مع نهاية عام 2025، يقف العالم على مفترق طرق، حيث تتخلله صراعات مستمرة وأحداث سياسية كبرى، بينما يحاول الناس في أنحاء مختلفة من المعمورة الاحتفاء بالسنة الجديدة رغم آثار الأزمات التي تركها العام المنصرم.
هذا العام، الذي شهده العالم بأسره، تميز بالصراعات المسلحة والحروب، والقرارات السياسية المفاجئة، بالإضافة إلى الكوارث الإنسانية التي أدمت القلوب، فتراوح بين لحظات الفرح في الاحتفالات والرصاص الذي لم يتوقف في مناطق الصراع.
في سيدني، المدينة التي تُعرف بأنها عاصمة الاحتفالات برأس السنة في العالم، طغى الحزن على فرحة استقبال 2026 بعد الهجوم الذي وقع منتصف ديسمبر/كانون الأول على شاطئ بونداي، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقد توقفت الاحتفالات دقيقة صمت عند الساعة 23:00 بالتوقيت المحلي، بينما أضيء جسر ميناء سيدني باللون الأبيض كرمز للسلام، وسط إجراءات أمنية مشددة تحسباً لأي تهديدات إضافية.
رغم هذه التداعيات، احتشد مئات الآلاف على الشاطئ لمشاهدة عرض ضخم للألعاب النارية عند منتصف الليل، حيث استخدمت 9 أطنان من المفرقعات، تعبيراً عن التفاؤل بالعام الجديد.
وقالت السائحة البريطانية سوزانا سويسويكلي: "لطالما رغبت في مشاهدة هذا العرض، ويسعدني أن أكون هنا اليوم".
وفي أماكن أخرى من العالم، شهدت مناطق المحيط الهادئ مثل نيوزيلندا وكيريباتي الاحتفالات الأولى بالسنة الجديدة، بينما تستعد البرازيل لاستقبال أكثر من مليوني شخص في ما أسمته السلطات أكبر سهرة رأس سنة على شاطئ كوباكابانا.
في المقابل، ألغت هونغ كونغ عرض الألعاب النارية حداداً على أرواح 161 شخصاً قضوا في حريق بمجمع سكني في نوفمبر/تشرين الثاني.
على الصعيد السياسي، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، ووقع حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول 221 أمراً تنفيذياً، وهو رقم تجاوز ما صدر خلال ولايته الأولى بأكمله.
شملت هذه القرارات مجالات متعددة، من التعرفات الجمركية وتعزيز الذكاء الاصطناعي، إلى معالجة ما يسمى بـ"ثقافة اليقظة" ضد التمييز، والأساليب المعمارية للمباني الفيدرالية، بالإضافة إلى سياسات الترحيل وخفض المساعدات الإنسانية.
وفي تسجيل عبر شبكته الاجتماعية "تروث سوشال"، كتب ترامب: "يا له من أمر حسن أن تكون حدودنا قوية ولا يكون عندنا تضخم ويكون جيشنا ذا سطوة! كل عام وأنتم بخير!"، مؤكداً استمرار رؤيته الصارمة في إدارة الملف الداخلي والخارجي للولايات المتحدة.
ظل قطاع غزة أحد أبرز بؤر الأزمة الإنسانية في العالم خلال 2025، بعد حرب مدمرة اندلعت إثر هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص أغلبهم من المدنيين.

وعقب عامين من القتال، أفضت الضغوط الدولية، وخصوصاً الأمريكية، إلى اتفاق وقف إطلاق نار هش، لكن الطرفين يواصلان تبادل الاتهامات بانتهاكات الهدنة، ما يثير مخاوف من تجدد النزاع.
شيرين الكيالي من مدينة غزة قالت: "نودع العام بالكثير من الأسى والحزن. فقدنا عدداً كبيراً من الأقارب ومقتنياتنا، وعشنا ظروفاً صعبة ونازحين من مدينة إلى أخرى تحت القصف والرعب".
ويشير الخبراء إلى أن المرحلة المقبلة في غزة ستشهد جهوداً لإعادة الإعمار ونزع سلاح الفصائل المسلحة، في ظل ظروف إنسانية ما زالت صعبة للغاية.
في أوروبا الشرقية، لم تهدأ الحرب في أوكرانيا، التي بدأت في فبراير/شباط 2022، والتي تعد الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية في القارة.

شهد العام الحالي جولات مكثفة من المحادثات الدبلوماسية، بهدف التوصل إلى حلول لإنهاء الصراع، لكنها اصطدمت بمشكلات كبيرة تتعلق بالسيطرة على الأراضي شرق البلاد.
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه بمناسبة العام الجديد أن بلاده ماضية في تحقيق "النصر" في أوكرانيا، داعياً الروس إلى دعم قواتهم في ساحة القتال. وفي السياق ذاته، أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى استعداده لتعزيز التبادل والتعاون الوثيق مع روسيا، في محاولة لدفع العلاقات الثنائية نحو "تقدّم مستمر".
شهد 2025 عاماً معقداً، جمع بين لحظات الأمل في الاحتفالات العالمية والفرح البسيط لدى الناس، وبين الصراعات المدمرة في غزة وأوكرانيا، والقرارات الأمريكية غير المسبوقة التي أثرت في السياسة الدولية.
ورغم كل هذه الأحداث، يظل الاحتفال بقدوم السنة الجديدة رمزاً للأمل واستمرار الحياة، وتأكيداً على قدرة البشرية على الصمود أمام الصعاب.
وفي الوقت الذي يتهيأ فيه العالم لاستقبال 2026، تتزايد التحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية، ويظل السؤال مطروحاً حول مدى قدرة المجتمع الدولي على معالجة الأزمات المستمرة، والتوصل إلى حلول سلمية ومستدامة، تتيح لكل الشعوب الفرصة للعيش بأمان وكرامة.