دراسات وأبحاث

بعد مصرعه في حادث طائرة بأنقرة.. من هو رئيس أركان المجلس الرئاسي الليبي؟

الأربعاء 24 ديسمبر 2025 - 03:14 م
هايدي سيد
الأمصار

أعاد حادث سقوط طائرة فوق العاصمة التركية أنقرة اسم الفريق أول ركن محمد علي الحداد إلى واجهة الأحداث في ليبيا، بعد إعلان حكومة الوحدة الوطنية الليبية عن مصرعه.

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، في بيان رسمي مساء الأربعاء 24 ديسمبر/كانون الأول 2025، أن الحادث أودى بحياة الفريق أول ركن محمد الحداد رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، بعد فقدان الاتصال بطائرته أثناء تحليقها فوق أجواء أنقرة، العاصمة التركية.

وأضاف الدبيبة أن الحداد كان يرافقه عدد من كبار مسؤولي الجيش، بالإضافة إلى مجموعة من المدنيين والمسؤولين العسكريين الآخرين، مما يجعل الحادث خسارة فادحة للمؤسسة العسكرية الليبية.

من هو الفريق أول ركن محمد الحداد؟

يعد الفريق أول ركن محمد علي الحداد أحد أبرز القادة العسكريين في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، وواحدًا من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في مسار توحيد الجيش الليبي بعد سنوات طويلة من الانقسام والصراع المسلح. 

تولى الحداد منصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي منذ عام 2021، بقرار من المجلس الرئاسي، عقب ترقيته إلى رتبة فريق أول ركن، وهو منصب بارز يضعه على رأس القيادة العسكرية في البلاد.


قبل توليه رئاسة الأركان، شغل الحداد منصب آمر المنطقة الدفاعية الوسطى وعضوًا في الغرفة العسكرية المشتركة بالمنطقة الغربية، ما منحه خبرة واسعة في التنسيق العسكري بين المناطق المختلفة ومواجهة التحديات الأمنية في البلاد.


مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية
بعد تعيينه رئيسًا للأركان، كُلف الحداد بالإشراف على جهود توحيد المؤسسة العسكرية وإنهاء حالة الانقسام التي عانت منها ليبيا منذ سنوات طويلة، خصوصًا بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وشارك الحداد بفاعلية في أعمال اللجنة العسكرية المشتركة “5+5”، التي جمعت ممثلين عن القوات في شرق وغرب ليبيا، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة فتح الطرق، وإطلاق مسار بناء الثقة بين الأطراف المختلفة. 

كما عمل على دراسة الترتيبات الأمنية وإعادة هيكلة الجيش الليبي بما يتوافق مع توجهات الدولة لتأسيس مؤسسة عسكرية موحدة وفعّالة.


لقاءات وتحركات دولية وإقليمية
لعب الحداد دورًا محوريًا على الصعيد الإقليمي والدولي، حيث جمعته علاقات عسكرية مع دول عدة لدعم مساعي توحيد الجيش الليبي وتعزيز أمن الحدود. من أبرز هذه العلاقات كانت مع تركيا، التي تعد من أبرز شركاء ليبيا العسكريين في السنوات الأخيرة، خصوصًا في مجالات التدريب والتعاون العسكري.


كما وقع الحداد اتفاقًا عسكريًا مع إيطاليا في مارس/آذار 2023، يتعلق بتدريب القوات الخاصة الليبية على أعلى المستويات، في خطوة اعتبرها محللون استراتيجية لدعم توحيد الجيش وبناء قدرات وطنية متقدمة.

 بالإضافة إلى ذلك، التقى الحداد في يوليو/تموز 2024 بقيادات من القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، بهدف البحث في سبل دعم ليبيا على صعيد الاستقرار العسكري وتطوير قواتها المسلحة.


وشهدت الفترة الأخيرة أيضًا سلسلة لقاءات مع الفريق أول عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان الجيش الليبي التابع للقيادة العامة في شرق ليبيا، برعاية إقليمية ودولية، شملت اجتماعات مهمة في كل من القاهرة وروما، ركزت على التأكيد على وحدة الأراضي الليبية، وتشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود، ودعم جهود بناء الثقة بين الأطراف العسكرية المختلفة.


تداعيات الحادث على الوضع الأمني والسياسي


أثار حادث سقوط الطائرة، الذي أدى إلى مصرع الحداد، قلقًا كبيرًا على الساحة الليبية، نظرًا للدور المحوري الذي كان يلعبه في توحيد المؤسسة العسكرية وتهدئة التوترات بين الميليشيات والقوات النظامية.

 كما أن فقدان رئيس الأركان قد يفتح باب التكهنات حول التحديات المقبلة على صعيد الأمن والاستقرار في البلاد، خاصة في ظل عدم اكتمال المسار السياسي وانتظار الانتخابات القادمة التي تواجه جمودًا سياسيًا مستمرًا.


من جانبه، أعلن وزير الداخلية التركي وصول السلطات إلى حطام الطائرة التي كانت تقل رئيس الأركان الليبي، مؤكدًا أن التحقيقات ستكشف أسباب الحادث في أسرع وقت ممكن، وسط متابعة دولية دقيقة لما يحدث.

 وأفادت مصادر مطلعة بأن الطائرة كانت تقل خمسة ركاب من بينهم الحداد، مع مجموعة من المسؤولين العسكريين والمدنيين.


رؤية محللين واستجابة المجتمع الدولي
يرى محللون أن مصرع الحداد يمثل ضربة قوية لمحاولات توحيد الجيش الليبي، نظرًا لدوره المحوري في اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ومشاركته في اتفاقيات دولية عدة لدعم المؤسسة العسكرية.

 كما يُتوقع أن تؤثر هذه الحادثة على التحركات السياسية في البلاد، خصوصًا في سياق مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية قوية، قادرة على توجيه جهود الدولة نحو بناء مؤسسات مستقرة وموحدة.


من ناحية أخرى، أبدت دول إقليمية ودولية اهتمامًا بالغًا بالحادث، وسط ترقب لمعرفة تأثيره على استقرار ليبيا والأمن الإقليمي. ويأتي ذلك في وقت تحاول فيه حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بقيادة عبدالحميد الدبيبة، المضي قدمًا في تنفيذ خطوات إعادة هيكلة الجيش وتحقيق توافق سياسي بين مختلف الأطراف، وسط تحديات كبيرة على الأرض.

يمثل حادث سقوط طائرة الفريق أول ركن محمد الحداد في أنقرة محطة مأساوية في تاريخ ليبيا الحديث، إذ فقدت البلاد واحدًا من أبرز قادتها العسكريين الذين لعبوا دورًا محوريًا في مساعي توحيد الجيش وإعادة بناء الدولة بعد سنوات طويلة من الانقسام والصراع. ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات عاجلة من حكومة الوحدة الوطنية لتجاوز آثار هذا الحادث وضمان استمرار جهود توحيد المؤسسة العسكرية وتأمين استقرار البلاد.