بعد سنوات من الغموض والتحقيقات الشائكة، أُسدل «القضاء التونسي»، الستار على واحدة من أخطر قضايا الاغتيال، بإصدار أحكام بالسجن «المؤبد» بحق المُتهمين في اغتيال «محمد الزواري»، القيادي البارز في كتائب «القسام»، التابعة لحركة حماس.
وفي التفاصيل، أصدرت محكمة تونسية، يوم الثلاثاء، حُكمًا تاريخيًا في قضية اغتيال القيادي محمد الزواري، قضت فيه بالسجن «مدى الحياة» للمُتهمين.
كما قضت المحكمة بعقوبات سجن تتجاوز (100 عام) لكل واحد من الأحد عشر مُتهمًا، بينهم تونسيون وأجانب، جميعهم محالون بحالة فرار، وذلك إضافة إلى تُهم أخرى ذات طابع إرهابي.
وكان محمد الزواري المهندس التونسي الذي يعد من أبرز قادة كتائب القسام وأكثرهم تأثيرًا في تطوير القدرات العسكرية للمقاومة، قد اُغتيل بالرصاص أمام منزله في مدينة صفاقس جنوب تونس، في (15 ديسمبر 2016)، في عملية نُسبت إلى جهاز الموساد الإسرائيلي.
ولد الزواري في تونس عام 1967، ودرس هندسة الطيران في جامعة صفاقس، حيث حصل على درجة الماجستير، قبل أن يلتحق بصفوف المقاومة الفلسطينية بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000. وسرعان ما برز كعقل هندسي استراتيجي، إذ أشرف على تأسيس وحدة الطائرات المُسيّرة في كتائب القسام، وكان وراء تطوير طائرات مثل «أبابيل 1» التي اُستخدمت خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2014.
ولعل أهمية الزواري لم تكن تقتصر على مهاراته التقنية، بل هي في قدرته على تحويل المعرفة الهندسية إلى أداة مقاومة فعالة، ما جعله هدفًا مباشرًا للاستخبارات الإسرائيلية. وعقب اغتياله، أعلنت كتائب القسام عن شخصيته لأول مرة، واصفة إياه بـ«شهيد الطائرة المُسيّرة»، ومُؤكّدة أن اغتياله يعد «خسارة كبرى» للجناح العسكري لحركة حماس، بحسب بيانات الحركة.
رغم أن جميع المُتهمين في القضية لا يزالون فارين، فإن الحكم الصادر اليوم يعد من أبرز المحطات القضائية في ملف الاغتيال، الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط التونسية والعربية، خاصة في ظل المؤشرات الكبيرة التي تُشير إلى توّرط أجهزة استخبارات أجنبية، لا سيما «الموساد الإسرائيلي»، في التخطيط والتنفيذ.
في فلسطين، يعد «الزواري» اليوم رمزا للمقاومة التقنية، وقد كرمته كتائب «القسام» بتسمية طائرة مُسيّرة انتحارية وغواصة ذاتية القيادة باسمه، تخليدا لذكراه.
على صعيد آخر، في مشهد قضائي يعود إلى الواجهة من جديد، تُواصل قضية «أنستالينغو» إثارة الجدل في «تونس»، حيث قررت المحكمة تأجيل النظر في الملف، مع الإبقاء على المتهمين خلف القضبان دون استجابة لأي طلبات إفراج.