رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الصراع يشتعل.. ماذا يحدث على الحدود الروسية – الأوكرانية؟ “تفاصيل”

نشر
الأمصار

سيطرت الأزمة بين أوكرانيا وروسيا على المشهد العالمي خلال الفترة الأخيرة، وذلك في ظل الأزمة السياسية بين البلدين.

وتعتبر الأزمة الأوكرانية الروسية، إحدى الأزمات طويلة الأمد التي يعود تاريخها إلى سنوات عديدة، إذ بدأت عام 2014 عندما نفذت القوات الروسية عدة عمليات عسكرية في عمق أوكرانيا.

ودعت الولايات المتحدة جميع القوى السياسية العالمية إلى استبعاد فكرة الغزو الروسي لأوكرانيا، محذرة من اندلاع حرب بين البلدين بعد التصعيد الأخير للأزمة.

وتصاعدت حدة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا خلال الساعات الماضية، ما ينذر بأجواء حرب وشيكة دفعت العديد من دول العالم لمطالبة رعاياها وموظفيها بمغادرة الأراضي الأوكرانية فوراً، تحسباً للهجوم الروسي المحتمل.

 

تاريخ أوكرانيا

كانت أوكرانيا جزءً من الإمبراطورية الروسية لعدة قرون قبل أن تصبح جزءً من الاتحاد السوفيتي، وعندما تفكك الاتحاد السوفيتي مع نهاية الحرب الباردة في عام 1991، أصبحت أوكرانيا مستقلة.

وعلى الرغم من أن تاريخ أوكرانيا وروسيا المشترك يعني أن الاثنتين لا تزالان مرتبطين ثقافياً، إلا أن أوكرانيا سعت إلى النأي بنفسها عن روسيا في السنوات الأخيرة، وبدلاً من ذلك تتطلع كييف إلى الغرب للحصول على الدعم، فيما اعتبرت روسيا أن أوكرانيا «خسارة فادحة» لها.

ومع صعود فلاديمير بوتين إلى السلطة، سعى الكرملين إلى استعادة نفوذه والسيطرة على مناطقه السابقة، وبدأ هذا بمقاربة أكثر دقة في مطلع عام 2000، ولكن عندما تمت الإطاحة بمرشح بوتين المفضل في الانتخابات الأوكرانية لعام 2004، بدأت الأمور تتغير، ومع صعود نجم مرشح المعارضة الموالية للغرب فيكتور يوشينكو، أصبح نهج بوتين أكثر عدوانية.

وبلغت ذروة العدوانية الروسية بضم موسكو غير القانوني لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014.

كما أرسلت موسكو قوات إلى منطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيين -وهي منطقة تُعرف باسم دونباس- لدعم المتمردين الذين كانوا يحاولون الانفصال عن البلاد. وأدى القتال في دونباس، بالقرب من الحدود الروسية، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص منذ عام 2014.

وفي محاولة لإنهاء الصراعات الكبرى، قادت فرنسا وألمانيا اتفاقية سلام بين الجانبين في عام 2015 لكنها فشلت في توحيد الجانبين سياسياً واستمرت التوترات على نطاق صغير منذ ذلك الحين.

في أوائل عام 2021 كانت هناك حوادث متزايدة لخرق وقف إطلاق النار لعام 2015، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب، لكن في أبريل (نيسان)، سحبت موسكو معظم قواتها وخفّت حدة التوترات.

 

أين تتمركز القوات الآن؟

يوجد حالياً نحو 100 ألف جندي روسي متمركزين في نقاط مختلفة على طول الحدود الأوكرانية التي يبلغ طولها 1200 ميل.

وزعم مسؤولو المخابرات الأميركية الأسبوع الماضي أن روسيا تخطط لنشر ما يصل إلى 175 ألف جندي استعداداً لغزو محتمل قد يحدث في وقت مبكر من هذا العام.

ويتركز معظم الوجود العسكري الروسي على الحدود في المقاطعتين الشرقيتين الانفصاليتين دونيتسك ولوهانسك (دونباس) حيث يتمركز جنودها لدعم المتمردين الانفصاليين منذ عام 2014، كما كان هناك أيضاً وجود عسكري كبير في شمال أوكرانيا في مناطق مثل كلينتسي وييلنيا.

وكشفت صور عبر الأقمار الصناعية أيضاً عن نشاط عسكري روسي في مناطق شمال شرق الحدود الأوكرانية. وأظهرت صور الأقمار الصناعية من يلنيا، المتاخمة أيضاً لبيلاروسيا، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 أن روسيا تزيد من وجودها العسكري، الأمر الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب، نظراً لموقعها الاستراتيجي بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف.

ولا يزال عشرات الآلاف من القوات الروسية متمركزين داخل أراضي شبه جزيرة القرم التي تم ضمها، حيث كشفت صور عبر الأقمار الصناعية عن عمليات انتشار كبيرة لقوات هناك في نوفمبر من العام الماضي. وأعرب مسؤولون أوكرانيون مراراً وتكراراً عن مخاوفهم بشأن الوجود الروسي على الحدود، بينما يصر الكرملين على أنه مجرد «تدريب عسكري».

