رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تنظيم الإخوان.. سياسات تركيا لتسوية الخلافات مع مصر والدول العربية

نشر
الأمصار

بدأت السلطات التركية خلال الأيام الماضية في إصدار قرارات بترحيل  قيادات في حزب الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في اليمن.

وكشفت المصادر  إن “تركيا بصدد طرد عدد من قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن، المقيمين على أرضها، وأبلغت الحكومة التركية اليمنيين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين المقيمين على أراضيها بأنه غير مرحب بهم، كما منحتهم 30 يومًا لتسوية أوضاعهم”.

قيادات إخوان اليمن في تركيا
قيادات إخوان اليمن في تركيا

مع أن استهدف تركيا لجماعة الإخوان في مصر وتخليهم عن فروع الجماعة في تونس وليبيا، دفع قادة إخوان اليمن وأبرزهم حميد الأحمر، لاتخاذ تدابير وقائية بالفعل كنقل  أموالهم الطائلة التي أنفقوها كاستثمارات هناك وتتجاوز  قيمتها الـ40 مليار دولار وفق إحصائية عالمية، وتسجيل  حسابات باسم شخصيات غير محسوبة على الجماعة، إلا أن القرار الأخير قد يوجه ضربة قوية لتيار الإخوان في اليمن خصوصًا الأحمر الذي نافس مؤخرًا على رئاسة الجالية اليمنية هناك وكان طموحه أن يؤمن استثماراته وقيادات الحزب.

وسيطرت حالة  من الذعر على إخوان اليمن جراء ما نُشر مؤخرًا من تسريبات تخص نوايا النظام التركي في إغلاق جميع الفضائيات الإخوانية اليمنية التي تبث من إسطنبول بالتزامن مع التضييق التركي حول رموز الإعلام الإخواني التابعين لجماعة الإخوان بمصر والهاربين إلى إسطنبول.

ويرى مراقبون أن  تركيا تهدف من وراء هذه السياسات إلى تسوية الكثير من الملفات المتشابكة مع الدول العربية في ظل الضغوط الكبيرة المفروضة عليها داخليا بسبب ارتفاع سعر صرف الليرة وزيادة مستويات التضخم وانتشار البطالة وتراجع شعبية الحزب الحاكم، وخارجيا بسبب الضغوط الأوروبية على تركيا بسبب سياساتها التصعيدية في منطقة شرق المتوسط.

إخوان مصر 

في مارس الماضي  أصدرت السلطات التركية توجيهات بإيقاف البرامج السياسية بفضائيات إخوان مصر والتي تبث من إسطنبول وهي “وطن” و”الشرق” و”مكملين”، أو تحويلها لفضائيات خاصة للمنوعات والدراما.

وأبرمت  تركيا اتفاقيات مع قادة الجماعة للالتزام بالتعليمات، مهددة بعقوبات قد تصل لإغلاق البث نهائيًا وترحيل المخالفين خارج البلاد.

وجاءت هذه التطورات بعد أسبوع من تأكيد مصر رداً على مطالب مسؤولين أتراك بالتقارب، بأن الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضى الأمن القومي العربي. 

وعلق حينها وزير الإعلام المصري على هذه الخطوة بأنها “بادرة طيبة” من الجانب التركي، مؤكدًا أنها تخلق مناخًا ملائمًا لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدار السنوات الماضية.

وأوضح “أن صدور قنوات من دولة تعادي دولة أخرى ليس مقبولا فى العلاقات الدولية، ومن المهم جدًا لكل دولة أن تبحث عن مصالحها ومصالح شعبها، مؤكدًا على أن الخلافات السياسية بين تركيا ومصر لا تصب في مصالح الشعبين.

 

إجراءات جديدة ضد إخوان مصر 

وفي إبريل علقت القاهرة مرة أخري محادثات تطبيع العلاقات مع أنقرة، وطالبت باتخاذ إجراءات دائمة ضد تنظيم الإخوان في تركيا.

