شيّعت الدولة الليبية، اليوم الأحد، جنازة رئيس الأركان العامة بالجيش الليبي الراحل الفريق أول محمد الحداد، ورفاقه الذين قضوا معه، في موكب جنائزي مهيب بمدينة مصراتة غرب ليبيا، وسط حضور رسمي وشعبي واسع عكس مكانة الراحل ودوره العسكري والوطني خلال السنوات الماضية.
وشارك في مراسم التشييع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية الليبية، وكبار المسؤولين في مؤسسات الدولة، إضافة إلى شخصيات سياسية واجتماعية، وجموع غفيرة من أهالي مدينة مصراتة ومناطق ليبية أخرى، الذين توافدوا لتوديع أحد أبرز القادة العسكريين في البلاد.
وانطلقت مراسم الجنازة من أحد ميادين مدينة مصراتة، حيث اصطف المواطنون لتحية الجثمان، قبل أن يُوارى الثرى في أجواء خيّم عليها الحزن والتأثر، مع ترديد الدعوات للراحل ورفاقه، الذين وصفهم المشيعون بأنهم “شهداء الواجب الوطني”، لما قدموه من خدمة للمؤسسة العسكرية الليبية.
وأكدت شخصيات رسمية ليبية، خلال التشييع، أن رئيس الأركان الليبي الراحل محمد الحداد كان أحد الرموز العسكرية التي لعبت دورًا مهمًا في محاولات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، ودعم مسار الاستقرار، والحفاظ على تماسك الجيش الليبي في مرحلة اتسمت بتعقيدات أمنية وسياسية كبيرة.
وكانت الجثامين قد نُقلت إلى الأراضي الليبية، أمس السبت، قادمة من الجمهورية التركية، بعد إقامة مراسم تشييع رسمية في قاعدة مرتد الجوية بمنطقة قازان في العاصمة التركية أنقرة، بحضور مسؤولين عسكريين أتراك وليبيين، في إطار التنسيق القائم بين البلدين.
وأوضحت مصادر رسمية أن مراسم التشييع في أنقرة جاءت تكريمًا للراحل ومرافقيه، قبل إعادتهم إلى وطنهم، تنفيذًا لرغبة أسرهم والسلطات الليبية، ليُدفنوا في مسقط رأسهم وبين ذويهم.

وشهدت مدينة مصراتة، التي ينحدر منها رئيس الأركان الراحل، إجراءات أمنية وتنظيمية مشددة لتأمين مراسم الجنازة، مع مشاركة وحدات من الجيش الليبي في تنظيم الموكب، في مشهد عكس الطابع الرسمي والوطني للحدث.
من جهته، قدّم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة واجب العزاء إلى أسرة الراحل وذويه، مؤكدًا أن ليبيا فقدت أحد أبنائها المخلصين، وأن المؤسسة العسكرية ستظل مدينة لكل من خدم الوطن بإخلاص في ظروف صعبة.
وأشار مراقبون إلى أن مشاركة هذا العدد الكبير من القيادات العسكرية والمسؤولين في الجنازة تحمل دلالات سياسية وعسكرية، أبرزها التأكيد على أهمية وحدة الصف داخل المؤسسة العسكرية الليبية، وضرورة مواصلة العمل من أجل الاستقرار وبناء دولة المؤسسات.
وتأتي هذه الجنازة في وقت تشهد فيه ليبيا تحركات داخلية وإقليمية لدعم مسار التهدئة وتعزيز الاستقرار الأمني، وسط دعوات متزايدة لتحييد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية، والحفاظ على دورها الوطني الجامع.
ويُعد الراحل محمد الحداد من أبرز القادة العسكريين في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، حيث شغل منصب رئيس الأركان العامة، وكان له حضور بارز في عدد من الملفات العسكرية والأمنية، إضافة إلى مشاركته في جهود الحوار والتنسيق العسكري على المستويين المحلي والدولي.