رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تلوث الهواء وأمراض ومجاعات.. التغير المناخي يهدد البشرية

نشر
التغيير المناخي
التغيير المناخي

يعاني العالم في الآونة الأخيرة، من تغيير شديد في درجات الحرارة الوسطية بسبب التقلبات والتغييرات المستمرة على  مدار الزمن الجيولوجي.

أسباب التغيير المناخية

ترتفع درجة الحرارة في هذه الفترة بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية، ويرجع السبب في هذا الارتفاع إلى البشرية فهي المسؤولة عن معظم ارتفاع درجات الحرارة في القرن الماضي بسبب إطلاق غازاتٍ تحبسُ الحرارة – وهي التي يشار إليها في العادة بغازات الدفيئة أو الاحتباس الحراري- لإمداد حياتنا الحديثة بالطاقة.

حرق الوقود الأحفوري يعد أحد أكبر المسبّبات إلى حد بعيد هو حرق الوقود الأحفوري – أي الفحم والغاز والنفط – وهو ما زاد تركيز غازات الدفيئة – مثل ثاني أوكسيد الكربون – في غلاف أرضنا الجوي.

أيضا نشاطات أخرى قد تكون السبب مثل تمهيد الأراضي للزراعة، إذ يسبّب ارتفاع متوسط درجة حرارة، وغير ذلك من النشاطات التي تدفع لحدوث التغير المناخي.

وقد بدأت التحذيرات من الاحتباس الحراري تتصدر العناوين منذ أواخر الثمانينيات.

وفي عام 1992، وقع 165 بلدًا معاهدةً دولية، هي “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”. وقد عقدت تلك البلدان اجتماعاتٍ سنويةً منذ ذلك الحين (باسم “مؤتمر الأطراف”) ، بغية تطوير أهدافٍ وأساليبَ للحد من التغير المناخي، وكذلك التكيّف مع آثاره الماثلة للعيان فعلاً . واليوم، بات هناك 197 بلدًا ملتزمًا بـ”اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”.

تأثيرات تغير المناخ:

يعتبر الارتفاع السريع لدرجة الحرارة مشكلةً لأنه يغيّر مناخنا بمعدلٍ سريعٍ جدًّا بالنسبة للكائنات الحية التي تعجز عن التكيّف معه.

التغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يشمل أيضًا أحداث الطقس الشديدة، وارتفاع مستويات البحار، وتغير تعداد كائنات الحياة البرية، ومواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وكثير من التأثيرات الأخرى.

 

الأكثر تضررا

من المتوقع أن تكون المجتمعات المعتمدة على الزراعة والصيد البحري في تحصيل أرزاقها والفئات المستضعفة والمحرومة والمعرضة للتمييز بالفعل هم الأكثر تضررا.

الدول النامية 

سكان الدول الصغيرة وهي عبارة عن جزر، والدول الأقل نموًّا بين الأكثر تضررًا، وهم كذلك بالفعل الآن، فالناس في جزر “المارشال” يعانون على نحو منتظم من الفيضانات والعواصف المدمرة التي تدمّر بيوتهم وسبل عيشهم. 

كما تصدّرت موجة الحرارة عام 2018 عناوين الأخبار في نصف الكرة الأرضية الشمالي في جميع أرجاء أوروبا وأمريكا الشمالية


الأحياء القريبة من محطات توليد الطاقة والمصافي 

تأثيرات التغير المناخي، والتلوث الناجم عن الوقود الأحفوري، تزداد في المجتمعات التي تضطر شعوبها تنفّس الهواء السّام.

 

الأطفال والشباب

يعانون بالفعل بسبب عمليات الأيض في أجسامهم، وبسبب احتياجاتهم الفيزيولوجية والتنموية الخاصة. وهذا يعني، على سبيل المثال، أن التهجير القسري الذي تعاني منه المجتمعات المحلية، ويؤثر على مجموعة شاملة من الحقوق – بدءًا من المياه، والصرف الصحي، والطعام، وصولاً إلى المسكن اللائق والصحة، والتعليم، والتنمية – سيضرّ على الأرجح بالأطفال على نحوٍ خاص.

الارتباط بين تغير المناخ وحقوق الإنسان:

لأننا جميعا نستحق الحماية، لقد ولدنا جميعًا متمتعين بحقوق الإنسان الأساسية، وتغير المناخ هو قضية تتعلق بحقوق الإنسان؛  بسبب أثرها المدمر الذي لا يقتصر على البيئة فقط.

