الخليج العربي

اتفاقية بقيمة 4.1 مليارات دولار بين الكويت والصين لبناء ميناء مبارك

الخميس 25 ديسمبر 2025 - 11:17 ص
نرمين عزت
الأمصار

في خطوة استراتيجية تعكس توجه الكويت نحو تنويع اقتصادها، وتعزيز موقعها كمركز تجاري إقليمي عالمي، وقّعت اتفاقية ضخمة مع شركة الاتصالات والبناء الصينية (CCCC) لإكمال بناء ميناء مبارك الكبير بقيمة 4.1 مليارات دولار.

رؤية الكويت 2035

تمثل هذه الاتفاقية علامة فارقة في جهود الكويت المتسارعة لتحقيق رؤيتها الاقتصادية الطموحة بحلول 2035، وتؤكد أن الصين أصبحت شريكاً استراتيجياً رئيسياً في إعادة تشكيل البنية التحتية للدولة الخليجية.

 

تنبع حاجة الكويت الملحة إلى هذا التنويع من واقع اقتصادي محدود التنوع: فالنفط يشكل نحو 90 في المئة من إيرادات الحكومة، وأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي. وقد انعكس هذا الاعتماد الشديد على أسعار النفط المتقلبة في عام 2024، عندما انكمش الاقتصاد بنسبة 2.6 في المئة، بسبب قيود الإنتاج التي فرضتها "أوبك+" على نفسها.

 

لكن الأفق الاقتصادي بدأ يتحسّن. فقد توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الكويتي بنسبة 2.6 في المئة خلال عام 2025، مع تسارع النمو إلى 3.8 في المئة في 2026 بفضل تراجع قيود الإنتاج النفطي والنمو القوي في القطاعات غير النفطية. وتوقع الصندوق للقطاع غير النفطي أن ينمو بمعدل 2.7 في المئة في 2025، وبـ 3.0 في المئة في 2026.

 

ميناء مبارك الكبير: الأبعاد والقدرات

يقع ميناء مبارك الكبير على جزيرة بوبيان في شمالي الكويت، ويمثل أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في الشرق الأوسط. وعند إكماله، سيضم الميناء 24 رصيفَ شحن، بقدرة استيعابية تبلغ 8.1 ملايين حاوية معيارية (TEU)، مما يجعله قادراً على التعامل مع السفن الضخمة والحديثة بطريقة فعالة.

 

أكملت الكويت المرحلة الأولى من المشروع في 2021 بـ 4 أرصفة، وبلغت نسبة إنجاز المرحلة الأولى نحو 50 في المئة. والآن، من المتوقع أن يصبح الميناء كاملاً وعاملاً بكامل طاقته بحلول نهاية عام 2026.

 

تتمتع هذه المنشأة بميزة تنافسية واضحة على الموانئ الكويتية الأخرى (سفيرة الشويخ والدعية والشعيبة)، حيث يتمتع بأعمق الأرصفة في الكويت، مما يسمح باستقبال السفن الأكبر والأكثر احتمالاً لتحمل حمولات أثقل. وسيكون محطة رئيسية للتعامل مع البضائع السائبة والحاويات ومعدات النقل الثقيلة والآلات الصناعية.

 

يحتل الميناء موقعاً جغرافياً استراتيجياً استثنائياً، على نقطة التقاء آسيا الوسطى وشرقي آسيا من جهة، والخليج العربي من جهة أخرى، ما يجعله بوابة طبيعية لتسهيل التبادل التجاري الإقليمي والعالمي. والميناء مصمم للارتباط بشبكة السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي وميناء غوادر الباكستاني.

 

تجسد هذه الاتفاقية تطوراً مهماً في العلاقات الصينية-الكويتية. فقد كانت الكويت أول دولة خليجية تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في 2014، وأصبحت الصين شريك الكويت التجاري الأول لسبع سنوات متتالية.

 

بلغ الحجم التجاري بين البلدين نحو 16 مليار دولار في 2024، حيث صدّرت الكويت إلى الصين ما قيمته 11.47 مليار دولار، أغلبها من النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية. والصين تشكل حالياً ثاني أكبر مستثمر في الاقتصاد الكويتي. وتعمقت الشراكة تدريجياً بما يتجاوز قطاع الهيدروكربونات. فقد وقّعت الدولتان سبع مذكرات تفاهم عام 2023 لتغطي مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة والإسكان ومعالجة المياه والطاقة. وفي أغسطس 2025، استعرضت اللجنة الوزارية الكويتية 22 مشروع تنمية، وقّعت حديثاً مع الصين.

 

يُضاف إلى ذلك أن التعاون تجاوز المجال الاقتصادي ليشمل الجوانب الدفاعية والعسكرية. فقد بدأت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة عام 2019، واتفقتا أخيراً عام 2025 على فتح مصنع ذخيرة مشترك في الكويت.

 

وتُعتبر شركة الاتصالات والبناء الصينية (CCCC) من أكبر شركات مقاولات البنية التحتية في العالم. وهي شركة مملوكة للدولة الصينية بأغلبية أسهمها، وحاضرة في قائمة فوربس للشركات الـ 500 العالمية. تتخصص الشركة في تصميم وبناء وتشغيل مشاريع البنية التحتية الكبرى، بما فيها الطرق السريعة والسكك الحديدية والمطارات والموانئ البحرية.

 

وقد قادت CCCC عدداً من المشاريع البارزة تحت مظلة مبادرة الحزام والطريق. فمثلاً، شيّدت ميناء هامبانتوتا الدولي في سريلانكا، وشاركت في تطوير ميناء غوادر الاستراتيجي في باكستان. وأشار نائب المدير العام للشركة، تشن تشونغ، إلى أن مشروع ميناء مبارك الكبير سيكون "أول مشروع ميناء للشركة في الشرق الأوسط مبني جزئياً وفقاً للمعايير الصينية"، مما يعكس رغبة الشركة في تطبيق معاييرها العالية في المنطقة.