جيران العرب

وقف الغاز الإيراني يفاقم أزمة الكهرباء ويضع العراق أمام تحديات طاقة

الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 - 06:04 م
هايدي سيد
الأمصار

وضعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحكومة في جمهورية العراق أمام مأزق طاقي جديد، بعد الإعلان عن التوقف الكامل لإمدادات الغاز الإيراني المصدّر إلى العراق، ما تسبب بخسائر كبيرة في إنتاج الطاقة الكهربائية، ودفع السلطات العراقية إلى تفعيل خطط طوارئ عاجلة لتقليل تداعيات الأزمة على المواطنين.


وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية، اليوم الثلاثاء، توقف ضخ الغاز الإيراني بشكل كامل، وهو ما انعكس بشكل مباشر على منظومة الكهرباء الوطنية. 

وقال أحمد موسى، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء العراقية، إن انقطاع الإمدادات أدى إلى فقدان ما بين 4000 و4500 ميغاواط من القدرة الإنتاجية، نتيجة توقف عدد من الوحدات التوليدية، إضافة إلى تقييد الأحمال في وحدات أخرى داخل محطات الإنتاج العاملة بالغاز.


وأوضح المتحدث العراقي أن هذا النقص المفاجئ في الوقود تسبب بضغط كبير على الشبكة الوطنية، مؤكدًا أن التأثير ظهر سريعًا على استقرار المنظومة الكهربائية وساعات التجهيز، لا سيما في ظل اعتماد عدد من المحطات الرئيسية على الغاز المستورد من إيران لتشغيلها بكفاءة.


وأشار موسى إلى أن الجانب الإيراني أبلغ وزارة الكهرباء العراقية، عبر برقية رسمية، بوقف ضخ الغاز بسبب ما وصفه بـ«ظروف طارئة»، دون تحديد جدول زمني واضح لاستئناف الإمدادات. 

وأضاف أن الوزارة تحركت فورًا لتفعيل خطط الطوارئ، واللجوء إلى استخدام الوقود البديل المتوفر محليًا، بالتنسيق مع وزارة النفط العراقية، بهدف ضمان استمرار تشغيل المحطات الحيوية وتقليل حجم الانقطاعات.


وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أن الإنتاج الكهربائي لا يزال “تحت السيطرة” رغم حجم الخسائر، موضحًا أن عدداً من المحطات مستمر بالعمل باستخدام أنواع وقود بديلة، وإن كان ذلك بكفاءة أقل مقارنة بالغاز. 

كما لفت إلى أن الوزارة كانت قد استعدت مسبقًا لذروة الأحمال الشتوية من خلال تنفيذ أعمال صيانة وتأهيل وتوسعة في عدد من محطات التوليد، ما ساعد جزئيًا في احتواء تداعيات الأزمة الحالية.


وأضاف أن التنسيق بين وزارة الكهرباء العراقية ووزارة النفط العراقية مستمر على مدار الساعة، لتوفير كميات إضافية من الوقود المحلي، إلى حين عودة ضخ الغاز المستورد، مشددًا على أن الحكومة تبذل أقصى الجهود الممكنة لتقليل تأثير الأزمة على المواطنين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.


ويعتمد العراق بشكل كبير على محطات إنتاج كهرباء حرارية وغازية تعمل بالنفط والغاز المحلي، إضافة إلى الغاز المستورد من إيران، لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك. ورغم الخطط الحكومية المعلنة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ملف الغاز، لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في هذا القطاع.


وبحسب بيانات البنك الدولي، يُصنّف العراق كثالث أكثر دولة في العالم إحراقًا للغاز المصاحب بعد روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث بلغ حجم الغاز المحروق خلال عام 2023 نحو 18 مليار متر مكعب. ويعكس هذا الرقم حجم التحدي الذي يواجهه العراق في استثمار موارده الطبيعية وتقليل اعتماده على الاستيراد الخارجي.


وتسلط أزمة توقف الغاز الإيراني الضوء مجددًا على هشاشة منظومة الطاقة في العراق، وأهمية الإسراع في تنفيذ مشاريع استثمار الغاز المصاحب، وتنويع مصادر الوقود، لضمان أمن الطاقة وتقليل التأثر بالمتغيرات الإقليمية والسياسية مستقبلاً.