قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه اهتمامه إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بدلًا من الاستمرار في إطلاق تهديدات سياسية وعسكرية ضد جمهورية فنزويلا البوليفارية، مؤكدًا أن واشنطن تواجه تحديات داخلية أكثر إلحاحًا من التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وجاءت تصريحات مادورو خلال خطاب متلفز بثته وسائل الإعلام الرسمية الفنزويلية، ردًا على تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي، تحدث فيها عن وجود أسطول بحري أمريكي “ضخم” يحيط بالسواحل الفنزويلية، ودعا خلالها القيادة في كاراكاس إلى التنحي عن الحكم، في تصعيد جديد يزيد من حدة التوتر بين البلدين.
وأكد الرئيس الفنزويلي أن تركيز ترامب المتكرر على فنزويلا وصفه بـ«غير المعقول»، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي يخصص جزءًا كبيرًا من خطاباته وتصريحاته للشأن الفنزويلي، في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من أزمات داخلية حادة، تشمل نقص المساكن، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفجوة الاجتماعية، فضلًا عن تحديات اقتصادية تتطلب حلولًا عاجلة.
وأضاف مادورو أن معالجة هذه الملفات الداخلية كانت ستسهم، بحسب تعبيره، في تحسين صورة الولايات المتحدة وتعزيز علاقاتها مع دول العالم، بدلًا من انتهاج سياسة التصعيد والضغط وخلق بؤر توتر جديدة على الساحة الدولية. وشدد على أن بلاده ترفض أي شكل من أشكال التهديد أو الوصاية، مؤكدًا تمسك فنزويلا بسيادتها وحقها في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي.
واتهم الرئيس الفنزويلي الإدارة الأمريكية بمحاولة ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية على بلاده عبر ملف النفط، معتبرًا أن العقوبات والإجراءات الأمريكية تهدف إلى خنق الاقتصاد الفنزويلي والتأثير على قراراته السيادية.
وأكد في هذا السياق أن فنزويلا قادرة على تجاوز المرحلة الراهنة، والخروج منها أكثر قوة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، باعتبارها دولة مستقلة تمتلك مواردها وإرادتها الوطنية.
وتشهد العلاقات بين واشنطن وكاراكاس توترًا متصاعدًا خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أغسطس الماضي، أمرًا تنفيذيًا يقضي بتوسيع دور الجيش الأمريكي في منطقة أمريكا اللاتينية، بذريعة مكافحة عصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، وهو ما اعتبرته فنزويلا ودول أخرى في المنطقة خطوة تهدد الاستقرار الإقليمي.
كما أقدمت الإدارة الأمريكية خلال الأيام الماضية على احتجاز ناقلتي نفط قبالة السواحل الفنزويلية، ضمن إجراءات مرتبطة بالعقوبات المفروضة على قطاع النفط الفنزويلي، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة من جانب الحكومة في كاراكاس، التي وصفت الخطوة بأنها انتهاك للقانون الدولي وحرية الملاحة.
وفي ظل هذا التصعيد، تؤكد الحكومة الفنزويلية أنها تواصل اتخاذ إجراءات داخلية لتعزيز تماسك الجبهة الوطنية، بما في ذلك الدعوة إلى التعبئة الشعبية، لمواجهة ما تصفه بمحاولات التدخل والضغط الخارجي، مشددة على أن أي حوار أو تسوية يجب أن تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وتعكس تصريحات مادورو استمرار حالة الشد والجذب بين فنزويلا والولايات المتحدة، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن يؤدي هذا التصعيد المتبادل إلى مزيد من التوتر في منطقة أمريكا اللاتينية، التي تشهد أصلًا تحديات سياسية واقتصادية معقدة.