وقال محللون سياسيون وقتها أن تركيا تريد تنفيذ المطالب بشكل تدريجي، بينما مصر تتمسك بتنفيذها على مرحلتين، موضحين أن الخلاف بين القاهرة وأنقرة تقع حول سرعة تنفيذ الإجراءات ضد تنظيم الإخوان.

لتعود تركيا وتتعهد بتنفيذ مزيد من الإجراءات ضد قنوات الإخوان قبل نهاية رمضان، إلا أن مصر أبلغت تركيا بضرورة الإسراع بإجراءات ضد قنوات الإخوان.

ففي 9 إبريل 2021 أرسلت تركيا  برقية لمصر تخبرها أنها جمدت إعطاء الجنسية لعدد من عناصر الإخوان، ولكن مصر طالبت بمزيد من الإجراءات ليس فقط تجميد الحصول على الجنسية.

وطالبت مصر بوقف أي اجتماعات سياسية لقادة الإخوان في تركيا والأمن التركي أكد على الطلب المصري بأن الاجتماعات توقفت، كما أن قادة من الإخوان بالفعل قاموا بنقل أسرهم خارج تركيا منذ عدة أسابيع، وآخرين مازالوا في تفاوض مع الحكومة التركية حول موقفهم خلال المرحلة المقبلة.

وأعلنت تركيا وقف الأنشطة الخيرية لعناصر من الإخوان في تركيا لحين مراجعة مصادر أموالها لتلبي التوصيات المصرية.

وفي سبتمبر الماضي أصدرت تركيا قرارًا بمنع المتورطين في قتل النائب العام المصري هشام بركات من مغادرة البلاد، وفرضت قيودا جديدة على اثنين من المطلوبين الدوليين وهما يحيى موسى، المسؤول عن تخطيط عملية اغتيال النائب العام وغيرها من العمليات الإرهابية، وعلاء السماحي، القيادي في حركة حسم الإرهابية.

وأغلق تنظيم “الإخوان المسلمين” عدداً من مراكزه في تركيا، بناء على أمر مباشر بالإغلاق من السلطات التركية، وتم إخلاء مقاره في مدينة إسطنبول. 

لتسود حالة من القلق والترقب بين قيادات إخوان مصر في تركيا وسط معلومات عن ترتيبات لتسليم 15 قياديًا إخوانيًا من المدانين في جرائم إرهابية.

بعد أن كانت تركيا حاضنة لهم على مر السنوات، قبل أن يدفع التقارب بين مصر وتركيا إلى تغيير بوصلة التعامل مع التنظيم الإرهابي حد وضع عدد من قياداته قيد الإقامة الجبرية.

دوافع تقارب تركيا من مصر 

توجد مجموعة من العوامل التي دفعت تركيا للسعي نحو التقارب من مصر، أهمها  العزلة الدولية التي تعاني منها تركيا في ظل توتر علاقتها مع الكثير من القوى الإقليمية والدولية.

فيما يرى خبراء أن تركيا تريد التقرب من مصر للضغط بقوة على جارتها اليونان للجلوس إلى طاولة التفاوض وتقديم تنازلات حقيقية، وحسم الملفات الخلافية في المتوسط وبحر إيجة، هذا بالإضافة إلى  تدهور الأوضاع الاقتصادية والانهيار الذي لحق باللير التركية في السنوات الأخيرة.

تُجري الحكومة التركية تحركات واسعة للتصالح مع مصر بعد نحو ثماني سنوات من العلاقات المتدهورة في أعقاب سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) 2013، وإيواء أنقرة لعدد من عناصر الجماعة المصنفة إرهابية في مصر.

ويعتقد الخبراء أن التقارب المصري التركي، لن يعود بالضرر بأي شكل من الأشكال على البلدين، بقدر ما سيفتح نوافذ فرص للحديث عن تحالفات جديدة وفرص استثمار وقوة مؤثرة لا يمكن تجاوزها أو إغفالها في منطقة شديدة التعقيد والحساسية والأهمية بكل المقاييس.