 

ماذا تريد روسيا؟

بعد صعوده إلى السلطة في عام 2000، سعى فلاديمير بوتين إلى الحفاظ على «دائرة النفوذ» الروسية على أوكرانيا وبيلاروسيا، إذ ينظر الرئيس الروسي إلى أي هجوم على أي من الدولتين على أنه هجوم مباشر على السيادة الروسية.

وعدَّ التحليل أن بوتين يخشى أن يؤدي تورط الغرب في الدولتين، أوكرانيا وبيلاروسيا، إلى قيام ديمقراطية جديدة على أعتاب روسيا، مما دفع موسكو إلى إصدار «قائمة مطالب» من شأنها أن تقلل من النفوذ الغربي في المنطقة، منها ألا تصبح أوكرانيا أبداً عضواً في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وأن الطرفين ينهيان تحالفهما الأمني، وتقليص أعداد قوات «الناتو» في أوروبا الشرقية. ووصفت الولايات المتحدة وحلفاء غربيون آخرون مثل هذه المطالب بأنها «غير مشجعة وغير معقولة على الإطلاق».

وفي محاولة لتهدئة التوترات، شارك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في محادثات الأزمة مع المسؤولين الروس، بمن فيهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، هذا الأسبوع، وحتى الآن، أشار الغرب إلى أنه سيكون على استعداد لمناقشات أكثر مرونة حول كيفية إجراء التدريبات العسكرية داخل المنطقة وموقع الصواريخ.

ماذا تريد أوكرانيا؟

تصر أوكرانيا على أن موسكو لا تستطيع التحكم فيما إذا كانت كييف تقترب من أن تصبح عضواً في «الناتو» أو التحالفات الغربية الأخرى، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تحاول زعزعة استقرار البلاد في محاولة للإطاحة به، محذراً من احتمال أي غزو عسكري محتمل من روسيا.

ما دور المملكة المتحدة في الصراع؟

نشرت المملكة المتحدة 2000 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات و 30 من قوات النخبة للمساعدة في تدريب القوات المسلحة الأوكرانية في مواجهة غزو روسي جديد محتمل.

شوهدت طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز C – 17 وهي تحلّق ذهاباً وإياباً بين المملكة المتحدة وأوكرانيا منذ يوم الاثنين، وفقاً لبرنامج تتبع الرحلات الجوية.

وتمد المملكة المتحدة أوكرانيا بأسلحة تتمثل في أنظمة مضادة للدبابات للمساعدة في تدريب القوات المسلحة الأوكرانية في مواجهة أي غزو روسي محتمل، حيث شوهدت طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز «بوينغ سي – 17 غلوب ماستر 3»، وهي تحلق ذهاباً وإياباً بين المملكة المتحدة وأوكرانيا منذ يوم الاثنين.

 

فشل المفاوضات

وفشلت محادثات كثيفة في الأيام الأخيرة في إحراز تقدم نحو حل لهذه الأزمة التي يصفها الغربيون بأنها الأخطر منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.

وقال الكرملين إن المناقشات التي جمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين سعيا لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية، لم تفض إلى “أي نتيجة”.

وتنفي موسكو التي ضمت شبه جزيرة القرم عام 2014 تحضيرها لغزو أوكرانيا لكنها تشترط خفض التصعيد بمتطلبات أبرزها ضمان عدم قبول عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي، وهو طلب رفضه الغربيون.

وفيما يخيم شبح الحرب على أوروبا، يواصل قادة القارة العجوز جهودهم الدبلوماسية.

وتصر موسكو على أن تتفاوض كييف بشكل مباشر مع الانفصاليين المدعومين من روسيا الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ العام 2014 في شرق البلاد، في صراع أودى حتى الآن بأكثر من 14 ألف شخص.

وترفض أوكرانيا ذلك بشكل قاطع قائلة إن موسكو هي المحاور الوحيد الذي لديه صلة وثيقة بالانفصاليين.

على الرغم من ذلك، أكدت كييف الجمعة أن “الجميع مصممون على تحقيق نتيجة” وأن المحادثات ستستمر.

 

انفلات الوضع

في هذا الإطار، حض الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس مواطنيه على مغادرة أوكرانيا فورا لأن “الأمور قد تتفلت بسرعة كبيرة”، ولكن الحكومة الأوكرانية التي رفضت مرارا مخاوف واشنطن، سارعت إلى التقليل من مدى أهمية هذه التصريحات.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا “هذه التصريحات لا تنبع من تغيير جذري في الوضع”.

وكرر بايدن أنه لن يرسل تحت أي ظرف قوات إلى أوكرانيا، حتى من أجل إجلاء أمريكيين في حال حصول غزو روسي للبلاد.

وقال بايدن، إن الأمر سيكون بمثابة “حرب عالمية عندما يبدأ الأمريكيون والروس إطلاق النار على بعضهم بعضا، نحن في عالم يختلف كثيرا” عما كان عليه سابقا.

وحذرت الولايات المتحدة روسيا من أنها ستواجه عقوبات اقتصادية قاسية في حال حدوث عدوان عسكري، لكن موسكو التي تقدم نفسها على أنها ضحية لسياسة عدوانية ينتهجها حلف شمال الأطلسي، تجاهلت هذه التهديدات حتى الآن.