يستقبل العالم عام 2026 وسط مشهد دولي شديد الاضطراب، مع تصاعد مؤشرات عدم الاستقرار في مناطق عدة، نتيجة تداخل أزمات قديمة مع متغيرات سياسية وأمنية جديدة.
وتشير تقديرات مراكز أبحاث دولية معنية برصد النزاعات المسلحة إلى أن العام المقبل قد يشهد موجات عنف وتصعيد في بؤر ساخنة تمتد من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، في ظل حكومات منهكة، وجماعات مسلحة متشظية، وانتخابات متنازع عليها، وتحالفات إقليمية متغيرة.
ووفق بيانات مشروع رصد مواقع وأحداث النزاعات المسلحة، التي استندت إليها تقارير صحفية أمريكية، تم تحديد 9 مناطق مرشحة لتصعيد خطير خلال 2026.

تشهد أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي حالة تصاعد في التوترات الأمنية، مع بقاء فنزويلا بؤرة قلق رئيسية، في ظل تهديدات أمريكية بالتدخل وتداعيات محتملة على دول الجوار.
وهذا المناخ يدفع العديد من الحكومات إلى توسيع دور الجيوش في حفظ الأمن، وفرض إجراءات استثنائية قبل الانتخابات، ما قد يؤدي إلى زيادة العنف بدل احتوائه، خاصة مع تصاعد نفوذ عصابات الجريمة المنظمة.
تبرز الإكوادور كنقطة ساخنة مرشحة للتدهور، مع توقع مقاومة عنيفة من العصابات المنظمة لمحاولات إصلاح السجون.
كما يُرجح أن تشهد البلاد هجمات ذات طابع سياسي قبل الانتخابات المحلية المقبلة، بالتوازي مع تصاعد الجريمة العابرة للحدود، والاتجار بالبشر، وضغوط الهجرة غير الشرعية.
تدخل أوكرانيا 2026 في مواجهة معقدة، مع تكثيف الهجمات الروسية في الشرق، وتوسيع الضربات بعيدة المدى ضد البنية التحتية الحيوية.
وفي المقابل، تواجه كييف ضغوطًا عسكرية متزايدة، وسط تغير في المزاج السياسي الأمريكي، ما يضع مستقبل الدعم الغربي موضع تساؤل، ويجعل مسار الحرب مؤثرًا مباشرًا على أمن أوروبا والنظام الدولي.
في آسيا، تعكس ميانمار نموذجًا لصراع ممتد، حيث تسعى السلطة العسكرية إلى فرض مسار سياسي شكلي عبر انتخابات مدعومة صينيًا.
ورغم محاولات إضفاء شرعية دولية، فإن ضعف الشعبية، واعتقال معارضين، ومنع التصويت في مناطق واسعة، ينذر باستمرار العنف وعدم الاستقرار خلال العام المقبل.
تواجه باكستان وضعًا أمنيًا هشًا، نتيجة نشاط الجماعات المسلحة، وضعف التنسيق السياسي الداخلي، واستمرار وجود ملاذات آمنة للمسلحين في المناطق الحدودية.
ومع تصاعد النزعات الانفصالية في بلوشستان، قد يمتد العنف إلى المراكز الحضرية، ما لم يحدث تحول جذري في الاستراتيجية الأمنية والسياسية.
يظل البحر الأحمر أحد أخطر الممرات العالمية، حيث تمثل التهدئة الحالية فرصة مؤقتة لا أكثر.
فامتلاك جماعات مسلحة لقدرات صاروخية ومسيرات، إلى جانب تداخل صراعات إقليمية، يجعل الممر عرضة لتصعيد مفاجئ يهدد التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
تشهد دول الساحل، خاصة مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تصاعدًا في نشاط التنظيمات المتطرفة، مستفيدة من ضعف الجيوش وتراجع الدعم الدولي.
ويثير هذا الوضع مخاوف من امتداد الفوضى إلى دول غرب أفريقيا الساحلية، مع احتمالات تفكك سياسي واضطرابات واسعة النطاق.
يواصل النزاع في السودان حصد أرواح المدنيين، مع توسع العمليات العسكرية وتطور القدرات القتالية للأطراف المتحاربة.
ورغم الجهود الدولية، لا تزال فرص التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار محدودة، ما يجعل الأزمة مرشحة لمزيد من التصعيد خلال 2026.
يدخل الشرق الأوسط العام الجديد وسط شبكة معقدة من الصراعات المتداخلة.
فإسرائيل تدير جبهات متعددة، بينما تبقى غزة في وضع إنساني بالغ الخطورة، مع استمرار العمليات العسكرية وضعف الرقابة الدولية.
كما تضيف التحركات الإيرانية لإعادة بناء قدراتها العسكرية والنووية عنصرًا جديدًا من عدم اليقين، يزيد من احتمالات التصعيد الإقليمي.
تكشف خريطة بؤر الصراع في 2026 عن عالم يقف على صفيح ساخن، حيث لم تُحل الأزمات بقدر ما جرى احتواؤها مؤقتًا.
وفي ظل غياب تسويات سياسية شاملة، تبقى احتمالات الانفجار قائمة، ما يجعل العام المقبل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على منع انزلاق العالم إلى موجة جديدة من الفوضى والصراعات المفتوحة.