دراسات وأبحاث

إسرائيل في 2025.. عام الانقسامات الداخلية والضغوط الدولية قبل الانتخابات الحاسمة

السبت 27 ديسمبر 2025 - 12:14 ص
مصطفى سيد
الأمصار

دخلت إسرائيل عام 2025 محاطة بتحديات داخلية وخارجية هائلة، فيما يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره عام انتخابي حاسم بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

 فبعد أن هدأت المعارك العسكرية مؤقتًا، بدأت الخلافات الداخلية تتصاعد بين أحزاب الحكومة والمعارضة، وسط أزمة ثقة كبيرة في الطبقة السياسية والأمنية، وتراجع الصورة الدولية للدولة العبرية نتيجة التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب المستمرة.

ويشير المحللون السياسيون إلى أن هذه التوترات ستترك أثرها على عام 2026، وربما تقود إلى انتخابات مبكرة إذا لم يتم التوصل إلى تسويات داخلية، أو إيجاد حلول للخلافات القائمة بين نتنياهو والأحزاب الدينية في الحكومة.

الانتخابات والضغوط الداخلية

بدأ العام الانتخابي في أكتوبر/تشرين الأول 2025، حيث بات واضحًا أن الصراع على السلطة سيكون حادًا بين حكومة نتنياهو المعنية بالاحتفاظ بالسلطة، والمعارضة التي تسعى لإزاحته.

شهد العام الأول من 2025 تطورين بارزين:

طلب نتنياهو العفو الرسمي من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عن تهم الفساد الموجهة إليه، وهو أمر أثار جدلاً واسعًا.

انسحاب حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" الدينيين من الحكومة، ما أدى إلى إضعاف موقف نتنياهو السياسي، خصوصًا في ظل خلافه مع الأحزاب الدينية حول قانون التجنيد.

ويحذر المراقبون من أن استمرار هذا الخلاف قد يجعل تشكيل حكومة جديدة أمرًا صعبًا، وربما يؤدي إلى تأجيل الانتخابات إلى يونيو/حزيران 2026 بدلاً من أكتوبر/تشرين الأول، ما يخلق حالة من عدم اليقين السياسي.

وتثير مسألة منح نتنياهو العفو جدلاً واسعًا بين الحكومة والمعارضة، حيث تصر الأخيرة على رفض العفو ما لم يقر نتنياهو بذنبه ويعلن انسحابه من الحياة السياسية. 

ومن جانبه، أكد نتنياهو رفضه القاطع لأي شروط من هذا النوع، ما يجعل الأزمة القضائية والسياسية في إسرائيل أكثر تعقيدًا.

تراجع الثقة في الطبقة السياسية والأمنية

وشهد العام 2025 تراجعًا ملحوظًا في ثقة المجتمع الإسرائيلي في حكومته وأجهزته الأمنية.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن جزءًا كبيرًا من المواطنين يرى أن القرارات السياسية والأمنية لا تستند إلى المهنية، بل إلى الاعتبارات المتعلقة بالبقاء في الحكم.

وتجلى ذلك في:

الخلافات مع رئيس جهاز الأمن العام السابق "الشاباك" رونين بار.

النزاع مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.

التوترات بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير.

محاولات تمرير قانون التجنيد الذي يمنح إعفاءات للخدمة العسكرية للمتدينين "الحريديم".

كما تعرض وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المسؤول عن جهاز الشرطة، لانتقادات حادة بسبب أداء وزارته، ما يعكس حالة الاحتقان المتزايدة في المجتمع الإسرائيلي.

الضغط الدولي وتآكل المكانة العالمية

لم يقتصر تأثير الحرب والصراعات الداخلية على الشأن المحلي فحسب، بل امتد ليطال صورة إسرائيل على المستوى الدولي.

شهدت إسرائيل عام 2025:

مظاهرات عالمية تدين سياساتها تجاه الفلسطينيين.

اعتراف عشر دول، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، بالدولة الفلسطينية، وتعزيز التأييد الدولي لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

وأظهر تقرير أعدته لجنة رؤساء الجامعات ارتفاعًا كبيرًا في حالات المقاطعة الأكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية، حيث تجاوزت الألف حالة، معظمها في أوروبا، خصوصًا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وامتدت المقاطعة لتشمل المؤسسات الأكاديمية الكبرى، بما في ذلك المشاركة في برامج البحث الدولية مثل "هورايزون أوروبا"، حيث تم استبعاد نحو 20 شراكة إسرائيلية ممولة، معظمها في إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا.

كما حذر التقرير من تزايد العزلة الأكاديمية والإعلامية لإسرائيل، الأمر الذي يشكل تهديدًا استراتيجيًا لمكانتها الدولية، ويضعها أمام تحديات كبيرة على مستوى التعليم والبحث العلمي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، استنزفت الحرب موارد إسرائيل بشكل كبير، إذ تم تخصيص ميزانية إضافية بمليارات الشواكل عام 2025 لتغطية النفقات العسكرية والأمنية.

ورغم ذلك، فقد شهد الاقتصاد الإسرائيلي تراجعًا واضحًا:

انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9% في الربع الثاني من 2025، مقارنة بانكماش 4% في القراءة السابقة.

انخفاض استهلاك الأسر بنسبة 4.8%، وانكماش الإنفاق الحكومي بنسبة 1%.

تراجع تكوين رأس المال الثابت بنسبة 12.8%، مع انخفاض صادرات السلع والخدمات بنسبة 5.7% مقابل ارتفاع الواردات بنسبة 1.1%.

وعلى الرغم من هذه التحديات، نما الناتج المحلي الإجمالي على أساس نصف سنوي بنسبة 0.9% مقارنة بالنصف الأول من 2024، ما يعكس محاولات الحكومة تجاوز الأزمات الاقتصادية.

ملخص التحديات الإسرائيلية لعام 2025

صراعات سياسية داخلية حادة بين نتنياهو والمعارضة والأحزاب الدينية.

أزمة قضائية متعلقة بطلب العفو للفساد ورفض المعارضة له.

تراجع الثقة الشعبية في الطبقة السياسية والأجهزة الأمنية.

تآكل الصورة الدولية والمقاطعة الأكاديمية على نطاق واسع.

ضغوط اقتصادية نتيجة الحرب وارتفاع العجز المالي وانكماش الناتج المحلي.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2026:

استمرار حالة التوتر السياسي الداخلي، وربما الدعوة إلى انتخابات مبكرة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية بين الحكومة والأحزاب الدينية.

تحديات كبيرة على المستوى الدولي بسبب استمرار المقاطعة الأكاديمية وتراجع الدعم الدبلوماسي، ما قد يضغط على إسرائيل في السياسة الخارجية.

استمرار الضغوط الاقتصادية التي قد تؤدي إلى زيادة العجز المالي وتباطؤ النمو، خاصة في حال استمرار الصراعات الداخلية.

شكل عام 2025 في إسرائيل مرحلة حرجة قبل عام الانتخابات، حيث تصاعدت الانقسامات الداخلية، وتآكلت الثقة الشعبية والدولية، وتعرض الاقتصاد لضغوط كبيرة. 

وهذه العوامل مجتمعة تجعل عام 2026 عامًا حاسمًا للقرار السياسي في إسرائيل، مع احتمالية حدوث تغييرات جوهرية في القيادة والخيارات الاستراتيجية للدولة.

ويظل السؤال الأكبر: هل ستنجح الحكومة الحالية في احتواء الانقسامات الداخلية، واستعادة مكانتها الدولية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، أم أن إسرائيل ستدخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي قبل الانتخابات المقبلة.