وسط تصاعد التوترات في أوكرانيا، تضع «روسيا»، ثلاثة شروط رئيسية تعتبرها «ضرورية لتحقيق أي تسوية للنزاع»، في خطوة تُشير إلى صعوبة التوصل إلى حل سياسي مُستدام دون الالتزام بمطالب موسكو.
وفي التفاصيل، كشف وزير الخارجية الروسي، «سيرغي لافروف»، عن (3) شروط رئيسية تراها موسكو ضرورية لتحقيق أي تسوية للنزاع، مُؤكّدًا أن هذه المطالب «تُمثّل أساسًا لا غنى عنه لأي تسوية سياسية مُستدامة».
وأوضح «لافروف»، أن هذه الشروط تتمحور حول (3) بنود رئيسية:
أولًا، الاعتراف بالحقائق الإقليمية الجديدة، إذ يجب على كييف و«رعاتها الغربيين» الاعتراف رسميًّا بالوضع الحالي الناتج عن «إعادة توحيد» شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول وجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية ومقاطعتَي زابوروجيه وخيرسون مع الاتحاد الروسي.
ثانيًا، وضع ضمانات أمنية ملزمة قانونيًّا، تهدف إلى معالجة «الأسباب الجذرية» للصراع، بما يمنع تكراره مستقبلاً.
ثالثًا، ضمان حياد أوكرانيا، بحيث تكون دولة غير منضوية في أي تحالف عسكري، خالية من الأسلحة النووية، ومُجرّدة من السلاح الهجومي، ومُطهّرة من «النازية»، مع وقف كامل لاستغلال أراضيها لأغراض عسكرية من قِبل دول حلف الناتو.
أشار الوزير لافروف إلى أن المقترحات الأمنية التي قدّمتها روسيا في ديسمبر 2021 لا تزال تمثّل «نقطة انطلاق مناسبة للنقاش» بشأن هذه القضايا، مُشددًا على أن «المبادرة الاستراتيجية بيد الجيش الروسي بالكامل، والغرب يُدرك ذلك»، مُكرّرًا موقف موسكو الثابت بأن أهداف «العملية العسكرية الخاصة» سيتم تحقيقها — «يُفضل من خلال الدبلوماسية، ولكن إذا لزم الأمر، بالوسائل العسكرية»، كما أكد الرئيس «بوتين» مُؤخرًا.
دعا لافروف، إلى إجراء انتخابات في أوكرانيا، مُشيرًا إلى أن «ولاية فلاديمير زيلينسكي الرئاسية انتهت في مايو 2024»، وأن الشعب الأوكراني «يجب أن يُمنح فرصة لتحديد مصيره»، بما في ذلك «العدد الهائل من ممثليه الذين يعيشون في روسيا». وحذّر من استخدام أي عملية انتخابية «كذريعة لوقف مؤقت للأعمال القتالية بهدف إعادة تسليح القوات الأوكرانية».
على صعيد العلاقات الروسية الأمريكية، لفت الوزير لافروف إلى أن الاتصالات بين موسكو وواشنطن «أصبحت منتظمة منذ فبراير الماضي»، مُوضحًا أن ذلك يعود إلى «اتّفاق» بين الرئيسَين الروسي والأمريكي، خلال مكالمتهما الهاتفية في 12 فبراير — وهي الأولى بعد «عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض» — على ضرورة التغلب سريعًا على «الإرث السام» لإدارة بايدن من أجل تطبيع العلاقات الثنائية.
وأكّد وزير الخارجية الروسي، أن العمل في هذا الاتجاه «بدأ فورًا»، وأن المفاوضين من وزارتي الخارجية يُركّزون حاليًّا على «استعادة العمل الكامل للبعثات الدبلوماسية» في البلدين. ورغم التقدّم المحرز عبر «عدة جولات من المشاورات»، لا تزال العملية «ليست سهلة»، حسب تعبيره، بسبب كثرة «المثيرات».