فالحق في الحياة هو أول حقوق الأنسان لنا جميعًا، لكن التغير المناخي يهدد سلامة مليارات البشر على هذا الكوكب

والحق في الحياة بصحة  جيده ومسكن غير معرض للخطر والحق في الحصول على المياه وضمان وجودها.

 

تحذيرات دولية وعالمية

حذرت منظمة العفو الدولية من أن هناك حاجةً ملحةً لجعل الناس وحقوق الإنسان في صلب الكلام عن تغير المناخ. وبالنسبة لمنظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان هذا يعني الضغطَ من أجل مساءلة البلدان التي لا تتخذ تدابير لمواجهة تغيّر المناخ، تمامًا كما نفعل حيال انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى

وقالت تشيارا ليغوري، المستشارة لوضع السياسات، بمنظمة العفو الدولية
إن ما تقوم به منظمة العفو الدولية بشأن تغير المناخ يضمن الدفاع عن حقوق الإنسان في “اتفاق باريس” الخاص بتغير المناخ والمساهمة فيه.

وستعمل منظمة العفو الدولية مع طيفٍ متنوعٍ من المجموعات المختلفة في البلدان الرئيسية بهدف ممارسة الضغط على الحكومات والشركات التي تعيق التقدم. وستقدم منظمة العفو الدولية الدعم للشباب، ولكن أيضًا للشعوب الأصلية، ونقابات العمال، والمجتمعات المحلية المتضررة، بغية المطالبة بانتقالٍ سريعٍ وعادلٍ إلى اقتصادٍ ينعدم فيه الكربون ولا يتخلّف عن ركابِه أحد. وستكون الدعاوى القضائية، واستخدامُ آليات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية أدواتٍ إضافيةً لمواصلة الضغط.

كما ستعتمد منظمة العفو الدولية على ما سبق من عملها لدعم المدافعين عن البيئة حتى تسهّل على نحو خاص عمل الذين يحمون الأراضي، والغذاء، والمجتمعات المحلية، والناس من تأثيرات المناخ، واستخراج وتوسع استخدام الوقود الأحفوري، وإزالة الأحراج. كما أن الدفاع عن الفضاء المدني للمعلومات والمشاركة والتعبئة سيسهم في الدفعِ قدمًا بسياسات مناخية تقدمية.


ودعت منظمة العفو الحكومات إلى بذل كل ما في وسعها للمساعدة في وقف ارتفاع درجات الحرارة في العالم بأكثر من درجة ونصف مئوية.

كما طالبت بخفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050 على أبعد تقدير. وينبغي للدول الأغنى فعل ذلك على نحو أسرع. وبحلول عام 2030، يجب أن يصل مقدار الانبعاثات الغازية في العالم إلى نصف مقدارها في عام 2010.
 

كما دعت إلى أن وقف استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، والنفط، والغاز) في أسرع وقتٍ ممكن، وأن تضمن أن تُجرى التدابيرُ المتخذة لمواجهة التغير المناخي على نحوٍ لا ينتهك حقوق الإنسان لأيّ فرد، وعلى نحوٍ يقلص الظلمَ لا أن يزيده.
-أن تضمن أن يكون الجميع، خصوصًا المتأثرين بالتغير المناخي أو بالتحول إلى اقتصادٍ ينعدم فيه الوقود الأحفوري، على درايةٍ بما يحصل وأن يكون بمقدورهم المشاركة في القرارات المتعلقة بمستقبلهم، وأن تعمل معًا لتقاسم عبء التغير المناخي – يجب على البلدان الأغنى أن تساعد الدول الأخرى على نحوٍ عادلٍ.
 

 

الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ
وفق تقرير جديد لخبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بشأن الاحترار المناخي الناجم عن النشاط البشري.

وقال التقرير، الذي يقع في آلاف الصفحات، إن تداعيات الاحترار المناخي "الكارثية" باتت واقعا يُشعر به من الآن، وستتفاقم مع كل زيادة وإن كانت ضئيلة في حرارة الأرض، مع تكاثر الحرائق وذوبان التربة الصقيعية.

وذكر التقرير أنه في حال لم يتحرك العالم سريعا جدا لخفض انبعاثات غازات الدفيئة سيواجه وابلا من التداعيات التي لا هروب منها "ولا يمكن العودة عنها أحيانا" في العقود المقبلة، وفق ما نقلت وكالة "سبوتنيك".

فمع موجات الجفاف والقيظ والفيضانات والحرائق وانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه والأمراض وارتفاع مستوى المياه، يجد 3,3 إلى 3,6 مليار شخص، أي نحو نصف سكان العالم أنفسهم في وضع "ضعف شديد".

