المغرب العربي

خفض جديد للفائدة في تونس لدعم الاستثمار وكبح التضخم

الأربعاء 31 ديسمبر 2025 - 03:46 م
هايدي سيد
الأمصار

جدد البنك المركزي التونسي تأكيده على تبني سياسة نقدية أكثر مرونة، بعد إقراره خفض نسبة الفائدة الرئيسية للمرة الثانية خلال عام 2025، في خطوة تعكس توجه السلطات النقدية في الجمهورية التونسية نحو دعم الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي، بالتوازي مع مواصلة الجهود الرامية إلى كبح معدلات التضخم.


ويأتي هذا القرار، الذي صدر عن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي خلال اجتماعه الأخير للسنة الجارية، بعد مرور نحو تسعة أشهر على آخر تعديل في أسعار الفائدة، وفي سياق اقتصادي يتسم بتحسن عدد من المؤشرات الكلية، وفي مقدمتها تراجع التضخم إلى أدنى مستوياته منذ سنوات.


وبموجب القرار الجديد، تم تخفيض نسبة الفائدة الرئيسية من 7.5% إلى 7%، على أن يدخل هذا الإجراء حيّز التنفيذ رسميًا بداية من 7 يناير 2026. كما قرر البنك المركزي التونسي تعديل نسبتي تسهيلات القرض والإيداع لمدة 24 ساعة، لتبلغا على التوالي 8% و6%، وذلك في إطار الحرص على ضمان انسجام منظومة نسب الفائدة، وتسهيل انتقال توجهات السياسة النقدية إلى مختلف مكونات السوق المالية والمصرفية.


وأفادت وكالة تونس إفريقيا للأنباء أن هذا القرار يندرج ضمن استراتيجية أشمل تهدف إلى دعم الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز قدرة الاقتصاد التونسي على استعادة نسق نمو مستدام، في ظل تراجع معدل التضخم إلى نحو 4.9% مع نهاية عام 2025، وهو مستوى يُعد الأدنى منذ عدة سنوات.


ومن المنتظر أن يساهم خفض أسعار الفائدة في تقليص تكلفة الاقتراض بالنسبة للمؤسسات والأفراد، ما من شأنه تشجيع بعث المشاريع الجديدة، وتوسعة المشاريع القائمة، إلى جانب تحسين نفاذ مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية إلى التمويل البنكي. كما يُتوقع أن ينعكس القرار على عوائد الودائع الادخارية وبقية التوظيفات المالية، بما قد يدفع جزءًا من المدخرات نحو قنوات استثمارية أكثر إنتاجية.


وتُعد قطاعات الصناعة والبناء والتشييد والبعث العقاري والخدمات من أبرز المستفيدين من هذا التوجه النقدي الجديد في تونس، نظرًا لاعتمادها الكبير على التمويل البنكي. 

 

وعلى مستوى الأفراد والأسر، سيكون الأثر المباشر أوضح على القروض الاستهلاكية وقروض تحسين السكن، بينما يظل التأثير أقل نسبيًا على قروض اقتناء المساكن.
ويستند قرار البنك المركزي التونسي إلى جملة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، من بينها المسار التنازلي لمؤشر أسعار الاستهلاك، واستقرار سعر صرف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية المرجعية، إلى جانب تماسك الموجودات الصافية من العملة الأجنبية وتموقعها ضمن مستويات توصف بالآمنة.
كما عززت تقارير محلية ودولية، إضافة إلى توقعات الميزان الاقتصادي التونسي لسنة 2026، الرهانات على تراجع الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة، ما يفتح المجال أمام مواصلة تعديل السياسة النقدية تدريجيًا بما يتلاءم مع المعطيات الاقتصادية الراهنة.
وفي هذا السياق، يتوقع تقرير الميزان الاقتصادي لسنة 2026 أن يواصل البنك المركزي التونسي خلال العام المقبل اعتماد سياسة نقدية متوازنة، تجمع بين التحكم في التضخم وتوفير الدعم المالي اللازم للاقتصاد، في وقت تستهدف فيه الحكومة التونسية استعادة ديناميكية النمو، والحفاظ على سلامة التوازنات المالية، ودعم أداء القطاع المالي.
وأكدت الحكومة التونسية في تقاريرها الرسمية أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات القطاعية، بما يضمن حسن توظيف الموارد المتاحة، ويرسخ مسار نمو اقتصادي إدماجي يحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمجالية في البلاد.