وأفاد لافروف، بأن موسكو تسعى الآن إلى «الانتقال إلى قضايا أكثر أهمية»، مثل استئناف الرحلات الجوية المباشرة، وإعادة الممتلكات الدبلوماسية المصادرة، مُضيفًا أن واشنطن «تربط النظر في هذه الملفات بقضايا سياسية بعيدة المنال»، لكنه أكّد أن «العمل سيستمر». كما أعرب عن أمله في أن «تلتزم الولايات المتحدة بالتفاهمات التي تم التوصل إليها في أنكوريج»، مُشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «يبذل جهودًا صادقة وجادة يوميًّا» للبحث عن تسوية، و«يُحاول ألا يخضع للضغط الذي يُمارسه نظام كييف والأوروبيون».
فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، قال لافروف، إن روسيا «تعمل على الرد على قراره الأخير بشأن التأشيرات، باعتباره خطوة غير ودية»، مُؤكّدًا أن القرارات المناسبة «ستُعلن في الوقت المناسب، وفقًا للمصالح الوطنية».
وفي مجال الاستقرار الاستراتيجي، أوضح الوزير الروسي، أن موسكو «تُراقب بعناية خطوات الجانب الأمريكي» وتُقيّم الوضع «من خلال الصورة الشاملة لما يحدث في المجال الاستراتيجي»، مُؤكّدًا أن روسيا «مُستعدة لأي تطور للأحداث».
في الختام، تحدّث سيرغي لافروف، عن مبادرة الرئيس بوتين بشأن «الأسلحة الاستراتيجية»، داعيًا إلى عدم «الاستعجال»، ومُشيرًا إلى أنه «من المنطقي إعطاء واشنطن فرصة لإكمال النظر الشامل في اقتراح موسكو بالحفاظ على حدود الكمية بموجب معاهدة ستارت الجديدة عبر قيود طوعية ذاتية، قبل انتهاء مدّتها».
بين لغة التحذير واستعراض القوة، رفعت «روسيا» سقف تهديداتها، مُؤكّدة أن الرد على هجمات «أوكرانيا» سيتجاوز الأطر السياسية التقليدية.
وفي هذا الصدد، صرّحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، «ماريا زاخاروفا»، على قناة «سولوفييف لايف» التلفزيونية، أن رد روسيا على هجمات كييف الإرهابية «لن يكون دبلوماسيًا أبدًا، فلا يأملون بذلك».
وقالت المتحدثة الروسية: «لن يكون الرد دبلوماسيًا. دعهم لا يأملون بذلك»، لافتة الانتباه إلى أن «روسيا كانت تسير مع المجتمع الدولي بأكمله بدبلوماسية منذ سبع سنوات».
وأضافت زاخاروفا: «أشهد شخصيًا كيف أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمضى ساعات خلال جميع المفاوضات يتحدث عن أصول الأزمة في أوكرانيا، داعيًا الجميع إلى استخدام قدراتهم الدبلوماسية والسياسية وغيرها، بما في ذلك القدرات الإنسانية، لحل ذلك الوضع ومنعه من الانزلاق إلى هذه الكارثة بالذات».
تابعت ماريا زاخاروفا بالقول: «والآن نرى، من جهة، إنشاء خلية إرهابية دولية حقيقية في شارع بانكوفا (مقر الرئاسة الأوكرانية في كييف). ومن جهة أخرى، نرى تمويلًا سخيًا من الغرب لا ينضب، ليس برزم مئات الملايين من الدولارات، بل بعشرات المليارات منها، والتي يُقرضونها بالفعل لسنوات عديدة قادمة، وفوق كل هذا، يُسخرون جهودهم في عسكرة بلادهم».
وسط حرب استنزفت الجميع وأثقلت كاهل القارة الأوروبية، يخرج الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بتصريحات لافتة تُوحي بأن «مسار التسوية في أوكرانيا بات أقرب من أي وقت مضى».