رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

المفاوضات الأوكرانية الروسية.. ما السيناريوهات المتوقعة؟

نشر
مفاوضات روسية أوكرانية
مفاوضات روسية أوكرانية

تتجه الأنظار حول العالم إلى صور حدود البيلاروسية الأوكرانية، حيث تعقد المفاوضات بين الجانبين الروسي والأوكراني في مكان لم يكشف عنه بعد، والتي هي بمثابة الفرصة الأخيرة لوقف الحرب المستعرة منذ الخميس، بين البلدين والتي باتت تهدد بتوسع نطاقها لتطال دول أوروبية أخرى، في ظل تصاعد الخلاف الروسي الغربي على وقع هذه الحرب.

ويحذر مراقبون وخبراء من تحول العملية العسكرية الروسية "الخاصة" في الأراضي الأوكرانية في أي لحظة لشرارة حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر.

وكان مستشار الرئاسة الأوكراني، ميخائيلو بودولياك قد قال لـ"رويترز" في رسالة نصية، الإثنين، إن المحادثات بين أوكرانيا وروسيا بدأت بالفعل، في موقع على الحدود مع بيلاروسيا.

وكانت أوكرانيا قد قالت في وقت سابق إن وفدا تابعا لها وصل إلى الحدود البيلاروسية، بهدف إجراء محادثات مع الجانب الروسي لإنهاء الحرب. وقال مكتب الرئيس الأوكراني إن:” الهدف الرئيسي للمحادثات مع روسيا هو الوقف الفوري لإطلاق النار وسحب القوات الروسية".

 ويضم الوفد الأوكراني وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، ومستشار مكتب الرئيس ميخائيل بودولاك، وفقا لوكالة أنباء "تاس" الروسية.

وقبيل ذلك، أكدت بيلاروسيا أنها جاهزة لاستضافة المفاوضات المقررة بين روسيا وأوكرانيا، في اليوم الخامس من الهجوم الذي شنته موسكو.

وقالت وزارة الخارجية البيلاروسية على فيسبوك: "مكان المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في بيلاروسيا جاهز، وننتظر وفدي البلدين".

وأرفقت الوزارة المنشور بصورة لقاعة المفاوضات، تُظهر طاولة طويلة وأعلام الدول الثلاث في الخلفية، وتأتي تلك التطورات بعدما قال المفاوض الروسي مستشار الكرملين فلاديمير ميدينسكي، إن موسكو تريد التوصل إلى "اتفاق" مع كييف.

السيناريوهات المتوقعة

وتعليقا على السيناريوهات المتوقعة لمسار هذه المفاوضات وما ستتمخض عنه، يقول عماد أبو الرُب، رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار:” تأتي (المفاوضات) في إطار حاجة الجميع للخروج من هذه الأزمة العالمية، نحو آفاق حل وإظهار الرغبة بالسلام وحقن الدماء، ومن ينسحب من هذه المفاوضات التي هي بمثابة الفرصة الأخيرة لوقف هذه الحرب المدمرة يعري نفسه تماما أمام المجتمع الدولي من الالتزامات القانونية والأخلاقية، ذلك أن مائدة المفاوضات هذه، هي مفتاح وقف الدم واحلال السلام وذلك على قاعدة التوصل لحلول وسط ترضي الطرفين”.

الأزمة العسكرية

موسكو حاولت حسم الأزمة عسكريا لكنها لم تتمكن من ذلك، وفق أبو الرُب، الذي يضيف:” حيث أبدت أوروبا موقفا موحدا صلبا لدعم أوكرانيا لدرجة السماح لمواطنيها بالانضمام لجبهات القتال مع الأوكرانيين ضد الروس، فضلا عن مساعداتها العسكرية الضخمة لكييف، وهذا ما لم نشهده حتى خلال الحرب العالمية الثانية”.

ويتابع رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار:” في حال عدم تمخض المفاوضات عن نتائج ايجابية، فهذا يعني أننا سنكون أمام كارثة محققة، بين صمود أوكراني دفاعا عن البلاد وهجوم روسي واسع عليها لحماية أمن روسيا القومي كما تقول موسكو".

