المغرب العربي

تونس.. عامان سجنًا لـ«عبير موسي» بقرار نهائي من محكمة الاستئناف

الأربعاء 31 ديسمبر 2025 - 05:48 ص
مصطفى عبد الكريم
عبير موسي
عبير موسي

في فصل جديد من المواجهة بين السُلطة والمعارضة، أُسدل «القضاء التونسي»، الستار على واحدة من أكثر القضايا جدلًا، بعدما أيدت «محكمة الاستئناف» حكمًا بسجن النائبة والمعارضة «عبير موسي» لمُدة (عامين).

حكم قضائي نهائي

وفي التفاصيل، أيدت «محكمة الاستئناف التونسية»، يوم الثلاثاء، حكمًا إبتدائيًا بسجن النائبة والمعارضة «عبير موسي»، رئيسة الحزب الحر الدستوري، لمُدة عامين.​

وأقرّت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف في تونس العاصمة الحكم الصادر سابقًا من المحكمة الابتدائية في 5 أغسطس 2024، على خلفية شكوى من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تتهم «عبير موسي» بالتشهير وترويج أخبار كاذبة عبر تصريح إعلامي أدلت به أوائل 2023 حول أداء الهيئة.

لم تحضر «موسي» الجلسة بسبب تدهور حالتها الصحية في سجن بلاريجيا بجندوبة، حيث تتواجد منذ أكتوبر 2023 بعد اعتقالها أمام القصر الرئاسي أثناء محاولة تقديم طعن ضد قرارات الرئيس «قيس سعيد».​

أحكام تُلاحق عبير موسي

يأتي هذا الحكم ضمن سلسلة قضايا تُطارد «عبير موسي»، بما في ذلك حكم سابق بـ(12 عامًا) في قضية «مكب البطيخة المهيبة» المُتعلقة باتهامات بـ«مؤامرة تغيير نظام الدولة»، مما يعكس تصعيدا ضد المعارضة في تونس. وكان الحزب «الحر الدستوري» اعتبر أن هذه الأحكام «محاولة لإسكات النقاد»، بينما تستمر «موسي» بحملاتها ضد سياسات الرئيس «سعيد» من داخل السجن.​

تونس.. وفاة مأساوية لممرضة تُثير موجة غضب واسعة

وفي سياق مُنفصل، بين أروقة المستشفى وهدوء الليل، وقعت مأساة صادمة أعادت إلى الواجهة أسئلة مُؤلمة حول ظروف العمل والسلامة، بعد «وفاة ممرضة تونسية» أشعلت غضب الشارع.

فاجعة تهزّ تونس

وفي التفاصيل، أثارت وفاة الممرضة التونسية، «أزهار بن حميدة»، التي فارقت الحياة متأثرة بالحروق التي تعرّضت لها أثناء مناوبتها الليلية بالمستشفى المحلي في «الرديف»، موجة غضب واسعة في تونس.

وأدت الحادثة إلى سلسلة من ردود الفعل من نقابات القطاع الصحي، والمنظمات الحقوقية، والناشطين المدنيين، الذين وصفوا الوفاة بأنها «نتيجة مباشرة للإهمال في المنظومة الصحية العمومية»، ودعوا إلى فتح تحقيق لمحاسبة المسؤولين.

اتهامات بإهمال جسيم

وصفت التنسيقية الوطنية التونسية لإطارات وأعوان الصحة وفاة أزهار بن حميدة بأنها ليست حادثًا عرضيًا، بل «جريمة إدارية ومهنية مُكتملة الأركان» ناجمة عن الإهمال الجسيم وسوء التصرف والاستخفاف الصارخ بحياة أعوان الصحة.

وأكّدت أن الحادثة تعكس غياب بيئة عمل آمنة داخل المستشفى، وافتقار الفضاءات إلى أدنى شروط الوقاية والسلامة المهنية، بما في ذلك أجهزة الإنذار المبكر وكواشف الحروق والصيانة الدورية للتجهيزات والمنظومات الحيوية.

