تواصلت في تونس حالة الجدل السياسي والأمني حول اتفاقية التعاون الدفاعي بين تونس والجزائر، بعد ظهور تسريبات لبعض بنودها على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار مخاوف داخلية وتساؤلات حول مدى احترام السيادة الوطنية.
ووسط هذا الجدل، أكّد وزير الدفاع الوطني التونسي خالد السهيلي أن الاتفاقية ليست جديدة، بل تم توقيعها عام 2001، وتمت مراجعتها لتوسيع مجالات التعاون بما يتوافق مع المستجدات الحالية، خصوصاً في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وتأمين الحدود المشتركة بين البلدين. وأشار المسؤول التونسي إلى محاولات بعض الأطراف توظيف الاتفاقية لبث الإشاعات، مؤكداً أن أي تكثيف للتعاون لا يعني المساس بالسيادة الوطنية.

لكن هذا التوضيح لم يوقف الانتقادات، حيث طالبت أوساط المعارضة في تونس بنشر النص الكامل للاتفاقية للرأي العام، لتمكين المواطنين من فهم محتواها وآليات تطبيقها، وتفادي الفراغ المعلوماتي الذي أدى إلى توتر سياسي متصاعد. وفي هذا السياق، أوضح القيادي في حزب التيار الديمقراطي التونسي مجدي الكرباعي أن "التعاون الدفاعي بين دولتين جارتيّن مثل تونس والجزائر ليس أمراً استثنائياً، إلا أن إدارته سياسياً وقانونياً داخل تونس تثير القلق، خاصة في ظل ضعف الرقابة البرلمانية وغياب الشفافية المؤسساتية".
وأضاف الكرباعي أن عدم نشر الاتفاقية للنقاش المؤسساتي يخلق مخاوف مشروعة حول حدود السيادة الوطنية وطبيعة تبادل المعلومات، وضمانات حقوقية محتملة، لا سيما ما يتعلق بالمعارضين السياسيين واللاجئين. وأوضح أن التأثير الفعلي للاتفاقية على الوضع الداخلي في تونس "سياسي أكثر منه أمني في المرحلة الحالية"، مشيراً إلى أن الأمن لا يُبنى فقط بالتنسيق بين الأجهزة، بل بثقة المواطنين التي تتحقق من خلال الوضوح والشفافية والمحاسبة.
من جهته، نفى الرئيس التونسي قيس سعيد صحة الوثائق المتداولة، واصفاً إياها بأنها "مفتعلة ولا وجود لها إلا في الخيال المريض"، مؤكداً أن الدولة لا تُدار وفق تسريبات غير مؤكدة، وأن الأطراف التي قامت بفبركتها "مكشوفة ومفضوحة".
بدوره، اعتبر المحلل السياسي الجزائري صابر البليدي أن الجدل في تونس حول الاتفاقية يعكس استقطاباً داخلياً يمتد إلى أبعاد إقليمية، مؤكداً أن الاتفاق العسكري والأمني بين البلدين طبيعي ومنطقي، وأن استغلال التسريبات لإثارة الرأي العام "يهدد موقع التعاون المكثف بين تونس والجزائر في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية".
وشهدت العلاقات بين تونس والجزائر مؤخراً تقارباً كبيراً، في ظل تحديات أمنية متزايدة تشمل الوضع في ليبيا وتوترات مالي، حيث تسعى الدولتان إلى تعزيز التعاون لمواجهة الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة عبر الحدود المشتركة.