من جانبه، يقول خليل عزيمة، الأكاديمي والباحث السياسي: ”منذ الصباح الباكر هناك هدوء نسبي في كييف وهناك تفاؤل كبير وتعويل على المفاوضات مع روسيا، ونأمل أن تتكلل بالنجاح فنحن أمام احتمالين، فإما أنها مفاوضات رفع عتب ولكسب الوقت من قبل موسكو عبر إعادة طرح شروطها التعجيزية، ولتقول أن كييف سبب انهيار المفاوضات، ولتعاود المضي في حربها التي رغم كل حشودها العسكرية الضخمة، لكنها في المجمل لم تحقق أهدافها على الأرض كما هي مخطط لها".

 ويضيف عزيمة في حديثه: "وهنا فموافقة موسكو على حل وسطي بخصوص مكان انعقاد هذه المفاوضات على الحدود بين أوكرانيا وبيلاروسيا، بعد رفض كييف عقدها في العاصمة البيلاروسية مينسك، هو مؤشر ايجابي على رغبتها في إطلاق المفاوضات وعدم عرقلتها".

ويتابع:” إن كانت روسيا جادة لإنجاح المفاوضات عليها الاعتراف بسيادة أوكرانيا على أراضيها والرجوع لاتفاقيات مينسك حول مشكلة إقليم دونباس، والشرط الأساسي لكييف سيكون السحب الفوري للقوات الروسية من أوكرانيا واعلان وقف الحرب عليها”.

حل سلمي ووقف الحرب

من الممكن في سبيل التوصل لحل سلمي ووقف الحرب، أن توافق كييف على إعلان نفسها دولة حيادية عسكريا ما بين موسكو والناتو، كما يتوقع عزيمة.

وأضاف:” التسوية قد تكون على الشكل التالي، أن تقبل موسكو بانضمام كييف للاتحاد الأوروبي مقابل التعهد بعدم الانضمام لـحلف شمال الأطلسي، وهذا في الواقع أفضل لأوكرانيا، لكن يبقى بالطبع القرار في يد الرئيس الروسي بوتن، لكن المصلحة العامة لروسيا وأوكرانيا والعالم ككل، هي في انجاح هذه المفاوضات بأي شكل كان، ووقف هذه الحرب الخطيرة، فهل ستتغلب العقلانية على الغرور في موسكو؟” 

فيما تدخل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يومها السادس، اليوم الثلاثاء، من المنتظر أن تُستأنف قريباً المحادثات الروسية الأوكرانية على الحدود البولندية البيلاروسية.

وفي هذا الإطار، قال السفير الروسي في القاهرة: إن "الجولة الثانية للمفاوضات مع أوكرانيا لم تحدد"، مشيرا الى أن "موسكو ترغب في نزع السلاح من أوكرانيا". وأضاف أن "أوكرانيا حاصرت دونيتسك ولوغانسك لمدة 8 سنوات، وهما الأن جمهوريتان ذات سيادة". وأضاف أن "الولايات المتحدة تنشر صواريخها على الحدود الروسية".

كييف ومباحثات السلام

وفي وقت سابق، قال رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي، أن مباحثات السلام مع كييف استغرقت 5 ساعات تمت خلالها مناقشة جدول الأعمال بين الطرفين والتي بموجبها من الممكن التنبؤ بمواقف مشتركة.

وأوضح ميدينسكي أن "الاجتماع المقبل سيجرى خلال الأيام المقبلة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، وأن هناك اتفاقا على ذلك".

من جانبه، لم يقدم ميخائيلو بودولياك، كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سوى قلة من التفاصيل عن المباحثات، قائلاً إن المحادثات ركزت على وقف إطلاق نار محتمل، كما أنه قد تجرى جولة ثانية من المحادثات "في المستقبل القريب".

وكانت روسيا اشترطت الاعتراف بالقرم أرضا روسية، ونزع سلاح أوكرانيا لوقف العمليات العسكرية في أوكرانيا.

يأتي ذلك فيما استبعدت الرئاسة الفرنسية أن تقود المحادثات الروسية الأوكرانية في بيلاروسيا إلى نتائج ملموسة.

الجولة الأولى

وكان مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك قد وصف الجولة الأولى من المحادثات مع الجانب الروسي عند حدود بيلاروسيا بـ"الصعبة"، مضيفا أن وجهة نظر موسكو في المفاوضات متحيّزة للغاية.

من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الوقت قد حان للنظر في فرض منطقة حظر جوي على الطائرات والمروحيات الروسية ردًا على قصفها لمدينة خاركيف. كما دعا زيلينسكي إلى حظر روسيا في جميع موانئ ومطارات العالم، مشيرا إلى أن القوات الروسية نفذت في 5 أيام 56 هجوما صاروخيا.