وتوقع التقرير انقراض 3 إلى 14% من الأنواع على الأرض حتى مع ارتفاع الحرارة 1,5 درجة مئوية فقط، وانه بحلول 2050 سيكون نحو مليار شخص يقيمون في مناطق ساحلية معرضة للخطر تقع في مدن ساحلية كبيرة أو جزر صغيرة.

وفي "حال الاكتفاء بالالتزامات الحالية يتوقع أن تزداد الانبعاثات بنسبة 14 % تقريبا خلال العقد الحالي، وهو ما سيشكل كارثة.

وتمنى هانس-أوتو بورتنر، الرئيس المشارك للمجموعة التي أعدت التقرير في الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ، ألا تحجب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أهمية التقرير، مؤكدا لوكالة فرانس برس أن شبح الاحترار المناخي "يلازمنا وتجاهله ليس خيارا".

وحذرت الأمم المتحدة من أن نصف سكان العالم يجدون أنفسهم في موقع ضعيف جدا حيال التداعيات القاسية والمتزايدة للتغيير المناخي، فيما قد يقلص عدم التحرك "الإجرامي" للمسؤولين، الفرص الضئيلة لقيام "مستقبل قابل للعيش" على الأرض.

ووجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أصابع الاتهام إلى الدول التي تصدر انبعاثات كبيرة "التي تضرم النار في المنزل الوحيد الذين نملكه".

وقال غوتيريش "اطلعت على الكثير من التقارير العلمية في حياتي لكن لا شيء يقارن" بالتقرير الحالي واصفا إياه بأنه "مجلد يفند المعاناة البشرية ويشكل اتهاما حيال فشل القادة في مكافحة التغييرات البيئية".

وتزيد وطأة هذه المعاناة بشكل أكبر على الشعوب المعرضة اكثر من غيرها مثل السكان الأصليين أو الفئات الفقيرة على ما شدد التقرير، لكن الدول الغنية ليست بمنأى عن هذه التداعيات، وهو ما ظهر في الفيضانات التي اجتاحت ألمانيا أو الحرائق العنيفة التي انتشرت في الولايات المتحدة العام الماضي.

 

الأمم المتحدة :
حذرت الأمم المتحدة في أخطر تقرير لها حتى الآن من أن الفرصة لإنقاذ الكوكب ستنتهى بسرعة، وكشف تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة، أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر الآن على جميع الكائنات الحية.

ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، يقول التقرير، إنه إذا لم يقتصر الاحترار العالمي على بضع أعشار من الدرجة فقط، فإن الأرض التي تعانى الآن بانتظام من الحرارة القاتلة والحرائق والفيضانات والجفاف في العقود المقبلة سوف تتحلل بـ 127 طريقة، وبعضها لا رجوع فيه.

وأضاف، "الدليل العلمي التراكمي لا لبس فيه: تغير المناخ تهديد لرفاهية الإنسان وصحة الكوكب"، محذرا من أن تأخير التخفيضات في انبعاثات الكربون المحاصرة للحرارة وانتظار التكيف مع تأثيرات الاحترار سيفوت فرصة قصيرة وسريعة الإغلاق لتأمين مستقبل صالح للعيش ومستدام للجميع.

وأوضح التقرير، أن أطفال اليوم الذين قد لا يزالون على قيد الحياة في عام 2100 سيواجهون أربعة أضعاف الظواهر المناخية المتطرفة مما هم عليه الآن حتى مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار بضعة أعشار أكثر من درجة حرارة اليوم.

ولكن إذا ارتفعت درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين إضافيتين من الآن (3.4 درجة فهرنهايت)، فسيشعرون بخمسة أضعاف الفيضانات والعواصف والجفاف وموجات الحرارة، وفقًا لمجموعة العلماء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

يقول التقرير إن الحياة اليومية لما لا يقل عن 3.3 مليار شخص مهددة بشدة لتغير المناخ، و 15 مرة أكثر عرضة للوفاة بسبب الطقس القاسي، ويتم تهجير أعداد كبيرة من الناس بسبب تدهور الأحوال الجوية المتطرفة، خاصة فقراء العالم هم الأكثر تضررا بكثير.

يقول التقرير إن المزيد من الناس سيموتون كل عام بسبب موجات الحر والأمراض والطقس القاسي وتلوث الهواء والمجاعة بسبب الاحتباس الحراري.

ويقول العلماء إن عدد الأشخاص الذين يموتون يعتمد على كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري من حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي التي تنفث في الهواء وكيف يتكيف العالم مع عالم يزداد سخونة باستمرار.