في خطوة تُعدّ تطوراً لافتاً في مجال الدفاع الجوي، تسلّم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي» (Iron Beam)، تمهيداً لدمجها ضمن منظومته الدفاعية متعددة الطبقات. ويأتي هذا التطور في سياق سعي إسرائيل إلى تعزيز قدراتها على مواجهة التهديدات الجوية قصيرة المدى، ولا سيما الصواريخ غير الموجهة وقذائف الهاون والطائرات المسيّرة.

منظومة «الشعاع الحديدي» (Iron Beam) هي نظام دفاع جوي يعتمد على تقنية الليزر عالي الطاقة لاعتراض التهديدات الجوية قصيرة المدى، مثل الصواريخ غير الموجهة وقذائف الهاون والطائرات المسيّرة. طُوّرت المنظومة في إسرائيل بوصفها جزءاً من الجيل الجديد لأسلحة الطاقة الموجّهة، وتهدف إلى توفير وسيلة اعتراض سريعة وفعّالة ومنخفضة التكلفة مقارنة بالأنظمة الدفاعية التقليدية القائمة على الصواريخ.
وتعمل «الشعاع الحديدي» من خلال توجيه شعاع ليزر مركز نحو الهدف الجوي، ما يؤدي إلى تعطيله أو تدميره خلال ثوانٍ قليلة، دون الحاجة إلى إطلاق مقذوفات اعتراضية. ويُنظر إلى هذه المنظومة على أنها مكمّلة لمنظومات الدفاع الجوي متعددة الطبقات مثل «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، حيث تُسهم في تخفيف العبء التشغيلي والمالي عن هذه الأنظمة، خاصة عند مواجهة هجمات كثيفة أو تهديدات منخفضة الكلفة مثل الطائرات المسيرة.

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، أن المنظومة الجديدة جرى تسليمها للجيش بعد سنوات من البحث والتطوير، بالتعاون بين شركتي الصناعات الدفاعية الإسرائيلية «رافائيل» و«إلبيت سيستمز». ويُنظر إلى هذا المشروع على أنه ثمرة استثمار طويل الأمد في تقنيات الطاقة الموجهة، التي تُعد من أكثر مجالات التسليح تطوراً في العالم حالياً.
وصُممت منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع أنظمة الدفاع الجوي القائمة، مثل «القبة الحديدية» لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، و«مقلاع داود» للصواريخ المتوسطة، و«آرو» المخصص لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
ويهدف هذا التكامل إلى إنشاء شبكة دفاعية شاملة قادرة على التعامل مع طيف واسع من التهديدات، مع توزيع الأعباء التشغيلية بين المنظومات المختلفة.

وبحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية، أظهرت الاختبارات الميدانية أن «الشعاع الحديدي» قادر على اعتراض أهداف متعددة، من بينها الصواريخ قصيرة المدى، وقذائف الهاون، والطائرات المسيّرة، باستخدام شعاع ليزر عالي الطاقة يعمل على تدمير الهدف أو تعطيله خلال ثوانٍ.
ويتميّز هذا النوع من الأنظمة بسرعة الاستجابة، إذ ينتقل الليزر إلى الهدف بسرعة الضوء تقريباً، ما يقلل من زمن الاعتراض مقارنة بالأنظمة الصاروخية التقليدية.
وتبرز الميزة الاقتصادية كأحد أهم عوامل الاهتمام بهذه المنظومة. فوفق تقديرات أميركية متداولة في الأوساط الدفاعية، قد تصل كلفة اعتراض الطائرات المسيّرة باستخدام سلاح الليزر إلى نحو 4 دولارات فقط لكل عملية، وهي كلفة رمزية مقارنة بعشرات الآلاف أو حتى مئات الآلاف من الدولارات التي قد تتطلبها الصواريخ الاعتراضية التقليدية. غير أن هذه التقديرات تتعلق بكلفة الطاقة والتشغيل المباشر، ولا تشمل تكاليف التطوير والبنية التحتية والصيانة.
من جانبه، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر منظومة «الشعاع الحديدي» بأنه «لحظة تاريخية» من شأنها إحداث تغيير جذري في طبيعة التهديدات التي تواجهها إسرائيل. وأكد أن المنظومة باتت جاهزة للعمل بشكل كامل، معتبراً أنها تحمل رسالة ردع واضحة إلى الخصوم مفادها أن إسرائيل مستمرة في تطوير وسائل دفاع متقدمة.
بدوره، قال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي، مشيراً إلى أن تقنيات الليزر قد تشكل في المستقبل عنصراً أساسياً في أنظمة الحماية الجوية حول العالم. ومع ذلك، يشير خبراء عسكريون إلى أن فعالية هذه المنظومات قد تتأثر بعوامل بيئية مثل الأحوال الجوية والغبار والرطوبة، ما يعني أنها ستظل مكمّلة للأنظمة الصاروخية التقليدية، لا بديلاً كاملاً عنها في المدى المنظور.
ويعكس إدخال «الشعاع الحديدي» الخدمة توجهاً متزايداً لدى الجيوش الحديثة نحو اعتماد تقنيات الليزر في الدفاع الجوي، لما توفره من سرعة استجابة عالية، ودقة كبيرة، وإمكانية تشغيل مستمرة تقريباً، مع تقليل الاعتماد على الذخائر التقليدية.