من جهتها، قالت الحكومة البريطانية إن الهجوم الروسي على أوكرانيا تحول إلى مغامرة خطيرة لبوتين، مشددة بالقول: "سنفعل كل ما في وسعنا لعدم سقوط كييف".

وتزامنا، أفاد تحديث للمخابرات العسكرية البريطانية، الثلاثاء، أن التقدم الروسي نحو كييف لم يحرز تقدما يذكر خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب صعوبات لوجستية، كما كثف الجيش استخدامه للمدفعية شمالي العاصمة.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في تحديث لمعلومات المخابرات العسكرية، إن "التقدم الروسي نحو كييف لم يحرز تقدما يذكر خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وذلك على الأرجح نتيجة للصعوبات اللوجستية المستمرة".

وأضافت أن "القوات الروسية كثفت استخدامها للمدفعية شمالي كييف والمناطق المجاورة لخاركيف وتشرنيهيف. استخدام المدفعية الثقيلة في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان يزيد بشكل كبير من خطر وقوع ضحايا من المدنيين".

وقالت إن "روسيا أخفقت في السيطرة على المجال الجوي فوق أوكرانيا مما دفع للتحول إلى العمليات الليلية في محاولة لتقليص خسائرها"، بحسب ما صدر عن وزارة الدفاع البريطانية.

انطلاق المحادثات بين روسيا وأوكرانيا

انطلقت المحادثات بين وفدي روسيا وأوكرانيا  في مقاطعة جوميل البيلاروسية على خلفية مواصلة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، بحسب وسائل إعلام روسية.

ووصل الوفد الأوكراني إلى جوميل في مروحية خاصة، بحسب ما أظهرت مقاطع مصورة بثتها وسائل إعلام روسية.

وأفادت الرئاسة الأوكرانية بأن الوفد الأوكراني يتضمن كلا من:وزير الدفاع أليكسي ريزنيكوف، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب "خادم الشعب الحاكم" دافيد أراخاميا، ونائب وزير الخارجية نيكولاي توشيتسكي، ومستشار رئيس مكتب الرئاسة ميخائيل بودولاك، والنائب رستم أوميروف، والنائب الأول لرئيس الوفد الأوكراني في مجموعة الاتصال الثلاثية للتسوية في دونباس أندريه كوستين

وأوضحت الرئاسة أن الهدف الرئيسي للمحادثات مع روسيا هو وقف إطلاق النار فورا وسحب القوات الروسية من البلاد.

وفي وقت سابق قال رئيس وفد المفاوضات الروسي، فلاديمير ميدينسكي، في تصريحات لوكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" اليوم الاثنين، إنه من المتوقع وصول وفد الدولة المجاورة في غضون ساعة ونصف إلى ساعتين.

وبحسب وكالة "بيلتا" الحكومية البيلاروسية، قال الجانب الأوكراني إن المحادثات ستبدأ في وقت مبكر قبل ظهر اليوم.

وكتب السياسي الأوكراني ديفيد أراخاميا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "سنستمع إلى المقترحات. وبعد ذلك سنناقش ما إذا كان الأمر يستحق أم لا". 

وتم الاتفاق على الحدود الأوكرانية-البيلاروسية كمكان للاجتماع. 

ووفقا لمعلومات واردة من كييف أمس الأحد، لا توجد شروط لعقد الاجتماع، كما تولى حاكم بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، مسؤولية ضمان بقاء جميع الطائرات والمروحيات والصواريخ المتمركزة في بيلاروس على الأرض أثناء وصول الوفد الأوكراني. 

وكان الطرفان يعتزمان في الأساس عقد الاجتماع أمس الأحد. ولم يتضح لفترة طويلة متى ستبدأ المحادثات. 

وبحسب تقارير إعلامية، تأخر انطلاق المحادثات بشكل كبير لأن الرحلة من أوكرانيا صعبة بسبب القتال.

ومن جهته أعلن الفاتيكان، اليوم استعداده لتسهيل الحوار بين روسيا وأوكرانيا في سبيل إنهاء الحرب.

وقال وزير الخارجية الكاردينال بيترو بارولين، الذي يحتل المرتبة الثانية بعد البابا فرنسيسي، إنه "على الرغم من الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا، إلا أنه "مقتنع بوجود مجال دائم للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.. والفاتيكان مستعد لتسهيل الحوار".