في سباق دبلوماسي محموم يُسبق لحظة اللقاء المُرتقبة، كثّف زعيم نظام كييف «فولوديمير زيلينسكي»، تحركاته على أكثر من مسار، حاصدًا دعمًا أوروبيًا وكنديًا لافتًا، في محاولة لتعزيز موقعه التفاوضي قبل جلوسه إلى طاولة المحادثات مع الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، وسط رهانات سياسية كبرى وحسابات دولية مُعقّدة قد ترسم ملامح المرحلة المُقبلة من الأزمة الأوكرانية.
جاءت الاتصالات المُكثفة التي أجراها «زيلينسكي» مع عدد من القادة الأوروبيين، إلى جانب التنسيق الوثيق مع «أوتاوا»، لتعكس حرص «كييف» على توحيد المواقف الغربية قبل اللقاء مع «واشنطن»، في وقت تتزايد فيه الضغوط لإيجاد مسار تفاوضي يُنهي الصراع. ويعوّل «الجانب الأوكراني» على هذا الدعم السياسي والدبلوماسي في تثبيت مطالبه الأساسية، خصوصًا ما يتعلق بالضمانات الأمنية ومستقبل الدعم الغربي، وسط مخاوف من أي تحوّلات مُحتملة في «الموقف الأمريكي» خلال المرحلة المُقبلة.

وتلقى «زيلينسكي»، دعمًا قويًا من الأوروبيين وكندا، وذلك خلال توقفه في مدينة «هاليفاكس» الكندية، أمس السبت، بينما كان في طريقه إلى فلوريدا لعقد اجتماعه المُرتقب مع «ترامب»، حسبما أفادت «فرانس برس».
كانت «روسيا»، قد شنَّت في الساعات الأولى من صباح الأمس، وقبيل انطلاق «زيلينسكي» في رحلته إلى كندا والولايات المتحدة، ضربات مُكثَّفة استهدفت العاصمة «كييف ومُحيطها، ما أسفر عن مقتل شخصين.
واعتبر زيلينسكي، أن الهجوم الروسي على كييف يُظهر أن «روسيا لا تُريد إنهاء الحرب».
عقد زيلينسكي في كندا اجتماعًا عبر الفيديو مع قادة أوروبيين، ندد خلاله الرئيس الفرنسي، «إيمانويل ماكرون»، بالموجة الجديدة من الضربات الروسية التي رأى فيها تناقضًا صارخًا بين رغبة أوكرانيا في بناء سلام دائم، وإصرار روسيا على إطالة أمد الحرب.
وأكَّد المستشار الألماني، «فريدريش ميرز»، أن زيلينسكي يحظى بـ «الدعم الكامل» من القادة الأوروبيين وكندا قبيل لقائه المقرر في اليوم التالي مع الرئيس الأمريكي.
وذكّر «ميرز»، أن جهود الأوروبيين وكندا من أجل سلام دائم وعادل في أوكرانيا، سيتم تنفيذها بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة.
أما رئيسة المفوضية الأوروبية، «أورسولا فون دير لاين»، فشددت، عبر منصة «إكس»، عقب اللقاء بين زيلينسكي والقادة الأوروبيين، على ضرورة أن يكون السلام عادلًا ودائمًا، ويصون سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
ورأى رئيس الوزراء الكندي، «مارك كارني»، أثناء استقباله زيلينسكي في نوفا سكوتيا، أن تحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا «أمر مُمكن»، لكنه شدّد على أن هذا يتطلب استعدادًا روسيًا للتعاون، مُدينًا همجية الضربات الروسية على العاصمة الأوكرانية.
من المُتوقع، أن تُركِّز محادثات الرئيسين الأوكراني والأمريكي على «المسائل الحساسة المُتمثلة في مصير منطقة دونباس الأوكرانية، والضمانات الأمنية الغربية لكييف»، في إطار المفاوضات المتعلقة بالخطة الأمريكية الرامية إلى إنهاء الحرب المُستمرة منذ (4 سنوات) مع روسيا.
يأتي هذا بعد استهداف «روسيا»، أمس السبت، لأوكرانيا بأكثر من (519) مُسيّرة أسقط (474) منها، و(40) صاروخًا أسقط (29) منها، وأسفرت هذه الضربات، التي استهدفت كسابقاتها البنى التحتية للطاقة، عن مقتل شخصين وإصابة نحو أربعين في كييف ومُحيطها، حسبما أفادت السُلطات المحلية.
وبينما تتقاطع المصالح وتتعقّد الحسابات الدولية، يبقى لقاء «زيلينسكي وترامب» محطة مفصلية قد تُحدّد اتجاه البوصلة السياسية للأزمة الأوكرانية. فالدعم الأوروبي والكندي يمنح كييف هامشًا أوسع للمناورة، لكنه لا يُبدّد حجم الرهانات ولا يُقلّل من ثِقَل القرارات المُنتظرة، في وقت يترقّب فيه العالم ما إذا كانت هذه التحركات الدبلوماسية ستنجح في فتح نافذة حقيقية نحو تسوية، أم ستظل مُجرّد أوراق ضغط في صراع لم تنضج بعد ملامح نهايته.