويت عليه الأربعاء.

وواجهت حكومة الشيخ صباح الخالد تحديا كبيرا من قبل المعارضة بعد أدائها القسم مباشرة، إذ تم استجواب ثلاثة وزراء وتم التصويت على حجب الثقة عنهم، لكن محاولات المعارضة فشلت.
والتحدي الذي واجهته الحكومة أدى إلى استقالة وزيري الداخلية والدفاع قبل شهر، احتجاجا على ما وصفاه بالتعسف باستخدام الأدوات الدستورية وبالإخفاق التاريخي من قبل الحكومة والمجلس.


-تقديم الحكومة الأخيرة لاستقالتها


قدمت الحكومة، برئاسة الشيخ صباح الخالد، استقالتها بعد ثلاثة أشهر على تشكيلها، بسبب أزمة سياسية متصاعدة بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي.

استقبل ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بقصر بيان، أمس، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء حيث رفع إليه كتاب استقالة الحكومة

وتأتي استقالة الحكومة عشية تصويت لمجلس الأمة على كتاب "عدم تعاون" تقدم به عشرة نواب ضد رئيس الوزراء.

واتهم ثلاثة نواب رئيس الوزراء في الاستجواب بـ"ارتكاب ممارسات غير دستورية وتعطيل مصالح المواطنين وعدم التعاون مع البرلمان والنهب المنظم للاموال العامة"
الحكومة الكويتية الأخيرة

أدت الحكومة الكويتية اليمين في 29 كانون الأول/ ديسمبر، لتصبح “رابع” حكومة تتولى السلطة التنفيذية في الدولة الخليجية خلال عامين ونصف العام.

وكان وزيرا الدفاع والداخلية وهما من الأسرة الحاكمة قدما في شباط/ فبراير الماضي استقالتهما احتجاجا على كثرة الاستجوابات في البرلمان.

وقال وزير الدفاع قوله "أن التعسف في استخدام الأدوات الدستورية" هو ما دفعهما للاستقالة، مضيفا أن "الاستجوابات حقٌّ دستوري.. لكن وجدت نفسي وبقية الوزراء غير قادرين على تحقيق طموحات أبناء الشعب، الذين ينتظرون منا الكثير، وهذا حقهم إلا أن الممارسات النيابية تعطِّلنا عن تحقيق طموحات الشعب الكويتي".
 

الكويت

هي دولة عربية تقع في الشرق الأوسط من جنوب غرب القارة الآسيوية، وتحديدًا في الركن الشمالي الغربي للخليج العربي الذي يحدها من الشرق، حيث يحدها من الشمال والغرب جمهورية العراق ومن الجنوب المملكة العربية السعودية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 17,818 كيلومتر مربع.

تأسست مدينة الكويت عام 1613 وتولى الحكم فيها أسرة (آل صباح) وهم فرع من قبائل العتوب، وكان غالب سكان الكويت منذ تأسيسها يمتهنون الغوص على اللؤلؤ والتجارة البحرية بين الهند وشبه الجزيرة العربية، الأمر الذي ساعد على تحويل الكويت إلى مركز تجاري في شمال الخليج العربي وجعلها ميناء رئيسياً لكل من شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين. 

وسياسيًا، تعدّ الكويت إمارة وراثية يحكمها أمير من ذرية الشيخ مبارك الصباح، ونظام الحكم فيها هو ملكي دستوري، وتتميز بنظام برلماني متمثلًا بمجلس الأمة الذي يمثل السلطة التشريعية.

تتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادة في كثير من الأحيان.

وأعرب الكويتيون في السنوات الأخيرة عن رغبتهم في الإصلاح والتغيير في بلد يشكل الوافدون 70% من السكان.

وكانت الكويت أول دولة خليجية تتبنى نظاما برلمانيا في 1962. ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.

 

مجلس الأمة

مجلس الأمة الكويتي هو السلطة التشريعية في الكويت ويتكون من 50 عضوًا منتخبًا من قبل الشعب، ويشترط الدستور الكويتي ألا يزيد عدد الوزراء عن ثلث عدد النواب (أي أن لا يزيد عن 16 وزيرًا). بإمكان السلطة التنفيذية اختيار عضو برلماني لمنصب الوزارة فيكون في هذه الحالة وزيرًا في السلطة التنفيذية ونائبًا في السلطة التشريعية ويُسمى في هذه الحالة محللًا.

 

تكوين المجلس

يتألف مجلس الأمة من خمسين عضوا موزعون في خمسة دوائر انتخابية، ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا لقانون الانتخاب. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة.

مدة مجلس الأمة أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع لـه ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة، والكويت حاليا مقسمة إلى 5 دوائر يتم انتخاب 10 نواب عن كل دائرة وكان لكل ناخب الحق بالتصويت لأربعة مرشحين حتى نهاية عام 2012 , و من بعدها أصبح حق التصويت مقتصرا على صوت واحد لكل مواطن كويتي من كلا الجنسين، ويحق للمواطن متى ما أتم عمره 21 سنة أن ينتخب، ولا يحق للعسكريين أن ينتخبوا باستثناء أفراد الحرس الوطني.


والعملية الديمقراطية في الكويت بالرغم من بعض الأزمات، الإ أنها تظل عملية تميز الكويت عن بقية الدول العربية من حيث تواجد الحريات السياسية، وتفردها عن دول الخليج الأخرى بتجربتها البرلمانية وديمقراطيتها المتوسعة.