وأوضحت التنسيقية، أن كل من قصر أو تغاضى أو تذرع بالتقشف على حساب السلامة البشرية يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والإدارية كاملة، مُؤكّدة رفضها القاطع لأي محاولة لتبرير الفاجعة أو التقليل من خطورتها، مُضيفة أن استمرار هذا الوضع يُمثّل تواطؤًا صامتًا مع الموت داخل المؤسسات الصحية، وأن كرامة وسلامة أعوان الصحة خط أحمر، وأي تهاون في ذلك هو اعتداء مباشر على الحق في الحياة.

مأساة القطاع الصحي

من جانبها، أعربت الجامعة العامة للصحة عن بالغ الأسى والألم لوفاة «أزهار بن حميدة»، مُشيرة إلى أنها ضحية جديدة من ضحايا الاستبداد بالرأي وعدم الاهتمام بالظروف الاجتماعية للعاملين.

كما أكّدت الجامعة أن توزيع العمل داخل المؤسسات الصحية يفتقر إلى العدالة، وأن غياب الحوار الاجتماعي وافتقار المستشفيات للوسائل الضرورية لحماية الأعوان وأدوات العمل اللائق يجعل المهام اليومية خطيرة على حياة الموظفين.

ودعت الجامعة وزارة الصحة إلى مراجعة تعاملها مع بعض المسيرين الذين يُركّزون على توتير المناخ الداخلي بدل العمل على تحسين جودة الخدمات الصحية. كما طالبت بفتح تحقيق شامل في الأسباب التي أدت إلى تعرّض أزهار للحروق، لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي.

تحميل الدولة المسؤولية

من جانبه، أدان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفاة أزهار بن حميدة واعتبرها «جريمة إهمال دولة وضحية جديدة لمنظومة صحية مُنهارة».

وذكر المنتدى أن هذه الفاجعة تكشف سوء إدارة المرفق الصحي العمومي وفشل السياسات الرسمية، مع تكرار التحذيرات والاحتجاجات من الأهالي والنقابات في المنطقة دون أن تُتخذ إجراءات فعلية، مُطالبًا بتحقيق مستقل وشامل مع رفض أي سياسة أكباش فداء أو التستر على المسؤولين الحقيقيين.

وأكّد المنتدى أن تكرار هذه المآسي نتيجة مباشرة لانهيار الخدمات العمومية واستمرار سياسات الإهمال، وأن الوضع الراهن يعكس عجز السلطة القائمة عن تقديم أي بدائل حقيقية أو رؤية لإنقاذ المرافق الصحية العمومية وضمان الحق الأساسي في الصحة.

احتجاجات غاضبة بالرديف

ويوم الخميس، شهدت مدينة الرديف من ولاية قفصة مسيرة احتجاجية شارك فيها عدد من الأهالي، واتجهت نحو المستشفى المحلي على خلفية وفاة الممرضة «أزهار بن حميدة». وردد المشاركون في المسيرة شعارات من بينها «يا مواطن شوف شوف الجريمة بالمكشوف»، و«يا مسؤول عار عار، أحنا نحبوا حق أزهار»، كما رفعوا لافتات كتب عليها «الكرامة لا تحترق»، «الإهمال يقتل»، و«حق أزهار لن يطمس»، وفق ما ورد في مقطع فيديو على صفحة منتدى الحقوق بالرديف. وأعلن مشاركون في المسيرة عن مواصلة التحركات الاحتجاجية مع التلويح بالدخول في اعتصام داخل المستشفى إلى حين فتح تحقيق جدّي ومحاسبة المسؤولين.

تونس.. تفاصيل الإفراج عن المحامية والإعلامية «سنية الدهماني» بعد جدل واسع

على صعيد آخر، لم تكن قضية المحامية والإعلامية البارزة «سنية الدهماني» مُجرّد ملف قانوني عابر؛ بل تحوّلت إلى قضية رأي عام أشعلت نقاشًا مُحتدمًا حول حرية التعبير في «تونس»، قبل أن تحمل الساعات الأخيرة خبر «الإفراج عنها»، لتفتح بابًا جديدًا من الأسئلة حول ما سيأتي لاحقًا.