دراسات وأبحاث

حصاد روسيا وأوكرانيا في 2025..عام رابع من الحرب وجمود سياسي بلا أفق

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 12:30 م
مريم عاصم
الأمصار

طوال عام 2025 واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية في عامها الرابع، مع تصاعد الخسائر البشرية والمادية على الجانبين، واستمرار الهجمات المتبادلة التي طالت قطاعات الطاقة والاتصالات والنقل. 

وبالرغم من التحرّكات الدبلوماسية النشطة، متأثرة بتغير الإدارة الأمريكية، لا تزال مسارات التفاوض تراوح مكانها في ظل تصلّب المواقف، ووجود دور أوروبي يبحث عن مصالحه، ويرغب ألا تحقق روسيا نصراً استراتيجياً في عالم سريع التغير والتطورات.

طوال العام لم تتزحزح موسكو عن أهدافها المعلنة، وفي مقدمتها الاعتراف بسيطرتها على مناطق أوكرانية ضمّتها، وتشمل دونيتسك ولوغانسك إضافة إلى زابوريجيا وخيرسون، فضلاً عن شبه جزيرة القرم، إلى جانب مطالبتها بضمانات تحول دون توسّع حلف شمال الأطلسي نحو أوكرانيا. 

وحافظت القوات الروسية على نسق الضربات الصاروخية والجوية المكثفة باستخدام الطائرات المسيرة ضد البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا، خاصة في شهري أكتوبر وديسمبر 2025، ما أدى إلى انقطاعات في التيار الكهربائي في مدن مثل أوديسا وكييف. 

وبالمقابل واصلت أوكرانيا حملتها من الهجمات بعيدة المدى باستخدام الطائرات المسيرة لاستهداف منشآت عسكرية وصناعية روسية حساسة، بما في ذلك مصافي النفط والقواعد الجوية ومنشآت كيميائية في مناطق مختلفة مثل فولغوغراد وكراسنودار وبيرم كراي، وأخطرها كان إعلان الاستخبارات الأوكرانية في الأول من يونيو استهداف 41 قاذفة روسية ثقيلة في أربعة مطارات بعد تهريب مسيرات إلى عمق الأراضي الروسية وإخفائها داخل الشاحنات، وقد لف الغموض تلك العملية، ولم تعترف بها موسكو، لكنها أوسعت أوكرانيا بضربات مدمرة.

حرب تقترب من نهايتها؟

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، عبّرت روسيا عن استعدادها لتسوية الأزمة الأوكرانية بطرق سلمية، متّهمة كييف بما سمّته "غياب الجدية والنية الحقيقية". وفي الوقت نفسه، تؤكد موسكو ضرورة استمرار العملية العسكرية الخاصة (حرب أوكرانيا)، حتى تحقيق جميع الأهداف الموضوعة في إطارها.

وفيما ينظر البعض بتفاؤل إلى العام الجديد، ويتنبأ بانتصار روسيا في الحرب واستسلام أوكرانيا، يعرب آخرون عن تشاؤمهم من إطالة أمد الحرب، وعدم الثقة في نوايا الإدارة الأميركية الجديدة، والدول الداعمة لكييف في وقف تقديم الدعم العسكري لها.

الرواية الروسية الرسمية، تؤكد أن زمام المبادرة على الجبهات في يد قواتها بعد سيطرتها على مدى العام الجاري على أكثر من 190 بلدة، إلا أن العمق الروسي خلال الأشهر القليلة الأخيرة، سجل مرحلة جديدة من التصعيد، حيث تعرضت المناطق الحدودية الروسية لضربات بأسلحة بعيدة المدى غربية الصنع من طراز "أتاكمز" و"ستورم شادو" إلى جانب توسع رقعة وحجم الهجمات بالمسيرات الأوكرانية.

وزارة الدفاع الروسية تقول إن قواتها تسيطر على 99.3% من أراضي لوجانسك، وعلى 70% من دونيتسك، وعلى 73.9% من أراضي مقاطعة زابوروجيا، و76% من أراضي مقاطعة خيرسون.

"سلام محتمل" في عهد ترمب

في ظل تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة، تُرجّح موسكو بدء المفاوضات من أجل تسوية النزاع بأوكرانيا العام المقبل، وتصفها بأنها "قد تكون صعبة جداً". في الوقت نفسه تؤكد استعدادها لإيجاد حلول وسط، ولكن مع الالتزام بالشروط التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الصيف الماضي.

وحدد بوتين في يونيو الماضي شروط تسوية الصراع، والتي تشمل من بين أمور أخرى، انسحاب القوات الأوكرانية من 4 مناطق "دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيا"، واستبعاد كييف من الانضمام إلى حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، ورفع جميع العقوبات المفروضة على موسكو، والتزام أوكرانيا بعدم امتلاك أسلحة نووية.

لكن هناك من يرى أن ما تحدث عنه ترمب "مجرد كلام روّجه خلال حملته الانتخابية"، فيما نشرت مجلة "الإيكونوميست"، في نهاية نوفمبر الماضي، توقعات تفيد بأن الضغوط على السلطات الأوكرانية الداعية إلى مفاوضات السلام ستزداد بشكل ملحوظ في عام 2025. ويعتقد مراقبون أن هذا سيحدث نتيجة لتراجع المساعدات العسكرية الغربية.

في سياق إمكانية انتهاء الحرب ومبادرة ترمب بشأن التفاوض مع كييف، توقع المحلل السياسي الروسي يجفيني سيدروف، أن "العام المقبل لن يشهد خفضاً للتصعيد"، وأضاف سيدروف في تصريحات لـ"الشرق": "دون شك، لن يشهد العام المقبل خفضاً للتصعيد، بما فيه العسكري"، معتبراً أن "جميع الأمور مرتبطة بالعروض التي ستقدم من إدارة ترمب الجديدة لحل الأزمة".

وأشار إلى أنه "في حال كانت هذه المقترحات تناسب القيادة في روسيا، حينها من الممكن الحديث عن التفاصيل. وحتى اللحظة لا يوجد أي شيء محدد، رغم أن العديد من الدول، تُعرض نفسها كوسيط أو منصة، لكن كما ذكرت الأمر غير واضح حتى اللحظة".