آراء وأقلام

سمير عطا الله يكتب: درب السلام

السبت 27 ديسمبر 2025 - 02:17 ص
الأمصار

سألني الزميل عماد الدين أديب في مقابلة من إبداعاته، ما هو الحل في هذا المأزق العربي؟

 

أجبت دون تفكير «العلم». هذا الرأي ردَّده قبلي الألوف من أهل العلم، بينما لم أحصّل في العلوم حتى الآن سوى الصفر وما دونه. عقل أدبي خمول كسول تستعصي عليه الأرقام وألغازها وعبقرياتها. وقد دخل أهل اليابسة عصر الذكاء الاصطناعي وأصبحوا يعيشون في مراحله المتقدمة، وأنا لا أزال أحاول التقرب من أبجديات ابن سينا.

أعرف جيداً أنني أنتمي إلى واحدة من إحدى حضارات هذا الكون. وكل ما تجب معرفته عن الأندلس وبيت الحكمة في بغداد. لكن لا شيء عن المربع والمكعب والعشر والجبر والكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء.

وهذه ليست سخرية من النفس، بل تأنيب لها.

يعدُّ النظام التعليمي في فنلندا اليوم الأهم في العالم. وسر مكانته الأول حرية الاختيار أمام الطالب. ففي إمكانه ليس فقط اختيار المادة التي يرتاح إليها، بل حتى مواعيد الدوام التي تساعده على استيعاب أفضل. تحررت دول كثيرة من أنظمة التعليم القديمة. وألغت فرنسا من برامجها بعض أهم شعرائها. وينصرف فريق مختص في صحيفة «لو موند» إلى وضع نشرة شهرية حول تغير معاني الكلمات، خصوصاً في حال الترجمة من الإنجليزية.

يشكو كتّاب بارزون في مصر من تهافت النظام التعليمي وأثر ذلك على الأجيال. ويعودون دائماً إلى التذكير بأنها هي الدولة التي كان وزير المعارف فيها طه حسين. نعم، العلم هو الحل منذ تكون الأيام وما قبلها. لقد كانت العلوم العربية والفلسفة اليونانية مركز أهم تلاقٍ علمي بين الشعوب. هل يجوز أن يكون في مصر اليوم عالم واحد يحمل نوبل؟

هذا هو التحدي الأكبر في الصراع مع إسرائيل، أو في الصراع في سبيل حياة أفضل لشعوبنا. العالم يتقدم في سرعة تفوق إيقاعنا بمئات السنين. ولم يعد مقبولاً أن نظل جاهلية العصر العلمي.

صراعنا الأهم ليس مع إسرائيل، الدولة الأوروبية التي أُقيمت ما بين الصحراء والمتوسط، بل مع أنفسنا. مع علامات الفقر والتخلف والعوز. تمتلئ المنطقة جوائز أدبية وشعرية معظمها جميل أو رائع. ولكن يتمنى المرء، بين حين وآخر، ظهور جائزة في الطب أو الهندسة أو الري الذي أبدع فيه الأندلس منذ روعة تلك الأيام.


 

(نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط)